العدد: 9303
الأحد: 3-3-2019
التقيت قبل عدة أيام أحد الأصدقاء القدامى وهو ممن يمكن أن نسميه بالمشجع التشريني العتيق والذي مضى عليه دهر وهو يذهب خلف فريقه حتى ولو إلى الصين لو اضطر لذلك، كان في قمة السرور وهو يسهب في الحديث معي عن وجود معشوقه في صدارة الدوري مستحقاً ذلك بنظره لما يقدمه من أداء ونتائج مطلقاً بعض المفردات المستفزة لمشجع غير تشريني ومنها (أسياد الساحل- أفضل فريق في سوريا . . الخ). وأشار إلى أن تشرين أقرب من أي وقت مضى من التتويج ونيل اللقب للمرة الثالثة بتاريخه، ورغم أني لاحظت وجود بعض القلق في حديثه وخاصة فيما يخص النقطة الأخيرة لكن لم يسعفني الوقت يومها لأسأله عن سبب قلقه بسبب مكالمة هاتفية طارئة، وعندما عدت إلى المنزل كانت وسائل التواصل الاجتماعي عامة والتشرينية منها خاصة تعج بخبر العقوبة الإدارية المفروضة على عدد من لاعبي تشرين وهذا ما أثار استياء أغلب جمهور ومشجعي الفريق، لكن ذلك أعطاني ربما شبه إجابة عن السؤال الذي كان ينبغي أن أسأله لصديقي.
لقاءنا هذا كان قبل مباراة تشرين مع الوثبة، والتي جرت أول أمس وانتهت بالتعادل السلبي بين الفريقين بالنتيجة وبالأداء من قبل تشرين الذي فقد نقطتين ثمينتين كان أحوج إليهما في مشواره لنيل لقب البطولة.
النتيجة بحد ذاتها مخيبة وخاصة أنها على ملعب الباسل معقل تشرين لكنها بنفس الوقت أعادتني بالذاكرة إلى لقائي مع صديقي التشريني وما أبداه يومها من ثقة وغرور قبل المباراة، فقررت أن أتصل به وأكسر بعضاً من غروره ممازحاً لا شامتاً وبنفس الوقت لكي استفسر منه عن ما كان يقلقه يومها وعن أي أخبار ممكن أن يكون يعلمها كونه من المشجعين العتيقين الذي يعرفون ببواطن الأمور التشرينية وخاصة بعد ما سمعته من خلافات بين أعضاء الإدارة بعد المباراة.
اتصلت به ودعوته فلبى الدعوة وكان ذلك مساء الجمعة، بادرته ممازحاً: أسياد الساحل تعادلوا مع الوثبة وخسروا نقطتين، رد عليَّ بحرقة أثارت حزني: يا حرام على هذا الجمهور الكبير فقط، كل موسم نفس القصة، يكون الفريق في قمة عطاءه ومتصدراً للدوري أو منافس شرس ويأتي أحد الأغبياء أو بعضهم ليخرب كل شيء إن كان بالإدارة أو خارجها، وتابع: في الموسم قبل الماضي، كان الفريق بنفس الوضع الحالي تقريباً ويبدو أن هناك من لم يرق له ذلك فأثار زوبعة عن المدرب عمار الشمالي أدت في النهاية إلى رحيله واستلام مساعدة اليوسف الذي لم يتمكن من قيادة الفريق للقب، وفي الموسوم الماضي ساهمت بعض الأخطاء الإدارية والفنية وحتى شغب الجمهور بعدم التتويج، وهذا الموسم يبدو أننا نسير بنفس الطريق رغم أننا كنا متفائلين قبل مباراة الوثبة وخاصة مع الدخول في الاستراحة ونحن متصدرون، فكانت الاستراحة نقمة وليست نعمة.
سألته: كيف تقول عنها نقمة، رد: حدث في هذه الاستراحة ماكنت أخشاه ويخشاه أي محب لتشرين حيث صدرت عن الإدارة قرارات غريبة وعقوبات لا يمكن أن يصدق العقل أنها تخرج من إدارة محترفة، فما الداعي لإصدار قرار بعقوبة بعض اللاعبين وعلى رأسهم اللايقة معبود التشرينيين والفريق أصلاً متصدر مما أثار حفيظة باقي اللاعبين وسخطهم قبل الجمهور، ثم جاءت قصة اعتداء رئيس النادي على اللاعب عبد الرحمن بركات وانتشارها على مواقع التواصل لتساهم أكثر في توتير الأجواء وزيادة الاستياء.
هنا قاطعته: لكن قصة الاعتداء يمكن أن تكون إشاعة كما تدعي الإدارة، والسيد علي نجيب قام بتكريم اللاعبين قبل المباراة لتحفيزهم، جاوبني: قد يكون هناك تضخيم بالقصة لكن لا دخان بلا نار، وتكريم رئيس النادي للاعبين بعد هذه الاشاعة زاد الشك أكثر بحقيقة ما أشيع من اعتداء عوضاً عن إخماد النار.
قلت له: تتحدث وكأن تشرين خسر الدوري ،هي مباراة وانتهت بالتعادل وهذا ليس بالأمر الجلل كما تبدو كلماتك، قال: القصة ليست في نتيجة المباراة فهي عادية، حتى أنني أقول بصراحة أن تشرين نجا من خسارة ثلاث نقاط كان يمكن أن يسرقها الوثبة في الدقائق الأخيرة، بل القصة أننا كمشجعين لتشرين باتت كوابيس هروب اللقب في المواسم السابقة بسبب المشاكل الإدارية والفنية تعود لتقض مضاجعنا، وما الذي جرى قبل وبعد مباراة الوثبة إلا بداية انحراف السكة عن الطريق الصحيح كما هي عادة المواسم السابقة خاصة في الأمتار الأخيرة قبل الوصول إلى الهدف، وتابع : أندية اللاذقية جميعها بعيدة كل البعد عن العمل الاحترافي، هل لاحظت أنه منذ عقود مضت وهذه الأندية تعيش نفس حالة الصراع قبل تشكيل أي إدارة وحتى بعد ذلك إن كان بين أعضاء الإدارة فيما بينهم أو بين أعضاء الإدارة ومن هم خارجها، ويتناسى جميع المتصارعون في خضم هذا الصراع أن العمل والتنافس يجب أن يكون خدمة للنادي الذي ينتمون إليه والذي أوصلهم إلى ما هم عليه وليس من أجل مكاسب شخصية مادية كانت أم معنوية.
نعم لقد نسوا أن يعملوا لإعلاء شأن النادي أو على الأقل العمل من أجل إسعاد جماهير هذه الأندية والظهور بصورة تقارب طموحاتهم، هل لاحظت أنهم لا يبالون بالنادي وبالجمهور، ويصطفون في تكتلات ضد بعضهم البعض أكثر مما يصطفون لخدمة أنديتهم.
كلام صديقي هذا أصاب عين الحقيقة فيما يخص الوضع الذي تعيشه أندية اللاذقية من صراعات لعقود خلت وأدت بها إلى خسارة لقب أو هبوط إلى الدرجة الأولى دون أن يتم الاستفادة من دروس الماضي لغاية الآن، على أمل أن يستفيق المتصارعون يوماً ويدركون أن الجمهور الذي يملئ المدرجات هو سبب وجودهم ووجود النادي أصلاً.
مهند حسن