تدمر حاضرة أبدية

الوحدة : 29-11-2020

أقام قصر الثقافة في بانياس محاضرة بعنوان (تدمر حاضرة أبدية) ألقاها مدير  سياحة تدمر، باحث في قضايا التنمية السياحية والأثرية قائلاً: عنوان محاضرتنا اليوم (تدمر حاضرة أبدية حاضرة) لأنها من حواضر المدن في العالم القديم كما أنها حاضرة في الوقت الحالي لأنها من المدن الحيوية ومن مدن التراث العالمي وهي عنوان السياحة الثقافية لسورية وقبلة السياح في العالم قاطبة وحاضرة لأن المستقبل قادم لتعود المدينة وتزهو فهناك توجهات من الجهات المعنية نحو إعادة الإعمار كما بدأت بعض المنظمات بترميم البيوت بالإضافة لمفكرة تفاهم لترميم قوس النصر وتوقيع اتفاقيات مع متحف الارميتاج والعديد من البعثات الأثرية في العالم تنتظر الاستقرار في سورية بشكل عام وتدمر حتى يتم ترميم الآثار في الوقت القريب إن شاء الله، تحدث بعد ذلك عن الموقع والاستيطان حيث يعتبر أساس مدينة تدمر هو النبع الكبريتي الذي يقع عند ممر جبلي وهذا النبع هو سر الحياة وشريان الخير الحامل لمدينة تدمر ويعود هذا النبع إلى الألف السابع قبل الميلاد، كما كانت تدمر محطة للقوافل التجارية في العصر البرونزي في الألف الثاني قبل الميلاد كونها كانت تختصر الطريق البري، وتحولت تدمر من قرية تجارية إلى قوة عالمية عظمى.

 (متى ازدهرت تدمر ومتى سطع نجمها ومتى أفل) هذا كان عنوان مقدمة بحث الشهيد عالم الآثار خالد الأسعد فعندما انضمت البتراء إلى الامبراطورية الرومانية وأصبحت تحت سيطرتها تحول طريق التجارة العالمي فأصبحت تدمر معقداً للتجارة الدولية بسبب موقعها الجغرافي وكان هذا أحد عوامل ازدهار المدينة، ونوه إلى الحريات الدينية التي كانت تتمتع بها المدينة حيث كان يوجد في تدمر أكثر من ثلاثين إلهاً والكثير من المعابد الدينية دليل على ذلك إضافة إلى ذلك عاشت المسيحية في تدمر في ظل التسامح الديني، أيضاً كان فيها الحريات المدنية فقد تم تكريم القوافل التجارية وهذا دليل على الانفتاح الاقتصادي بالإضافة إلى ذلك كان للمرأة دور مهم في التجارة فقد كانت إما صاحبة قافلة أو تاجرة أو مرشدة في الطريق وهذا يعني أن مدينة تدمر كانت تهتم بمواطنيها وتكرم أي مواطن سواء داخلها أو خارجها يقدم خدمات لتلك المدينة، أيضاً لابد أن نذكر موضوع التسامح الديني والتساوي في الحقوق والواجبات و أيضاً كانت تتمتع بتنظيم إداري دقيق جداً حيث عرفت مجلس الشيوخ والشعب عام ٥١ ميلادي، ومجلس الشيوخ والشعب يتألف من عشر أعضاء ممثلين للقبائل التدمرية وكانت تدمر مدينة حضرية تجمع بين البدو والحضارة ويعنى هذا المجلس بالقرارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتكريم الأشخاص، كما كانت توجد حياة برلمانية في مدينة تدمر وهناك شواهد  وأدلة أثرية  تثبت ذلك، وعن العامل الذاتي الذي كان يتمتع به سكان تدمر قال كانوا خبراء طرق وأدلاء إضافة إلى خبرتهم في التجارة البرية والبحرية وباتجاه الغرب أكثر من الشرق فعلاقاتنا مع بلاد فارس وعلاقاتنا الهندية والصينية وهنا نتحدث عن طريق الحرير، الحرير تلك السلعة الاقتصادية المهمة جداً والتي كانت تضاهي الذهب، وأشار أنه في مدينة تدمر كانت تلتقي كل السلع والبضائع في الاغورا السوق العامة ومقابل الاغورا وجدت التعرفة الجمركية الصادرة ١٣٧ ميلادية من قبل مجلس الشيوخ والشعب وهذه أقدم وثيقة اقتصادية أو قانون اقتصادي عالمي ينظم الحياة الاقتصادية بين الممالك والدول، كما كان هناك ضريبة العبيد الذين كانوا موجودين في تدمر ومهمتهم خدمة رجال القوافل والأعمال التي تتطلب جهد كحفر الترع والآبار، أيضاً ضريبة بنات الهوى وأخرى على الحشائش وضريبة على المحاصيل الزراعية وهذا دليل أن تدمر لم تكن تشهد التصحر الذي ظهر في القرن العشرين بل كانت بادية وقد وجدت العديد من الخزانات لتخزين المياه وحفظها كما كانت تقدم معامر زراعية، أيضاً كان هناك ضرائب على المواد الجافة كالحرير وأخرى على الدواب، وحقوق للجباة وغرامات مالية على المتهربين من دفع الضرائب، كما كان هناك دفع رسوم للمياه لأن المدينة تقدمت خدمات للقوافل وهناك العديد من السلع التي كانت متداولة ما بين الشرق والغرب فمدينة تدمر كانت بمثابة وسيط في التجارة الدولية العالمية بالإضافة إلى أن سكانها كانوا خبراء بالطرق وتجاراً، وأكد أن التجارة والعلاقات التجارية ليست سلع وبضائع بل هي ثقافة وفكر وفن، ثم انتقل إلى الجانب الفني في مدينة تدمر التي تتمتع بالفن الأصيل حيث تعتبر مدرسة عالمية للتفاعل الحضاري وتحدث عن المعابد الأثرية وغيرها.

رنا ياسين غانم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار