كورونا.. تعايش معنا أم تعايشنا معه؟

الوحدة : 3-12-2020

 عندما كانت الإصابات محدودة وصلنا إلى قمة الإجراءات الاحترازية, وعندما زاد تفشي الوباء تخلينا عن كل شيء، والأغرب في هذا الموضوع هو التصريحات الرسمية والتي تنافي الواقع جملةً وتفصيلاً.

 قبل يومين فقط, صرّح السيد وزير التربية أن الوزارة أخذت بالبروتوكول الصحي المعتمد, وأنها حريصة على تطبيقه, وكأنه ليس لدينا أبناء في المدارس!

يا جماعة الخير, لستم مطالبين بأكثر مما هو بين أيديكم من إمكانيات, ولا أحد منّا يقفز فوق الواقع, ونعرف (البير وغطاه) كما يقال, ولكن عندما تخرجون علينا بتصريحاتكم المناقضة للواقع فإن الأمر (ينرفزنا) ويقودنا إلى حافة الجنون!

  لا نتمنى أن تتعّطل الدراسة ولو ليوم واحد في أي مدرسة ولا نطالب بذلك, لكننا في الوقت نفسه نخشى على أبنائنا, وكمعلومة بسيطة جداً, فإن  عدداً كبيراً من مدارسنا لا تتوفر  فيها المياه, وتفتقد مرافقها لأبسط مقومات النظافة، ولا مجال فيها للتباعد الاجتماعي, ولا يرتدي 1% من طلاب المدارس كمامات طبية… إلخ.

 هذا الواقع نعرفه، وندعو الله ليل نهار أن يجنّب أبناءنا أيّ مكروه, وقدرنا أن نقلق في هذه الظروف الصعبة، وأن نجد الأعذار للجهات الرسمية التي تتحمل فوق طاقتها من جهة, ولا تخلو من الفساد واللامبالاة من جهة أخرى، لكن أن تصفعنا التصريحات الرسمية بهذا الشكل, فهذا ما لا طاقة لنا على احتماله!

 نقفل أبواب المدارس عند هذا القدر من التساؤل, وننتقل إلى مكان آخر, نضع أنفسنا فيه تحت الخطر, وهو لا مدرسة ولا مؤسسة استهلاكية ولا فرن….

  الاتحاد السوري لكرة القدم, والاتحاد الرياضي العام في سورية، قررا السماح بحضور الجمهور لمباريات الدوري السوري لكرة القدم واشترطا ألا يتجاوز عدد الحضور ما نسبته 40% من سعة كل ملعب, وأن يتم التقيد بكل إجراءات السلامة!

 شيء مضحك وسخيف إلى حد الجريمة, جريمة تعمّد جهة رسمية  باستغباء الناس!

 أولاً- نتحدى أي مسؤول رياضي أن يحدد لنا سعة كل ملعب من ملاعب الدوري, حتى نحسب نسبة الـ 40 % كم تساوي من عدد المتفرجين..

 ثانياً- نقدّم لكم الصور التي تبيّن الازدحام في الدخول وفي الخروج وداخل الملعب…

 ثالثاً- جائزة (ألف) ليرة لمن يجد بين هذا الجمهور شخص واحد يرتدي الكمامة الطبية..

رابعاً- ما الجدوى (المهمة) من حضور الجمهور؟

 إن كان الرّد هو تغطية نفقات المشاركة في الدوري, فإن هذه النفقات في الظروف  الحالية جريمة مالية يجب أن يبدأ التحقيق بها…

نتساءل, ونحن من عشاق الرياضة, هل يعقل أن يحصل لاعب على أكثر من خمسين مليون ليرة في سنة واحدة، بينما لا يحصل مهندس في جهة حكومية على أكثر من مليون ليرة في السنة هذا من جهة, وبمنطق الرياضيين من جهة ثانية, فإنه وبعد نحو عقدين من الاحتراف الكروي المزعوم: ما النتيجة؟

 مازلنا حيث كنا, بل تراجعنا كثيراً والأدلة واضحة لدى جميع المتابعين ولسنا بحاجة إلى ذكرها..

في عرف اتخاذ القرار, فإن القرار يصبح باطلاً إن لم ينفذ بطريقة صحيحة, وقرار السماح للجمهور بحضور مباريات الدوري المحلي خطأ كبير ويجب التراجع عنه, إن لم نحسن تطبيقه بالشكل الصحيح..

 قبل أن نمسك بـ (كلامنا)

الأمر ليس وقفاً على المدارس وعلى كرة القدم, وإنما اتخذنا هذين القطاعين كمثالين قريبين إلى كثيرين منا, لأنه حتى في منازلنا نجتمع بأعداد كبيرة على (المتة) وعلى (لعب الورق) وفي أماكن عملنا نترك المكاتب كلها ونجتمع في مكتب من أجل  النميمة والثرثرة, ويهزأ معظمنا من أي شخص يلتزم بإجراءات الوقاية من كورونا!

 في السرفيس مشكلة… في الحانوت مشكلة… في الشارع مشكلة… عند الصّراف الآلي مشكلة… في أي مكان لدفع الفواتير مشكلة, فمن لديه الحل؟

في المدارس:

 1- يُعفى من الدوام بشكل كامل كل من يريد ذلك, بموجب تعهّد يودع لدى إدارة المدرسة, ويسمح له بالتقدم إلى الامتحان بعد أن يتم اعتماد النتائج على الامتحانات فقط.

 2- إلغاء مؤقت لجميع المواد غير الأساسية, وإعادة دوام يوم السبت, وتقسيم كل مدرسة إلى مجموعتين, تداوم كل مجموعة (3) أيام في الأسبوع, وتوزع على كل قاعات المدرسة بما يضمن موضوع التباعد بين الطلاب…

3- تزويد كل مدرسة بجهاز قياس حراري ومنع دخول أي طالب تبدو عليه أي أعراض, على الرغم من الكلف المادية التي يتطلبها هذا الاقتراح…

وفي وسائط النقل

 1- الالتزام بارتداء الكمامة هو (شكلي) وكأن الهدف هو إنعاش تجارة الكمامات الطبية, وقرارات منع وسائط النقل الركاب من  التعاقد مع أي جهة هو مجرد حبر على ورق …

 قبل سنوات قليلة كان تحصل مشكلة بين سائقين من أجل راكب.. عدد السكان لم يتضاعف, والسرافيس مازالت مقيدة لدى مديريات النقل من المحافظات فأين الخلل؟

2- من المستحيل منع الركاب من الجلوس (أربعات) في كل مقعد, لأن من يرى جوانب الطرق الواصلة بين الريف والمدينة, وعند مداخل الأحياء والمواقف ضمن المدينة, سيعذر الناس لو جلسوا (خمسات) أو أكثر.. المشكلة هي في عدم التزام كل أصحاب السرافيس بالعمل, والحل هو بإلزامهم دون أي استثناء أو حجج نعرف أنها غير صحيحة.

3- حجز أي سرفيس, والتوقف عن تزويده بالوقود, مالم يلتزم بخط سيره والعمل طيلة النهار, حيث أن بعض أصحاب السرافيس يكتفون برحلة يومية من أجل التزود بالمازوت ثم يغيبون عن العمل طلة اليوم.

في التسوّق

 جميل ما قامت به شركة تكامل والسورية للتجارة بخصوص توزيع المواد المدعومة عبر رسائل الكترونية تحدد مكان وزمان استلام هذه المخصصات, وبإمكان الجهتين أن تعمما التجربة بالنسبة لمازوت التدفئة، على أن تشمل أموراً أخرى مع الوقت, فهذه الخطوة على بساطتها إلا أنها (متميزة) ونتائجها جيدة..

في الرياضة

1- أعلم كم يعني حضور المباراة لمشجع مهووس وأعرف ماذا تشكل هذه الحالة العاطفية, لكن الصحة أهمّ, وطالما أننا عاجزون  تماماً عن الأخذ بإجراءات الوقاية فالأصح أن نمنع الحضور الجماهيري لمباريات الدوري.

2- توزيع مباريات الدوري على أكثر من يوم وأكثر من توقيت والتنسيق مع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لنقل جميع المباريات, بحيث لا يحُرم أي جمهور من رؤية فريقه.

3- تخصيص مبالغ مالية (معقولة) للأندية تعوضها عن الريع المادي للحضور الجماهيري..

هي مجرد اقتراحات بسيطة, وعناوين لآليات عمل يجب أن نفكر بها, لأن الوضع العام فيما يخص( كورونا) ليس مريحاً..

 نتمنى السلامة للجميع, وننتظر الشفافية من الجميع, فليس من مصلحة أحد (التمويه) بأي معلومة تخص هذا الوباء..

 لا نستطيع أن نقول كل شخص حرّ بهذا الموضوع, فعندما تؤذيني حريتك الشخصية فهي ليس لك…

 نحن في بداية الشتاء, وقد بدأت أمراضه بالانتشار, وليس بمقدور أي منا مراجعة الطبيب باستمرار, وكلنا مطالبون بأعمال إضافية من أجل الاستمرار بالعيش هذه الظروف الاقتصادية الخانقة, وبالتالي لم يعد بإمكاننا أن نقول لأحد (خليك بالبيت) لكننا سنتمنى عليه أن يتخذ أبسط  الإجراءات, وأن يتخلى عن بعض العادات من أجله ومن أجلنا..

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار