الوحدة : 10-11-2020
مجد يونس أحمد ممثل وكاتب ومخرج مسرحي . أيضاً مؤسس ومدير مهرجان خطوات السينمائي الدولي للأفلام القصيرة . في رصيده أكثر من 40 عملاً مسرحياً ما بين ممثل ومخرج وكاتب بالإضافة إلى بعض الكتابات السينمائية . عضو نقابة الفنانين في الجمهورية العربية السورية . يضيف مجد أحمد على كل عمل يشارك به نكهة تخصصية احترافية مميزة تعطي العمل رونقا. إن كان بحضوره التمثيلي أم في الإخراج والإعداد.
حول المسرح وإشكالياته كان لنا معه اللقاء التالي.
– المسرح السوري بالرغم من الحرب التي تعرضت لها سورية خلال السنوات الماضية إلا أنه مازال حاضراً وبقوة .ما رأيك ؟! أعتقد أن ما جاء في سؤالك هو حقيقي ، فالمسرح في سورية استطاع أن يأخذ دوراً متقدماً عمّا كان عليه قبل الحرب ، فخلال الحرب أعتقد أنه كان هناك اتفاق ضمني بين المشتغلين في المسرح على أن يأخذوا دورهم الحقيقي منطلقين من إيمانهم بالمسرح وأهميته وقدرته على التصدي لجانب من جوانب الحرب التي تعرضت لها سورية .
فكان أن تتالت العروض المسرحية لا سيما في اللاذقية حيث لم تخل خشبة المسرح من العروض المسرحية المتنوعة ، وقد حققت حضوراً لافتاً . وبالتالي اتخذ كل من الفنانين المسرحيين موقفاً مقاوماً من موقعهم لإدراكهم أن من أهم المعارك التي كانت هي المعركة الثقافية والإعلامية . فقد كان جانب من الحرب هو الحرب على الذاكرة السورية والتراث السوري والحضارة السورية والإرث التاريخي، وأعتقد أن المسرحيين قد نجحوا إلى حد كبير في التصدي لبعض جوانب هذه الحرب من موقعهم أكانوا ممثلين أم مخرجين أم إداريين .
– هل نفهم من كلامك أن العروض المسرحية استطاعت أن تعكس الواقع كما هو خاصة وأننا في حالة حرب ؟ أعتقد أن المسرح يستطيع أن يعكس هذه الحالة بألوانها وتشعباتها ولكنني من الذين يفضلون التريث في الخوض في موضوع الحرب لأن الذاكرة مازالت طازجة ومازلنا نعيشها بكل تفاصيلها، لأن كل ما يمكن تقديمه يمكن أن يكون هو انطباعات أو رؤى عن المشكلة . إلا أن المسرح يستطيع من خلال تطوره ودوره الحقيقي أن يعكس الجوانب الأخرى من الحرب الجوانب الاجتماعية ، التشرد ،التهجير، الظلم بالإضافة إلى تناول موضوع هام وخطير يجب أن ننتبه إليه وهو موضوع الأطفال . فنحن الآن لدينا جيل من الأطفال جيل كامل أطلق عليه تسمية جيل الحرب . هذا الجيل بحاجة ماسة لكافة الجهود لانتشاله من براثن النتائج الكارثية التي تعرض لها من مشاهدات أو من حياة عاشها أو تعرضه لتهجير وما هنالك من أشياء أخرى ، ومن أهم الأدوات التي يمكن أن تنقذ هذا الجيل هو المسرح، وأعتقد هنا أن ظهور الكثير من الأنشطة المسرحية التي تناولت هذا الجانب ومن أهمها المسرح التفاعلي الذي يعالج تلك الموضوعات ويسلط الضوء عليها ويبحث في الحلول، وهو ما حقق نتائج مرضية في الكثير من الأماكن .
– كيف ترى الحركة المسرحية في سورية حاليا وفي اللاذقية خاصة ؟ كما أسلفت أن العروض المسرحية لم تتوقف أكان في دمشق أو في اللاذقية، ولكن ذلك غير كافي لتقييم الحركة المسرحية وإطلاق الأحكام، ولكن نستطيع القول أن العروض المسرحية التي قدمت في محافظة اللاذقية والتي كانت متفاوتة ومتباينة من حيث الأسلوب والمدارس بالإضافة إلى التفاوت في المستوى الفني لتلك العروض ، وهنا لابد من الإشارة إلى دور مديرية المسارح والموسيقا ممثلة بمديرها الأستاذ عماد جلول الذي كان على قدر كبير من المسؤولية التي ألقيت على عاتقه فاستطاع من خلال إدارته أن يجد الكثير من الحلول للكثير من العقبات التي كنا نعاني منها ، واستطاع أيضاً أن يفتح المجال للكثير من التجارب المسرحية على اختلاف أنواعها وأنماطها ووفر لها منصة عرض ودعم حقيقي وبالتالي استطاع أن يدفع الحركة المسرحية وأصبحت بحالة عمل دائمة، فمن يلاحظ النشاط المسرحي يجد أنه ما إن ينتهي عمل مسرحي حتى يبدأ آخر وهكذا على مدار العام . إذاً هناك حالة من الوعي الحقيقي بدور المسرح ورغبة حقيقية من القائمين عليه في التجديد والدفع باتجاه الأمام، وخاصة بعد إطلاق مشروع دعم مسرح الشباب الذي أيضاً أضاف الكثير من الغنى والتنوع بالإضافة إلى فتح الباب واسعاً أمام التجارب الشابة لتقديم إبداعها، وهذا ما يجعل المسرح في طور التعافي وهو أولى خطوات النهوض .
– هل توافق على وجود مشكلة في النصوص المحلية . لا أوافق أبداً ، لأنني أعتقد أننا من أكثر البلدان العربية التي يتوافر فيها كتاب يكتبون للمسرح ولو كان لنا مجال لتعدادهم لوجدنا الكثير الكثير منهم ” الراحلون ” والذين مازالوا يكتبون ، ولو سمحت لي لاستطعنا الآن بما تسعفنا به الذاكرة أن نذكر منهم ” سعد الله ونوس ، ممدوح عدوان ، وليد اخلاصي ، حمدي الموصللي ، إسماعيل خلق ، عبد الفتاح رواس قلعجي ، رياض عصمت ، جوان جان, سامر محمد إسماعيل ” هذا بالإضافة إلى الكتاب الشباب الذين مازالوا يبحثون عن فرص لتقديم أعمالهم . من يروج لهذه المشكلة أعتقد أنه جاهل بما يقول أو هناك من يروج لهذه المشكلة بشكل يهدف إلى خلق جو من الاضطراب في هذا المجال .
– هل هناك مشكلات أو معوقات تقف في وجه تطور الحركة المسرحية ؟
هناك الكثير من المعوقات ولكن الحديث عنها الآن لا أعتقد أنه ملائم ، ولكن يمكن الإشارة إليها بعجالة من أهمها : أولاً يجب أن يكون هناك جدية في التعامل مع قوانين مديرية المسارح والموسيقا ومحاولة جادة لتطوير تلك القوانين لتتماشى مع الزمن الحالي ، فمهما كانت هناك عقلية إدارية مبدعة فإنها ستبقى مقيدة بقوانين بائسة وتجعل كل ما يخرج عنها يبدو وكأنه يسير باتجاه معاكس . أيضاً الاعتناء بأجور الفنانين والعاملين في المسرح ، ليس مقارنة بأجور التليفزيون بل أن توضع أجور تقدر من قبل مختصين للعاملين في المسرح . أيضاً يجب أن يكون هناك ما يعرف بمراقبة الجودة ، لأن الكثير من التجارب التي تقدم على خشبات مسارحنا هي تجارب هزيلة وبالتالي تحتاج إلى رادع لعدم تكرار هؤلاء الأشخاص لتلك التجارب وأن ينضووا تحت قيادة مخرجين يستطيعون قيادة عمل مسرحي بحدوده الدنيا المقبولة و إقامة دورات وورشات عمل للعاملين في المسرح أكانوا فنانين أو فنيين ، فنحن دائماً بحاجة لتلك الورشات التي تعلم وتصقل ، وبالتالي تطوير الأدوات وهو ما يسهم في تطور ونضج العمل . علماً أن ذلك النقص في الخبرات كان من المفروض أن يسده خريجو المعهد العالي للفنون المسرحية ـ إلا أن المعهد للأسف يخرج كل عام مجموعة من الطلاب الذين يمتهنون التمثيل التليفزيوني ويهجرون المسرح ، فإما أن يكون المعهد رافداً حقيقياً للخبرات الأكاديمية المسرحية. لأنه من بين عشرات الخريجين من المعهد نجد واحد أو اثنين يشتغلون في المسرح كمشروع إبداعي حقيقي . على الرغم من الجدية في التعامل مع الكثير من هذه المشكلات والتغلب عليها من قبل مديرية المسارح , وقد نجحت ببعضها إلى حد كبير . أيضاً لابد من الإشارة إلى أمر هام جداً، وهو غياب العملية النقدية الحقيقية التي ترافق العملية الإبداعية أو تسير جنباً إلى جنب معها ، وهو ما يعتبر رافعة حقيقية للمستوى الحقيقي لسوية العروض المسرحية بشكل خاص . إذ نجد الكثير من المقالات أو المواد الصحفية المنشورة في الصحف أو التقارير الإعلامية أو التغطيات المختلفة نجدها عبارة عن شرح للمسرحية وكأن العملية النقدية تحولت فقط إلى حالة إخبار عن النشاط لا غير، دون الاقتراب من تفكيك العروض المسرحية ونقدها وفق مناهج ومدارس وإعادة تركيبها بناءً على تلك النتائج والإشارة فيها إلى كافة مفاصل العمل المسرحي إخراج، تمثيل ،ديكور، إضاءة ،موسيقى … ، وهو ما يجب الانتباه إليه ، وأنا حقيقة لا أعلم أين هي المشكلة ، هل في غياب النقاد أو عزوفهم عن ممارسة عملهم تاركين المجال لآخرين …
مهى الشريقي