تنور وقهوة على الطريق….

الوحدة: 14-1-2021

من منا لا تجذبه رائحة خبز التنور، والتي باتت تنتشر كمهنة تراثية تتقنها وتتفنن بها أغلب النساء الريفيات، حتى أنها باتت من المظاهر التراثية التي تتسم بها الطرقات العامة والمناطق الريفية وأصبحت مقصداً واستراحة  للعابرين، وغدت  مهنة صناعة خبز التنور والفطائر بأنواعها مصدر رزق أساسياً للعديد من العائلات ممن لا تملك مصدر دخل  لتأمين مستلزماتهم واحتياجاتهم اليومية، لكن هذه المهنة كغيرها من المهن اجتاحتها موجة الغلاء نتيجة الوضع الاقتصادي الذي نعيشه والذي انعكس بشكل سلبي على مزاوليها حتى أن البعض منهن اضطررن لإغلاق التنور الذي كان يشكل مصدر رزقهن لصعوبة تأمين مستلزماته الخاصة وبالأخص مادة الطحين والزيت التي تشهد أسعارها ارتفاعا جنونياً  يوماً بعد يوم، فكان مقصدنا الأول تنور الخالة أم أيمن التي قالت: بدأت هذه المهنة منذ أكثر من عشرين عاماً وكانت عوناً لي خلال السنوات السابقة على تعليم أبنائي خلال دراستهم الجامعية إلى جانب تأمين احتياجاتنا المعيشة، وأضافت: رزق الله أيام زمان قبل عدة سنوات كان كل شيء متوفراً وبين أيدينا أما الآن فيوماً عن يوم تزداد صعوبة تأمين مواد ومستلزمات صناعة المعجنات من زيت ودقيق وأكياس النايلون والورق وغيرها، فقد بتنا نجد صعوبة في تأمين حاجات التنور لأيام قليلة حتى لساعات بالإضافة إلى ارتفاع ثمنها الأمر الذي انعكس سلباً على ارتفاع أسعار الفطائر بأنواعها عشرات الأضعاف وحد من قلة إقبال المواطنين على شرائها بشكل ملحوظ خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها هذه الأيام، وأردفت القول أنه بالرغم من الصعوبات والتعب إلا أن حرارة التنور تبقى أفضل من الحاجة وتبقى مهنة تستر صاحبها من العوز والحاجة.

أما السيدة أم فواز صاحبة تنور على طريق عام الحفة فقد بدأت هذه المهنة بعد وفاة زوجها منذ أكثر من خمسة عشر عاما لإعانة أولادها وتأمين احتياجاتهم اليومية، وقبل شروق الشمس تبدأ رحلتها اليومية بعجن الطحين وتتركه ليتخمر وفي هذه الأثناء توقد التنور لتبدأ عملها اليومي بصناعة أنواع عديدة من خبز التنور وفطائر الفليفلة، والجبنة، والزعتر، والسلق وجميعها تتميز بطعمها اللذيذ خاصة أن نار الحطب تكسبها نكهة خاصة ورائحة  لامثيل لها والتي تجذب جميع العابرين لهذه الطريق  ولأهالي المنطقة، وأضافت: يزداد الإقبال على شراء هذه المعجنات خلال فصل الصيف  نتيجة ازدياد حركة السياحة والاصطياف  للذين يقصدون بلدة صلنفة وقالت  إن غلاء مختلف مستلزمات إنتاجها قلل من مردودها فقد باتت تحقق هامشاً قليلاً مقارنة بتكلفتها مشيرة إلى أن خبز التنور يبقى وسيلة كسب ومصدر رزق للعديد من النساء الريفيات يساعدهن على مواصلة حياتهن.

 أما السيدة أم محمود تقول اضطررت لإغلاق التنور الذي كنت أعمل فيه  لسنوات طويلة منذ أكثر من شهر وهو مصدر رزقي الوحيد فلا راتب ولا مصدر دخل آخر  لعدم قدرتي على تأمين مادة الطحين والذي تجاوز سعر الكيلو منه 1300 ليرة،  بالإضافة إلى ارتفاع سعر لتر الزيت والذي تجاوز 5000 ليرة إلى جانب المواد الأخرى، وأضافت: اختلفت الظروف وانقلبت رأساً على عقب فسابقا كان كل شيء متوفراً بيسر وسهولة وبشكل رخيص أما الآن فلم يعد بإمكاننا تأمين أبسط الحاجات لذلك نأمل أن تفرج علينا وتتبدل الأحوال نحو الأفضل.

إلى جانب هذه المهنة التراثية المتمثلة بالتنور فقد انتشرت أيضاً محال وأكشاك بيع القهوة بصورة لافتة خلال السنوات الماضية وأصبحت محطة بداية يومية ليوم الكثيرين.

يقول علي الدركون وهو صاحب أحد أكشاك القهوة على طريق عام الحفة: على الرغم من ارتفاع سعرها ماتزال تلقى إقبالاً ورواجاً من قبل سائقي التكاسي والسرافيس بالإضافة إلى الموظفين، فقد بات احتساء فنجان القهوة أمراً اعتيادياً للكثيرين وهو ما يبدؤون به يومهم خلال رحلة البحث عن  الرزق، وأضاف: هناك بعض السائقين يرتادونها يومياً عدة مرات خلال ساعات النهار لاحتساء فنجان القهوة بقصد الراحة وتعديل المزاج، مشيراً إلى أنه على الرغم من ازدياد عدد محال القهوة ما يزال لقهوته زبائنها الذين اعتادوا مذاقها الطيب لدرجة أنه بات يعرف طلب معظمهم فلا يضطرون للنزول من السيارة وإنما يجدون  طلبهم أمامهم دون عناء، وأشار إلى ارتفاع سعر فنجان القهوة الذي تجاوز 200 ليرة مرده غلاء المواد بشكل يومي قائلاً: ارتفع سعر كيلو البن من 15 ألفاً إلى 33 ألفاً ونتيجة ذلك اضطررنا لرفع سعر فنجان القهوة الذي تجاوز تكلفته 200 ليرة وبالرغم من ذلك لاتزال تشكل هامش ربح جيد ومصدر دخل للكثير من الشباب.

داليا حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار