بحر من الحنان في بيت (أبو البنات)… طعم الحياة في عائلات مسكونة بالأنوثة

الوحدة 8-12-2020   

 

(أبو البنات) لقب يلتصق بـ (رب البيت) الذي لا يرزق بصبي وتقتصر عائلته على تاء التأنيث التي لا تضمن استمرارية اسم العائلة وحفظ ذكرها عبر الأجيال وبالنسبة إلى كثيرين فإن لقب (أبو البنات) للدلالة على الغائب وهو الصبي أكثر منه للإشارة إلى الحاضرات في عائلة لم ينعم الله عليها بعنصر ذكوري جعلته الموروثات الاجتماعية رمزاً لاستمرارية من الصعب القبول بـانقطاعها!

 وعلى رغم من النقص في الذكور لدى العائلات التي لا ترزق بـ (عريس) فإن حضور الفتيات يحمل بالنسبة إلى كثيرين فائضاً من الحنان والعاطفة التي تغمر البيت المسكون بأنوثة بدأت تخرج من سجن التقاليد إلى حرية مع قيود مختارة.

ماذا يقول الرجال الذين لم يرزقوا بصبية هل يشعرون بـ نقص ما وهل يزعجهم لقب أبو البنات وماذا عن الفتيات اللواتي يترعرعن بلا أخ.

أحد الرجال رزق بثلاث بنات وانتظر ثماني سنوات قبل أن يرزق بالفتاة الأولى كانت غاية التمني إنجاب ولد مهما كان جنسه وعندما أبصرت ابنته الأولى النور كانت الفرحة التي لا توصف الناس من حوله وفي عمله استغربوا هذه الفرحة، وهو يقول هم لا يلمسون المعاناة التي مررت بها والمأساة التي يعيشها الأب الذي لا يرزق بأولاد أحسست بقيمة فقدان الولد والحرمان منه بعد ثماني سنوات من الانتظار كانت فرحتي كبيرة جداً ثم كرت السحبة بعد ثلاث سنوات بولادة ابنتي الثانية وكانت الفرحة مماثلة وربما أكثر وبعدها بسنتين أبصرت ابنتي الثالثة النور.

الأقارب لم يفرحوا للمولودة الثالثة على عكس أنا لغاية اليوم الجميع يقول لي فرحة عريس أي يتمنون لي أن أرزق بذكر لكنني أحمد الله على نعمه وأكتفي ببناتي الثلاث لا مشكلة لدي على الإطلاق.

الذهنية السائدة لدى الناس ترى أنه لا بد أن يكون في كل عائلة صبي بينما أن أقول أشكر ربي أنه رزقني بثلاث بنات، الصبي بطبيعته متمرد وقاس فيما الفتاة مطيعة وهانئة شخصيتها بطبيعة الحال هادئة وهي تخلق في البيت أجواء مختلفة ومميزة كل يوم حين أعود إلى المنزل يحطن بي الأولى تجلس إلى جانبي وتغمرني وتقبل يدي والثانية لديها الكثير من الحنان الذي تعبر عنه على طريقتها باختصار جو الحنان الذي يفرضه وجود الفتيات في العائلة بالتأكيد مميز ولا أعتقد أن الأجواء تكون مماثلة حين يكون الصبية هم الغالبية في العائلة.

أما حول المفهوم السائد في الشرق ولدى معظم العائلات بأن الصبي يحمل اسم العائلة ويؤمن استمراريتها أرفض هذه الطريقة في التفكير ويقول: أختي وحيدة بين عدة شباب تزوجت شخصاً من عائلة أخرى ولكنها ما زالت تنتمي وتحمل اسم عائلتها أنا أتخطى مئة في المئة هذه الذهنية الفتاة مثل الشاب .

وهل تربية الفتيات أسهل من الشباب في مجتمعنا الشرقي؟

بالتأكيد أرتاح في تربية بناتي .نحن ننتمي إلى مجتمع شرقي له عاداته وتقاليده وللفتاة فيه وضعها الخاص ولكن لها حقوقاً، ولا يمكن اعتبارها في منزلة أدنى من الصبي لها الحق في حياة محترمة وفي حقوق متساوية مع الصبي لو كان حبي لما قبلت أن يتصرف على هواه لأنه ذكر وفي المقابل لا أرضى أن تكون ابنتي وكأنها صبي بمفهومنا الشرقي لكل واحد شخصيته وعليّ أن أؤمن لهما التربية والنشأة العاملة والمتساوية من دون فرق بينهما لا يحق للصبي أن يفعل ما يشاء والأمر نفسه بالنسبة إلى الفتاة لها حقوق ستحصل عليها وبدورها يجب أن تسلك الطريق القويم والصحيح أمامها طريق طويل قبل أن تقطع المراحل التي ستوصلها إلى الجامعة وشخصياً أتوقع كل المراحل التي ستمر بها بناتي وسأتقبلها لأن هذه سنّة الحياة لا أستطيع أن أتخطى مجمل الظروف التي ستقطعها بناتي من دون التأقلم معها وسأعيشها منذ الآن كي لا أتلقى الصدمات فيما بعد .واجبي أن أوجه بناتي إلى الطريق الصحيح كي لا يقعن في المطبات.

وما شعوره حين يطلق الناس عليه لقب أبو البنات؟

يجيب لا يزعجني هذا اللقب على الإطلاق أردّ على الذين يطلقون عليّ (أبو البنات) الرجال مثلي يعرفون كيف ينجبون بناتاً ويختم إيماني بالله كبير ورب فتاة أفضل من عشرة صبيان.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار