الوحدة: 14- 12- 2020
اعتاد أن يجيب عن السؤال بسؤال فحياته علامات استفهام وتعجب لا تنتهي ولم يعرف عنه لون شعره أو طبيعة قلبه لأنه لم يفتح قلبه أبداً لأحد وظلّ حياته يدور في حلقات مفرغة لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد وحدث أن التقى مع الظل والماء فظلّ على ما كان عليه يلف ويدور ويدور ويدور حتى غاب الظل وغاض الماء، فاستوى على صخرة الحزن ليتناثر أشلاء فهو في النهاية من صلصال…
واعتادت هي ما اعتاده مع أنها لم تلتق به إلا بعد أن تساقطت أوراق الشجرة الخضراء وهي أيضاً عاشرت الأكاذيب حتى ابيضّ الأسود وأسودّ الأبيض وعادت تلهث وسراب الصبا مؤذن بالرحيل وهي لا تزال على ما كانت عليه تلف وتدور وعجلة الأيام تدور وتدور وتدور وعبثاً كانت تبحث في قمامة الوقت عن بقايا الأرقام التي سطرتها الأيدي التي فارقها الشباب فعمّن كانت تبحث في ردهات العمر ومن أجل أي شيء مفقود أضاعت حلم صباها الجميل.
وفي زاوية المقهى الذي جمع من افترق جلست إلى طاولة دائمة الاستدارة وأسندت ظهرها لجدار المكان ووضعت الجوال على وجه الطاولة شديد الاستواء كبحار يوضع بوصلته حتى يهتدي في ظلمة العباب ويعرف طريقه.
وجاء الآخر وجلس إلى مكان معاكس لمكانها ووضع الجوال على الطاولة الشبيهة والتقط جواله في أثناء البحث من خلال البلوتوث رقم جوالها وكبحار تائه يبحث عن جزيرة يأوي إليها وبفضول غريب أدار الرقم الظاهر عنده ودار حديث غريب بين كائنين متشابهين في أشياء كثيرة وظل يلف ويدور في حلقاته وأخذت تدور وتلف في مدارها مثل أي كوكبين تائهين في ظلمة الكون.
وعلى الرغم ما دار بينهما من أكاذيب كشفت لكل منهما إلى أية درجة هو يشبه صاحبه وعلى رغم الشعور المتبادل بينهما بأن كلّا منهما قد أنفق العمر في انتظار رؤية توءم الروح وعلى رغم رخامة صوته ودفء صوتها ومكاييل المديح والإعجاب التي تبادلاها وهما يرتشفان نفس القهوة في نفس المكان ومن يد نفس الساقي إلا أن كلاً منهما خاف أن يكتشف كذب الآخر فيقع في دوامة الآلام التي لا تنتهي وآثرا أن يفترقا ويغادرا ذلك المكان دون أن ينظر أي منهما إلى صاحبه فهما متوافقان في الطباع إلى درجة تبعث على الذهول ولكنهما كأي طرفي مغناطيس متشابهين فإنهما بالضرورة يتنافران وهما كأي خطين متوازيين لا يلتقيان مهما امتدا.
لمي معروف