رمضان النزهان.. فنان فراتي أصيل

الوحدة: 22-11-2020

 

 

 

رمضان النزهان فنان من الفرات سعى باجتهاد ليصل إلى حلمه التشكيلي الذي لا يزال يعمل عليه بدأب من خلال بحثه المستمر لتطوير تجربته، هو ابن دير الزور حاصل على إجازة في الفنون الجميلة 1994 من جامعة دمشق، ودبلوم دراسات عليا 1996 إضافة إلى دبلوم تأهيل تربوي ومدّرس للفنون في دائرة المسرح المدرسي والأنشطة الفنية شارك بالعديد من المعارض التشكيلية، وعن تجربته كان لنا اللقاء التالي:

– كيف كانت بدايات حلمك الفني؟

كانت عفوية بسيطة وبريئة من خلال حصص الرسم المدرسية والانتظار بشغف حتى الحصص القادمة، ففيها كنت أجد نفسي مميزاً دون باقي المواد الدراسية، استمر الأمر (خربشات) فيها من خصائص الطفولة من الشفافية والتسطح وجمع الزمان مع المكان بدون توجيه اختصاصي لحين التحاقي بمركز الفنون التشكيلية بدير الزور، وهنا بدأ التنظيم والتوجيه الأساسي المرتكز على أساسيات فن الرسم من التكوين إلى الخط واللون من خلال توجيهات مدّرسين أكاديميين يمتلكون المعارف الأساسية والمهارات التعليمية فبدأت التجربة تستقيم أكثر، وبدأ منحى اللوحة يأخذ الأبعاد الحقيقية لمفهوم اللوحة وترافق ذلك مع دروس في علم الجمال.

 

– مواصلة الحلم كانت أسهل أم أصعب؟

مواصلة الحلم كانت أجمل عندما التحقت بعد الثانوية بكليّة الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1990 حيث الحلم الذي بدأ صغيراً وبريئاً أصبح اليوم حقيقة ومسؤولية أكبر في كلية الفنون أصبح الجهد أكبر والوعي أكبر من خلال الاطلاع على تجارب مختلفة وعمل متواصل من الرسم والتلوين لمواضيع متعددة، وعلى معارض لفنانين سوريين أصحاب تجربة عميقة وواسعة، وهنا أصبح المنعكس البصري والوعي الفني والجمالي لابد أن يثمر عن اتجاه وخط جديد في التعامل مع اللوحة وطريقة تشكيلها من خلال مشروع التخرج حول البيئة الفراتية عام 1994 وكانت معظم الأعمال منفذة بالألوان المائية.

– تطور تجربتك مرّ بمراحل عديدة كيف تحقق ذلك؟

مع الانتهاء من الدراسة في الكليّة أصبح الهم الفني أكبر بالوصول إلى اتجاه فني خاص بي، يحمل رؤية بصرية وجمالية تعبّر عن ذاتي كانت اللوحة عندي تبدأ من خوف صغير من المساحة البيضاء التي تغريك كي تحوّلها من اللا شيء إلى شيء له معنى ودلالة، في البداية كان ارتباط شغفي بالألوان المائية وما فيها من سحر فهي تحتاج إلى قلب خاص وعقل خاص وقدرة خاصة، وكان النتاج لوحات عن طبيعة الفرات التي تتميز دون غيرها بهذا الكمّ المدهش من الألوان الحارة والقوية التي تتناسب مع طبيعة المكان، وأثر النهر العذب على تلك التكوينات البديعة التي تتشكل على ضفتي النهر كان فيها معينٌ لا ينضب من المشاهد الخلابة التي تشكل الدافعية الكبرى للفنان لينهل من هذه التكوينات الجمالية الإبداعية الربانيّة بعد ذلك تعلّقت بألوان الإيكريليك التي جمعت بين خصائص الألوان المائية والألوان الزيتية ورسمت الطبيعة الصامتة وعلاقتها بالضوء اليوم أمام لوحتي أحس وأفكر من خلال أدواتي الفنية، علاقتي مع اللوحة تفاعلية وتهيئة وتجربة لما تسفر عنه هذه العملية والفنان ابن ثقافته وروح هذه الثقافة تنبض في عروقه، ولذلك طريقة انتقاء المادة الفنية وطريقة تشكيلها هو التعبير الأصدق عن روح هذه الثقافة.

– في لوحاتك عناصر مدهشة فهل لنا أن نعرف ما هي؟

أولها الضوء فللضوء فلسفة خاصة بعلاقته بالأشياء، فهو الشعاع الذي يداعبها ويلاطفها ويمنحها الطاقة الجمالية من خلال التأكيد على التضاد بين الظل والنور وثانيها الألوان وذلك من مجوعة لونية محدودة تعتمد على الأسود والأبيض مع قليل من التركواز ولكل لون طاقته ودلالته المعرفية والتعبيرية، وثالثها العناصر فعناصر اللوحة عندي محدودة وأحاول أن أمنح لكل من هذه العناصر طاقته التعبيرية كرمز ودلالته التشكيلية لبناء لأسس تعتمد على أصول ومرتكزات معرفية لا يمكن الاستغناء عنها.

– مواضيع لوحاتك أيضاً فيها عمق وغرابة كيف تعمل على ذلك؟

مواضيع متغيرة متجددة تفرضها الحالة الانفعالية، ولكل موضوع دلالته الجمالية والوجدانية لذلك لابد من الدخول إلى عالم التفاعل الايجابي بين الذات والموضوع والتعبير عن ذلك بكل الوسائل الفنية التي ترضي غرور الفنان، فمثلاً عملت على موضوع الانتظار من خلال وجوه ساكنة تترقب القادم المجهول مع خوف وأمل في ذات الوقت، تقف على أبواب قد ترتكز عليها بعض من أحلام كانت تعيشها تلك الوجوه في بيوت تسكننا ولا تسكنها.

لأن الحياة قائمة على المغادرة وكل شيء فانٍ ،وقد التقطت من الفلسفة الفرعونية للموت والحياة أن الذي يغادر لابد من أن يأخذ معه كل الأشياء التي يحبها… وهنا أجدني معلقاً إيّاها على باب خشبي قد أرهقه الزمان، مع تفاحة لم تخلق لاكتشاف ما هو كائن فقط ولكنها خلقت لتكون نقطة البداية الأولى للحياة البشرية وسبباً من أسباب عمارة الأرض، فالاستدارة فيها تحمل دلالة الحركة والدوران وهو الحياة وفيها ألوان الدفء والحب والرغبة في مواصلة الحياة كما تدل على الصراع الممتد بين المحلل والمكروه بين الثواب والعقاب وروح لا تزال تصارع من أجل لذة الاختيار.

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار