(بقدرة قادر عايشين) أم رواد وإدارة عبقرية للنفقات خوفاً من الوصول لعجز في سبل الحياة

الوحدة 7-1-2021 

 في ظل ما يعانيه السوري نتيجة الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على وطننا, تعاني الأسرة السورية من تداعيات هذا الحصار, إذ انخفضت القيمة الشرائية لليرة السورية وأصبح الدخل على مستوياته المتعددة غير كاف وكعادتها المرأة السورية في المحن والأزمات اخترعت شتى الطرق للتكيف مع هذا الواقع الحرج, حيث قامت بإدارة عبقرية للنفقات بحيث تبقى معيشة الأسرة في حدودها المعقولة دون الوصول إلى عجز كبير في سبيل الحياة واستمرار الحياة، واستمرار الحياة الكريمة ولو بحدودها الدنيا لأن الأزمات دائماً تحتاج إلى نمط تفكير استثنائي، وهذا ليس بغريب عن المرأة السورية التي أدارت الأزمة على كل الصعد بكل اقتدار ومن منهجية عقلانية مميزة.

أم رواد مدبّرة منازل من ريف القرداحة, حاصلة على شهادة البكلوريا, تعمل في منازل خمس عائلات من اللاذقية على مدى خمسة أيام, متزوجة ولديها أربعة أولاد بنتان وصبيّان وزوجها يعمل أعمالاً حرّة، التقيناها لنسألها : كيف عايشين:

بدأت أم رواد قولها: لا أتكبر على نعمة لكي أدرّس أولادي أستيقظ في كل يوم الساعة الخامسة صباحاً لأنتقل من ريف القرداحة إلى البيوت التي أعمل بها, أحتاج إلى ثلاثة سرافيس لكي أصل إلى اللاذقية وأدفع مبلغاً قدره ألف ليرة كل يوم مواصلات, أتقاضى من كل بيت مبلغاً 4 آلاف ليرة سورية, أصل إلى البيوت الساعة السابعة والنصف وأدبّر حاجيات  المنازل للساعة الثانية والنصف, أصل إلى منزلي في الساعة الخامسة  أرتاح قليلاً وأعاود عملي في المنزل أتفقد حاجيات أولادي, وأرضي التي زرعتها وأعتاش منها ولكن الحريق لم يترك لي شجرة إلا وابتلعها فكنت قد زرعت جميع أنواع الخضروات بمواسمها الأربعة لكي أطعم أولادي وأصنع لهم المونة لكي لا أحتاج لشراء أي شيء, بدءاً من الزيتون وانتهاء بالبامة ومروراً بالفليفلة والبيتنجان ولولا المونة التي أزرعها وفي الصيف أزرع الدخان وأبيعه (كنا متنا من الجوع), أحتاج اليوم إلى ثلاثة ربطات خبز وأبو الأولاد يعمل أعمالاً حرّة بالألمنيوم, يعطّل ثلاثة أيام ويعمل يومين, يعمل في الألمنيوم والإسمنت والحال سيء وغلاء بالأسعار ( شغل تاني), وتتابع أم رواد قائلة: أحمل شهادة البكلوريا وعند انتهائي من عملي بالأرض, أدرّس أولادي الذين هم في الصفوف الإعدادية وابنتي الكبيرة من الأوائل وهذا العام ستقدّم على الشهادة الثانوية العلمية وتحتاج إلى أساتذة وتكلفني كل شهر 50 ألف ليرة سورية. وما تبقى من وقتٍ وهو ساعتان حتى أنام, أقوم بطهي الطعام, وأغسل على يدي لأن لا ماء ولا كهرباء, وغسالتي ليست أوتوماتيك. ( قدرة قادر عايشين) استغنينا عن الفواكه والحمدلله عندي أمام منزلي شجرة ليمون لم تحترق. أقطفها لأطعم أولادي منها. واللحمة سنة كاملة لم تدخل بيتنا, والحمدلله أولادي نباتيون, وأشتري فروجاً واحداً كل شهر ونصف أقسمه على خمس طبخات نتناولها. والحاجة أم الاختراع… والسوريات جبّارات. وفي كل يوم أستيقظ لكي أقول يارب ساعدني على إطعام أولادي. ولكي لا يحتاجون إلى أحد.

نور محمد حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار