الوحدة : 26-11-2020
عاد المطر.. لكن صوت جدتي الدافئ لم يرجع معه.. ولا شاي الزوفا البرية أو عروسة (الزعتر) التي كانت تلفها برغيف القلب..
ولا تمتمات جدي وهو يسبح بمسبحته تارة ويلف سيجارة التبغ البلدي تارة أخرى ويروي قصصاً سمعناها مراراً لكن وقعها لايزال ندياً في الذاكرة..
عاد المطر..
لكن تفاصيل كثيرة كانت تجعله أكثر دفئا غابت.. وغاب معها فرح عصي على التقليد وذوبان في امكنة بحجم كفة القلب..
ككل شتاء نتدفأ بحطب المواقد وننسى أن بردنا في أعماقنا، وأن وجه من نحب هو الشمس بكل احتفالاتها..
عاد المطر.. لكنه حمل لنا الخوف في حقائبه هذه الأيام..
أصبحنا نخاف على ظلالنا من برد لا يرحم.. ونخاف على شجرة كرز غرسناها في لحظة حلم بهي أن تكسر أغصانها العاصفة.. ونخاف على أطفالنا من شبح صقيع يتربص بهم في الزوايا والمنعطفات وحتى مداخن المنازل الفارغة من وقود الدفء..
عاد المطر… وعادت معه بعض ذكرياتنا الجميلة رغم احتدام الدروب وغياب بيادر العطاء..
عادت لنا قصائد نثر كتبناها بحبر الحنين.. ورقصات فرح طفولية سرقناها من سلة الوقت.. وشاي أحاديثنا المخمر عند نافذة العمر..
عاد المطر… وفي القلب غصة.. هل سينبت العشب من جديد! وهل لغزلان أحلامنا أن تركض فوقه حتى التعب.. أم أننا في صحراء الربع الخالي من القلب!
منى كامل الأطرش