بلاد وعباد

الوحدة 22-7-2020

 

استجد أمران خلال الأسبوع الفائت على المستوى المعيشي، وكل أمر فيهما يستحق وقفة عند الثغرات التي سترافق آلية التنفيذ.

الأمر الأول كان فتح منافذ الأفران أمام المواطنين من جديد، وإلغاء دور المعتمدين في معظم أحياء المدن والقرى، والاعتماد على البطاقة الالكترونية لاستجرار مادة الخبز لجميع المواطنين.

بالنسبة للبطاقة الالكترونية، نجدد تأييدنا لها كحل حقق العدالة في معظم الأمور التي استخدمت لأجلها، إلا أن الثغرة الرئيسية مازالت تتمحور حول الازدحام الذي تجلى على أبواب السورية للتجارة بغية الحصول على المواد المدعومة، وتكررت المسألة على أبواب الأفران مع الأيام الأولى لتطبيق عمل البطاقة، فما شهدناه من ازدحام على كوات الأفران يدعو للقلق، ويثير التساؤل إن كان المشهد محسوباً من قبل أصحاب القرار عند اتخاذه.

الشق الثاني في عملية تطبيق عمل البطاقة على مادة الخبز هو ترافقه مع إلغاء دور المعتمدين بشكل كبير، فإن كان سكان المدن يملكون قدرة الوصول إلى كوات الأفران الحكومية والخاصة لقرب المسافة، فإن سكان القرى التي لا تحوي أفراناً، سيعانون كثيراً، وستتضاعف تكلفة وصول ربطة الخبز إلى منازلهم بسبب التباعد بين القرى والأفران التي تخدمها في قرى أخرى، وهنا كان على أصحاب القرار أن يبقوا على دور المعتمد في هذه الحالة، وأن يراعوا القرى المحرومة من وجود الأفران في نطاقها الجغرافيا.

في حال استطعنا تلافي هاتين الثغرتين، يمكننا التوجه مباشرة نحو شعار تحسين جودة الرغيف، وتقديم مادة جيدة للمواطن بعدما عانى لسنوات من سوء صنع الرغيف، وحوله بشكل تلقائي إلى مادة علفية للدواجن والمواشي.

في الإيجابيات

 سيكون البيع على البطاقة الالكترونية أداة جيدة للحد من هدر الدقيق التمويني وتهربيه لغاية الاتجار به، خاصة أننا نقع اليوم تحت حصار شديد، ولن ينفعنا سوى الاعتماد على ما ننتجه كي نتابع دورة حياتنا، ونتحلى بمزيد من الصمود، والقمح أحد أعمدة هذا الصمود، والمحافظة عليه واجب على الجميع.

المستجد الآخر…

الأمر المستجد الآخر هو زيادة تعرفة وسائط النقل العامة، فنتيجة جنون تكاليف الإصلاح والصيانة، كان لا بد من زيادة الأجور بما يخفف من معاناة أصحاب هذه الوسائط، ويعطيها جرعة مناعة ضد التوقف عن العمل.

ربما لم تقنع الزيادة سائقي السرافيس والتكاسي، ومن المؤكد أنها أثارت حنق المواطنين، لأنهم سيدفعون هذه الزيادة من جيوبهم الفارغة بعدما نهشتها مصاعب الحياة، وبقي دخلهم على حاله رغم اشتعال الأسواق، وهذا البحث له موقع آخر، وحديث منفرد سنعود إليه لاحقاً.

 فيما يخص التعرفة الجديدة، لا بد من تسليط الضوء على الثغرة الأساسية، ألا وهي الكسور أو(الفراطة) كما نسميها باللغة العامية، فالجميع يتساءلون إن كانت هذه(الفراطة) متوفرة لدى السائقين؟، والجميع يرى في هذه الكسور باباً لجبرها ضد مصلحة المواطن، لأن الحجة جاهزة، وعبارة(ما معي فراطة) لها تاريخ عريق في حياتنا اليومية، وإن حاولنا الاعتراض، سيأتينا الجواب معلباً جاهزاً: (أعطونا الأجرة كما هي ونحن لكم من الشاكرين).

بناء عليه، لن يجد المواطن طريقة سلسة لدفع الأجرة كما وضعتها اللجان التسعيرية، وسنكون أمام عشرات المناكفات اليومين بين الركاب والسائقين، وربما ستنشط دوائر حماية المستهلك كثيراً لقمع السائقين المتمردين على (الفراطة)، فياحبذا لو أعيد النظر في طريقة وضع التعرفة، وإلغاء الكسور كيلا تتحول إلى باب لإشغال الجهة المعنية بالرقابة، فهنالك ما هو أهم وأبدى، ومن (شرب النهر لن يغص بالساقية).

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار