(إجت الشتوية وإجا همّ الحطب معها)

الوحدة 2-12-2020

 

عبارة تتردد على ألسنة الغالبية العظمى، في السابق كان يعترينا الشجون ويهز أعماقنا صوت فيروز وهي تشدو (رجعت الشتوية) وصارت آهاً، آه الأغنية تهكم وحسرة على صعوبات (الشتوية) بعد أن كانت هذه اﻵه تنشر القشعريرة في أبداننا تلهفاً لصوت المطر ورجفة البرد والتحلق حول المدفأة والثرثرات التي تدور وتطال الغادي والبادي كما يقال.

ومع قدوم الشتاء يتسارع الناس للبحث عن مؤونة الشتاء من الحطب وإن قلت مصادره وبات وجوده صعباً نظراً للاستهلاك المتزايد فإنه يمكن توفيره من شجر يابس أومن تقليم الشجر المثمر أو حتى من مخلفات وبقايا الحرائق ومن لم يحالفه الحظ ولا في واحدة من تلك يلجأ لشراء الحطب من تجار الحطب والباعة.

رأى شوكت سليمان أن موسم الشتاء لغاية الآن مازال محتملاً ولكن هذا لا ينفي الحاجة للتدفئة، فالبرد سبب كل علة، ومن لديه عائلة لا يمكنه بمكان أن يتغاضى عن تدفئتها، موضحاً أنه ﻻ يمكن الانتظار حتى قدوم الشتاء والتفكير بكيفية تأمين الحطب والذي من المفروض أن يتم تأمينه منذ فترة الصيف حتى يكون جافاً، ويضيف أنه في أرضه ذات الطبيعة الجبلية الصعبة تنتشر بين أشجار الزيتون شجيرات متنوعة يقطعها ليستهلكها في دفء الشتاء وأحياناً عندما يقلم زيتونه أيضاً هذا مصدر للحطب موضحاً أن ذلك غير كاف وخصوصاً في القرى الباردة والمرتفعة فيلجأ للجبال بحثاً عن شجرة يابسة أو متهالكة فيقطعها ويستخدمها لغرض التدفئة والطبخ التي بات أهل القرى يلجؤون كثيراً للحطب لعدة استخدامات في ظل صعوبة تأمينه وتحضيره ويستطرد: أنا لدي جرار زراعي ومعه (سطل) يخفف عني تكاليف نقل الحطب.

 

حيان جبور التقيناه وهو منهمك في تقطيع الحطب على شكل قطع صغيرة لكي تدخل في صوبية الحطب يقول: لدي كمية قليلة من الحطب من العام الماضي (أتدفى) بها وعائلتي المكونة من زوجتي وابنتين تكفيني لفترة لا بأس بها، مبيناً أنه جمع بعضه مما يحيط بأراضيه ومن تقليم شجر الليمون لديه ومن جذور بعض الأشجار المتناثرة هنا وهناك، مضيفاً أن تكاليف الحطب أصبحت ﻻ تفرق كثيراً عن المازوت ناهيك عن صعوبة الحصول عليه وتقطيعه ولكن أهم ما يميز مدفأة الحطب أنه بإمكان استخدامها لعدة أغراض غير التدفئة ولا أفضل منها في إعداد الطعام من باب التوفير خاصة في أزمة الغاز..

حسان، يجمع من تخوم الأراضي وأطراف الطرقات بعض العيدان وينقلها في صندوق بلاستيكي يربطه على دراجته النارية كل يوم بيومه.

مهند سلوم يبين أنه يعمد حالياً إلى قطع ما احترق من أشجار الزيتون والحمضيات مستخدماً إياها مصدر للتدفئة بعد الحريق الذي ألم بقرية بللورة في 10/9 مما وفر عليهم مشقة كيفية تأمين مصدر للتدفئة بينما كانوا في السنوات الماضية يعمدون لشرائه.

باسل فندي مدرس يوضح أنه كل عام يحتاج إلى كمية كبيرة من الحطب وتأمينه يتطلب جهداً وعناء مضنياً، وأحياناً يستلزم الأمر أن نشتريه ممن يتخذ من بيعه مصد رزق له، مبيناً أن أسعار الحطب تختلف ما بين طن الزيتون والذي سعره يصل لـ  115 ألف ليرة سورية وطن الحمضيات 90 ألف ليرة سورية، وأقل سعراً الصنوبر وسعره حوالي 40 ألف ليرة سورية.

أبو علي صالح ذكر أنه رجل كبير في السن وأولاده منشغلون في تأمين الحطب لهم ولعائلاتهم ويضيف بأنه مقتدر مادياً فيعمد إلى شراء الحطب من التجار مشيراً أن أسعار طن الحطب بات ﻻ يستهان به حيث وصل سعره إلى 50 ألف ليرة سورية في إشارة منه أن تأمين الحطب بات يشكل عبئاً إضافياً على كاهل المواطن في حين كان أيام زمان ﻻ يكلف شيئاً ولكن في ظل الظروف الراهنة كل شيء في تغير ونوه أنه اشترى لهذا العام طن حطب كان يضعه أمام البيت ريثما ينقله للمستودع فكان من نصيب الحريق الذي اندلع في القرية مؤخراً وهو الآن في حيرة من أمره كيف سيتدبر أموره.

سعيد زهرة لدي ثلاثة أولاد اثنان منهم طلاب شهادة فاضطر لتركيب مدفأة إضافية مما يعني مصروفاً زائداً في كمية الحطب وهو بات من الصعب تأمينه في ظل القطع المستمر للغابات ورافق ذلك ارتفاع في أسعاره ومع ذلك نحن مضطرون فالبرد سبب كل علة وفي جو البرد يكون من الصعب الدراسة فلهذه الأسباب نعمد للتدفئة وخصوصاً الحطب حيث أنه ينشر الدفء أكثر من المازوت (اللي مابيشبع دفا) والكمية التي توزع غير كافية.

أم مازن تقول وهي سيدة عجوز تخطت الثمانين بذاكرة ضعيفة ولكن ذكريات الماضي ماتزال عالقة في مخيلتها ومما تختزنه ذاكرتها تحدثنا بأنها كانت تذهب إلى البراري والجبال في رحلة عسيرة تجر معها (دابة الحمير) كما أسمتها وتضع عليها (تشاقير) كما كانوا يطلقون عليها كان قد أعدها لها زوجها رحمه الله من خشب السنديان وتضعها على ظهر الدابة وبيدها المنجل الذي تقطع به الأغصان اليابسة والتي تجمعها من الغابة أو يكون أحد أصحاب الرخص ترك الأغصان الرفيعة تحزمها وتضعها في الـ (التشاقير) وتأتي بها على ظهر الدابة التي تئن تحت وطأة الحمل الثقيل وتتابع وهكذا حتى يتجمع كم وافر من الحطب في مكدس الحطب القريب من أطراف المنزل والذي يستخدم للطبخ والنفخ والتدفئة والحمام والغسيل.

أجمع الكل أنه بعد الحريق الهائل الذي حصل مؤخراً من المؤكد سيكون مصدراً أساسياً للتدفئة سواء شجر الزيتون والحمضيات أم أشجار الغابة الحراجية.

وكما أدلى بدلوه من يبيع الحطب مع التحفظ على ذكر اسمه يشير إلى أنه يعمل في بيع الحطب لكي يؤمن لقمة العيش له ولأسرته ولكي يؤمن ثمن الأدوية لوالديه المريضين يكمل لأجل ذلك أتحمل مخاطر العمل بتجارة الحطب وما تستجره من عواقب فأنا غير موظف لافتاً أنه  يوجد هناك من هم مقتدرون مادياً وليس لديه من يؤمن له الحطب وأنا أحتاج المال فمقابل الحطب أحصل على النقود.

وبشأن ما يخص الاحتطاب من خشب الحرائق ومخلفاتها بيّن رئيس شعبة حراج قسطل المعاف المهندس إياد طوبال أن الغابات الحراجية هي ملك الدولة وليس هناك من قرار يجيز للمواطنين تقطيع الحطب لافتاً إلى أنه ومن أجل قوننة الأمر من الأجدى أن يتقدم المواطنون بمعروض ومن خلال وحدة إدارية أو فرقة حزبية أو مختار القرية للمحافظ أو إلى مديرية الزراعة للسماح لهم بالاستفادة من حطب الحريق ونوه أنه لحينه لم يصدر أي قرار فيما يخص أخشاب الحرائق من قبل وزارة الزراعة.

نجود سقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار