فريق شباب المحبة ينثرون الفرح في دروب الفقراء والضعفاء

الوحدة : 12-11-2020

شباب يزهر من رحم الأيام الموجعة، بعيون دافئة وقلوب معمرة محّبة يطلون بنورهم قوافي على شفاه كل صباح، نسوا همومهم وفضلوا على دراستهم وعملهم زرع الأمل في الموجوعين والضعفاء لتجد طريقها عندهم وتبصر بعض الأحلام، وهم من شباب فريق المحبة . الكلّ يرمي التهم جزافاً على شبابنا بأنهم غير جادين وتلهيهم مستجدات هذا العصر والأركيلة والنت، لكن عندما نرى شباباً مثل هؤلاء ماذا نقول ؟ ..هم شباب صغار بدؤوا بإعطاء جرعات محبتهم وعمرهم لا يزال 15 سنة ومن مصروفهم وبمساعدة الأهل وأولهم الشاب حيدر يونس، رئيس فريق شباب المحبة، وكم من شخص بيننا ورجال أعمال ومؤسسات متخمون بالثراء ويغوصون بخيرات الوطن ويتناسون ولا يرحمون ولا قسمة أو نصيب في مالهم الذي هو بأطنان لمحتاج أو فقير، أو حتى أنه لم يخطر لهم أو يأتي ببالهم زيارة يتيم . الشاب حيدر ورفاقه الثلاث بدؤوا أولى خطوات مسيرهم وهم على مقاعد الدراسة وكانوا قد أفرغوا ما في حصالاتهم ليجمعوا 30 ألف ليرة واشتروا القصص والألوان والبوالين وقصدوا دار الأيتام وهناك كما قال : قرأنا لهم القصص ولوّنا الرسومات قضينا معهم أجمل الأوقات ووعدناهم أن نرجع إليهم شرط أن يحفظوا لنسألهم ونناقشهم فيها، وعدنا لهم بعد مطالبتهم بنا فقد وجدنا الحب عندهم، بعدها ولما مرت الأشهر والأيام وكبرنا وصرنا شباباً فكرنا أن تكون أعمالنا منظمة ومنسقة وموسعة ولها اسم وهوية، وطلعنا بعد المشورة ب(شباب المحبة) وأطلقناها على النت تبنينا فيها نشر المحبة بين الناس لنجمع من حولنا المتطوعين والأصدقاء . لم يكن ليقتصر نشاطنا على الأيتام بل شمل أولاد الشهداء وأطفال السرطان والفقراء وجميع المحتاجين، وأنا اليوم بعمر العشرين مدير مكتب الحقيقة باللاذقية وعملي فيه تطوع أيضاً ولا زلت أخذ مصروفي من أهلي لكن بعض شباب المحبة أصبح لهم وظائفهم وأعمالهم وغيرهم مثلي ونتيجة الإقبال علينا وسعنا الفريق ودائرة أعمالنا ليكون لنا فرع في طرطوس وآخر في دمشق، وفتحنا باب طريق وجهتنا إلى القرى بعد أن هاجمت أراضينا الحرائق وسلبت منا أسباب الحياة . ما يراه فينا ناسنا الذين نقصدهم ونسعى لهم به هو طريقة المساعدة التي نحاول فيها أن نمسك بأطراف نفوسهم ونتلمس منهم الروح الدافئة بعدها تأتي المساعدة المادية والغذائية وغيرها من منافع وعلى لسان إحدى آهات الجرحى (بتفوتوا ع القلب وبتشفوه بابتسامتكن وطلتكن لتطمنوا علينا) ولا نحاول أن نستغل حاجة الناس، وقد افتتحنا منذ عام المجلس الطبي لمعالجة المرضى المحتاجين والفقراء، ويضم 45 طبيباً متطوعاً من مختلف الاختصاصات، فالمريض يأتي بداية إلينا لندرس حالته ويأخذ منا بطاقة متفق عليها مع الطبيب تكون بطاقة دخوله المجانية لعياداتهم، وحتى وصلنا بأمرهم إلى مشفى تشرين حيث تقدم لهم العيادات المأجورة كل المعالجة والكشفيات بالمجان . تواصلنا مع الأطباء لنطلق هذا المشروع ووضعنا داتا بأسمائهم واختصاصاتهم لتكون خلية عملنا متكاملة، وليس لدينا دور وناس يقفون في العراء جميع من يقصد شباب المحبة له منا كل احترام يجلس على كرسيه بكل هدوء وتقدم له الضيافة ليشعر بأنه بين أهله وأصحابه ريثما يحين الوقت ليسأل عن حاجته ومرضه ولا منة لنا عنده . أقمنا سابقاً مبادرة (تبرع بابتسامة) ونشرنا (نود منك ابتسامة فقط فإذا باستطاعتك التبرع بابتسامة نحن ننتظرك على باب مشفى تشرين ) وتدفقت علينا التساؤلات وتعبنا من الأجوبة والردود ليفهم الجميع أن الابتسامة وحدها تكفي كصديق وقمنا بزيارة لأولاد السرطان وقدمنا الابتسامة (الابتسامة صدقة) وطبعا كنا قد قدمنا لهم الألعاب التي اصطحبناها لهم ليدب مصل الفرح فيهم وينسوا الآلام، كما قمنا باستضافة مجموعة من أولاد الشهداء على الغذاء في مطعم نكهة ونفس ورافقناها بمسابقة ثقافية ليتم توزيع الجوائز عليهم وليأخذ الجميع القرطاسية وكان لهم ضمن البرنامج مسرحية بشخصية شارلي شابلن لتأتي الأجواء على الفرح والفائدة والتسلية، وأيضاً يرعى شباب المحبة بعض الندوات التي تهتم بالشباب وجميعها تقام في دار الأسد للثقافة، وأيضاً أقمنا حملة نظافة بعد أن حرضني (بوست) صديقي على الفيس جاء فيه أنه زار اللاذقية التي انتشرت الأوساخ فيها على الشاطئ والطرقات، وهو ما أحزنني فأطلقنا أسبوع نظافة (النظافة حضارة) على الكورنيش الجنوبي وخططنا لوحة بطول 600 متر بألوان العلم السوري وورود بألوان زاهية وتعاونا مع مجلس المدينة ونظفنا المدينة وأزلنا النفايات والأوساخ وبعد هذا العناء كان لشبابنا حفلة وبهجة مع المارة والأصدقاء وزعنا فيها صيحات وشعارات توعوية للحفاظ على نظافة مدينتنا التي هي بيتنا، لكن للأسف لا أحد ينتبه لما يقوم به عامل النظافة من جمال ولا يقدر . العائق المادي لا يقف حجرة بطريقنا،كانت تطرق مسامعي سخريتهم وكلماتهم (ب10آلاف ليرة شو بتعملك وشو رايح تساوي، أنت صغير وعمرك 15 سنة الكبار ما عم يقدروا يعملوا شي ) تجاوزتهم كل هذه السنوات ولم أسمع لهم ولم تثن عزيمتي). ففي إحدى المرات التي أردنا فيها أن نقدم شيئاً لأهلنا وننشر الفرح بينهم خطر ببالي أن نوزع السكاكر لكل عابر في الطريق ،وكنا قد لبسنا شخصيات دمى من أحد المتبرعين بها ليوم كامل وحملنا الآلات الموسيقية وتجولنا في الطرقات واستوقفنا السيارات ووزعنا الحلوى ولم يكن يتجاوز ثمنها خمسة آلاف، وكل منهم يسألنا ويقول (ما معقول بلاش..دعاية أكيد أنتم تروجون لشركة أو تاجر أو..)و(إيد بإيد أخوك أكيد ) لتفرح الناس و صعباً عليك ولا يتطلب منك الأمر غير ابتسامتك وقلبك الأبيض وهي بطاقة دخول لقلوبهم على الكورنيش الجنوبي ووزعنا المنشورات لنثر الطاقة الإيجابية عليهم (فرجينا ضحكتك, أنت سوري بعد ثمان سنوات حرب بتستاهل تضحك ) أي غازلنا أرواحهم ليدبّ فيها الفرح وتنفجر الضحكات . نحن شباب المحبة نزلت صورنا بكتب المناهج الدراسية، وباتت مبادراتنا تدرس للطلاب وهو ما نفخر به ونعتز ونشعر بقيمة أعمالنا لنندفع بهمة أكبر، كنا فيها قد دعونا بعض طلاب المدارس لمرافقتنا في زيارتنا للجرحى بالمشفى وأعطيناهم الورود ليصار لهذه المبادرة أن تكون درساً للأجيال . (علموهم وتعلموا منهم ) أفرح كثيراً عندما يأخذ أحدهم مشورتي في أمر وهو أكبر مني ويسألني رأيي، أحاول أن أغير نظرة المجتمع عن شباب اليوم، وشاءت معطيات اليوم أن تغير نفوسنا واهتماماتنا ومقولات زمان، وهذا الزمن أحوج ما يكون لبناء الإنسان لهذا ستكون أعمالنا القادمة منصبة على تنميته، وشباب المحبة لا يقبلون فيهم غير شباب متطلعين للحق والمحبة تملأ قلوبهم بالأطنان وتكسوهم الإنسانية من فوق لتحت وعلى رأس السنة وأعياد الميلاد سيكون ميلادنا وإشهار جمعيتنا والموعد قريب .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار