الشاعرة والفنانة التشكيلية رنا محمود: رسالة الشاعر والفنان هي الإنسانية بكل معانيها

الوحدة: 13-12-2020

 

يقولون إن الشعر من أكثر التجارب والأفعال الإبداعية التي تختزل الكون في حيز صغير من الكلمات، فكيف إذا اقترن هذا الاختزال مع لمسات حانية من الفن التشكيلي كالرسم والنحت عند شاعرة ترسم الكلمات قصيدةً وتشكل الحروف لوحةً لتعلن بإبداع واضح عن ولادة نتاجات إبداعية مرسومة باللون والحرف بتناغم وانسجام يرسخ في عين المتلقي وسمعه بخطوات ومسار متوازٍ، فتتحقق بذلك متعة الفن وروعة القافية والنظم الشعري.. إنها الشاعرة رنا محمود التي كان لجريدة الوحدة ” اللقاء الآتي معها حول تجربتها الفنية والشعرية..

– بداية، كيف تعرّفين عن اسمك؟

بداخل كل منا طفل إما صامت أو مشاغب، والطفل المشاغب في أعماقي يكبر معي بالفطرة ولا يتركني، وهذا الشغب وظفته من خلال خبرتي وثقافتي الفنية بالكتابة والشعر والفن.

ولكل إنسان تجاربه في الحياة، ما بين حلو وآخر شديد المرارة، أما المدرسة الأولى في حياتي فهي (التجربة) فأنا إنسانة تجريبية، مغامرة أعشق الحياة، ولطالما كان التمرد مرافقاً لي، إنه التمرد الإيجابي كالطفل الذي يسأل ويبحث ويراقب في محاولة منه لفهم حياة الكبار.

في مجال الأدب: تجربتي الشعرية الأولى بعنوان: (صرخة أنثى) والثانية (الأرض بعض ظلي) وقمت بمشاركات شعرية عديدة بالمراكز الثقافية داخل اللاذقية – المحافظة التي أقيم فيها وخارجها- كدمشق وحمص وحماة والسلمية وطرطوس وجبلة وبانياس والأرياف.

أما في مجال الفن: لي تجارب فنية بالرسم والنحت عبر أعمال شاركت فيها بمعارض عديدة داخل وخارج القطر، ومن أهم أعمالي منحوتة (الملكة)، حيث حاولت أن أوصل رسالتي من خلالها، وأنا أعتبر الفن نتاجاً إبداعياً للإنسان سواء- كان لفظياً أم سمعياً أم بصرياً- لتعبر عن فكرة الفنان ويترجم أحاسيسه ومشاعره الصادقة برسالة واحدة وهي الإنسانية.

– حدثينا عن مشوارك الأدبي، وكيف كانت البداية وإلى أين وصلت حالياً؟

يمكنني القول بالبداية: إن الحروف هي التي كتبتني وبالفطرة عندما كنت في المرحلة الابتدائية عندما اكتشفني معلم الصف وسألني من يكتب لك ؟ حيث قال لي: إن أسلوبي في الكتابة أكبر من طاقاتك وعمرك، ومن هنا بدأت مرحلة البحث عن الذات، أخذت من القراءة نشاطاً ضرورياً بالمرحلة الإعدادية لأنهل منها الثقافة التي تصقل موهبتي، وإلى جانب الكتابة وجدت نفسي أميل إلى كل أنواع الفنون، وكانت لي نشاطات عديدة من خلال نشاطات الشبيبة بتلك الأيام، وشكّل المسرح هاجساً عندي أيضاً فكان لي تجربتي بالتمثيل، كما اكتشفت نفسي أيضاً بالرسم، حيث تعلمت فنون الرسم والحرق على الخشب والسيراميك وغيرها… ثم وجدت أن ميولي إنسانية فالإنسانية هي رسالة الشاعر والفنان بكل معانيها بعيداً عن الدين والعرق والطبقية وكسر الحواجز مع مراعاة القيم الأخلاقية، وقد أتممت دراستي في الجامعة- كلية الآداب والعلوم الإنسانية مع الإبقاء على نشاطاتي الفنية كتابة وتشكيلاً، وأؤكد على أن الشعر والفن هما لغة الروح وحوار إنساني، إنه عالم الخيال في الحالتين، لهذا نرى كثيراً من الشعراء رسموا واهتموا بالفن التشكيلي، فالعلاقة بينهما علاقة تلاحمية وثيقة ترتبط بالحس والوعي الفني. آخذة من الحلم والجنون أذرعتي وأطرافي، أركض بها عالياً لأحلّق بين النجوم، فنحن نعيش أحلامنا هرباً من واقع مخيف لانفهم معناه.

– للمرأة مكانة وتواجد مميز بأغلب أعمالك، ماذا تعني لك المرأة وكيف تصورينها؟

نعم، المرأة العربية مظلومة في مجتمعنا الشرقي الذكوري، طالما حلمت بالحرية والسلام في سبيل حياة أفضل بعيداً عن التطرف والظلام، وقد جسدتها في أعمالي الشعرية والفنية من خلال المجموعتين الشعريتين (الأرض بعض ظلي وصرخة أنثى) ومنحوتة (الملكة) كما ذكرت سابقاً، وعلينا أن ندرك أن المرأة سر الكون وأساس الوجود والإنسانية.

– أين تجدين نفسك أكثر في الشعر أم في الفن التشكيلي؟

في الاثنين معاً، إنه الوله في كل الاتجاهات، بعض أعمالي الفنية تتزاوج مع نصي الشعري، أحياناً تأتي الفكرة الشعرية من وحي اللوحة أو المنحوتة ليدل ذلك على أنه عالم الخيال في الحالتين، بالنسبة للشعر أميل إلى شعر العصر الحديث باعتباره متاحاً للفهم التلقائي، والقصيدة النثرية فيها كسر لقيود الواقع وتجريد الأشياء من واقعها لإعطائها واقعاً أعمق.

– كلمة أخيرة؟

كل الفنون والشعر هي رسالة يود الشاعر والفنان إيصالها، خاصة أننا نتقاسم جميعنا واقعاً مفروضاً علينا أقوى من طاقات تحملنا، وأود التذكير أن مجموعتي الثالثة هي قيد الطباعة، وأنا الآن راضية عن تجاربي بسلبياتها وإيجابياتها، ولكنني أجد نفسي أني لم أقدم شيئاً بعد ومازال لدي الكثير لأنجزه، وآمل أن أقدم شيئاً للإنسانية وأن أترك الأثر الطيب يوماً ما!

وهذا نص من (الأرض بعض ظلي):

دنياي

ينبوعُ القلبِ ضفافُ الروح

أرمقها والدربُ بعيد

حياتُنا تحتضر

تمضي مراكبُنا

تبتعدُ الشطآن

الهاويةُ اقتربت

الموتُ يدبُّ

في أغصانِ العمر

دنياي يا ملهمتي

الكلُّ يهاجمُ الكلَّ

تهجماً

عداء نبذاً للإنسانية

ثمّة شرٍّ يتربصُ

في كلِّ مكان

يصلبُ فينا الإنسان

حتى ضاق الأفقُ

والدنيا ليست دنيا

هذي الحربُ

سرقتْ أحلامي

وغبارُ الموتِ

غطّى وجوهَ الأطفال

انتزع منّا أقمارَ الفرح

اقتلعت أزهار الحب

وكتمت فينا الأنفاس

خدعتنا الحربُ

أظلمَ وجهُ الدنيا

نحنُ عصافيرُ الروحِ

كثرَ الصيادون

مالتْ شمسُ العمر

وانكسرت أغصانُ الصبحِ

وفي حنايا القلب

ماتتِ الأحلام…

وأختم بقول بابلو بيكاسو المأثور:  وبعد كل شيء فإن كل الفنون واحدة ونحن يمكننا أن نكتب لوحة بالكلمات وأن نرسم المشاعر في قصيدة الوطن.

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار