ضمير الرقابة في ثلاجة الموتى..

الوحدة : 26-11-2020

لم نعد نسمع ببيانات وزارة حماية المستهلك عن ضبط الأسعار وبتر الأيادي التي تتلاعب بقوت المواطن، ويبدو أن المتلاعبين يعيشون حالة نشوة بعد انخفاض صوت الوزارة، واقترابها من التقاعد المبكر، وانشغالها بتحسين جودة الرغيف!.

في ظل هذا العجز المتراكم، يكتوي المواطن بصمت، وتلفحه نيران الغلاء مع مطلع الشمس ومغربها، فلا مغيث له ولا نصير، وشكواه إلى مالك الملك فقط.

يقول أصحاب محلات السمانة: إن رفع أسعار المواد مرتبط بسعر صرف الليرة السورية، فهم عاجزون عن البيع بأي سعر مخالف لسعر الصرف الأسود، فيرفعون المسؤولية عن أنفسهم، ويحيلون القضية إلى (الكبار)، وعندما تمتعض من هذا الفحش، لا تجد عندهم إلا كلمة واحدة: (الدولار).

طيب، يا (جماعة الخير) سبق لسعر الصرف أن شهد طفرة كارثية في نهاية عام ٢٠١٩، وضربتم الأسعار بخمسة أضعاف، وبعد أشهر، تدخلت مؤسسات الدولة و(طحنت) عظام المضاربين، وبدأ سعر الصرف يتهاوى، ولكنكم لم تعدلوا الأسعار، وبقيت حجتكم هي أنكم اشتريتم البضاعة بسعر عال، فآمنا وصدقنا وانتظرنا أن تنتهي هذه البضاعة، وأن تشتروا بضاعتكم بسعر جديد أقل من سابقه، وهيهات هيهات، بقي الوضع على حاله تقريباً، ولم نشعر بأي تغير على قدرتنا الشرائية المتهالكة، فتمنينا لو أن مؤسسات الدولة لم تتدخل، لأننا اليوم نعود لنفس المعاناة، إذ يلحقنا ضرر كبير مع كل تغير على سعر الصرف، فنحن نشتري بفائدة مركبة، ونبتلي بغياب الأخلاق، وانعدام الضمير.

سبق وطرحنا التساؤل التالي: عندما نادى الواجب أبناء البلد، هبوا قياماً للدفاع عن كرامتهم، فقدموا أرواحهم فداء لهذا الواجب، أي قدموا أغلى ما يملكون، ولكنهم اليوم مطالبون بأشياء لا يملكونها، فالموظف (مثلاً) يحتاج إلى أضعاف راتبه، وما يملكه لا يساوي ١٠ بالمئة من احتياجاته، فمن أين له أن يقدم ما لا يملكه؟، هل يعيش على تصريحات المسؤولين الخاوية؟، أم يطعم أبناءه من خيرات وعودهم الخلبية؟، كيف له أن يتفاءل وقضية تحسين جودة الرغيف مازالت تشغل بال وزارة بأكملها منذ عقد كامل، وحتى الآن لم يستطيعوا إيجاد حل واضح لهذه (المعضلة)؟.

بالمناسبة، وعلى سيرة الرغيف، كفاكم تصديعاً لرؤوسنا بوعود تحسين جودته،

وتعالوا كي ندلكم على فرن في ريف جبلة (لن نذكر اسمه طبعاً)، تعالوا واستعرضوا خبزه، وتمتعوا بشكله وطعمه وحجمه، واسألوه عن الوصفة التي يستخدمها، وعندها قد تشعرون بالخجل من فشلكم، وستدركون أن المسألة ليست كيمياء، بل قليل من رقابة الضمير، على اعتبار أن ضمير الرقابة في ثلاجة الموتى.

يبقى الأمل قائماً بأن تنتهي هذه الحقبة المؤلمة من حياتنا، ويبقى صبرنا الركيزة الأساسية لتجاوز هذا القطوع، وكل رجائنا أن يبقى فينا نفس حتى نشهد لحظة الختام، ونعيش(يومين) بلا شكوى ومعاناة.

غيث حسن

                    

تصفح المزيد..
آخر الأخبار