الوحدة 9-7-2020
غالباً ما نطلب من أبنائنا أن يجربوا هذه الطبخة أو تلك قبل أن يحكموا عليها، أو يتخذوا موقفاً منها، معتمدين على انطباع ما، أو حكم منقول إليهم من آخرين…
وتصادفنا في حياتنا اليومية تفاصيل أخرى كثيرة، يذهب البعض إلى محاولة زرعها في قناعاته كقوانين غير قابلة للنقاش، حتى لو تغيرت التفاصيل، كأن يكون الحكم على أي مدير بأنه فاسد، وعلى أي وزير بأنه لا يشعر بوجع المواطن، وعلى أي مبادرة تقوم بها أي جهة حكومية بالفشل لمجرد أن تجربة ما سابقة فشلت!
لا أسوق هذه المقدمة لأبرر لنفسي الخوض فيما يناقضها، لكنها دعوة إلى حوار مع أنفسنا بكثير من الموضوعية والشفافية، ونحن مقبلون على استحقاق وطني كبير متمثل بانتخابات مجلس الشعب، ولنبدأ من المقولة المكررة (مرضياً) وهي أن (لا قيمة لأصواتنا) ولنقف أمامها بكل (الكرامة الشخصية) أولاً، وبكل الأمانة الوطنية ثانياً، وبكل (الخطابية المرفوضة إن شئتم) ثالثاً…
لا قيمة لصوتنا!
من منَّا يقبل أن يكون كذلك؟ ولنفترض أن هناك من سلبنا قيمة صوتنا في السابق، فهل نرضى أن يستمر الأمر على ما هو عليه؟
المقولات (الخانعة) مرفوضة جملة وتفصيلاً، وادعاء مثل هذه الشكوى دون محاولة لتغيير الواقع يتحول إلى تهمة (أخلاقية) بحّق أيّ منا، وهو مؤشر (سلبية) ليست مقبولة في هذه الظروف تحديداً…
ستأتي الردود: من سينجح معروف سلفاً، يزوّرون الانتخابات، كفى استهزاء بمشاعرنا، لن نشارك، سينجح من يدفع…
لن أناقش صحة هذه المقولات من عدمها، ولنفكر معاً بطريقة تغييرها والتخلص منها…
هل سنقول لشخص يصل إلى مجلس الشعب باستمرار أن يجلس في بيته ولا يرشح نفسه وهو يعلم أنه سينجح، أم نذهب بكل عنفوان أصواتنا إلى صناديق الاقتراع لنزيحه ونأتي بالأجدر لتمثيلنا؟
إن كان (الدفع) هو من يحدد الواصلين إلى مجلس الشعب، فمن الذي يقبض، وإن كان (مسؤولاً ما) هو من يقبض، فهل يستطيع هذا المسؤول أن يحرف صوتنا عن هدفه، إن التزمنا بممارسة حقنا الانتخابي؟
لم يسبق أن طلب أحد القائمين على الانتخابات رؤية ماذا تكتب في ورقتك الانتخابية … إذاً، إما إننا نمتنع أونتأخر في تنفيذ حقنا الانتخابي، وإما إننا نقول شيئاً ونفعل عكسه!
لا أركّب جناحين وأغرّد خارج الواقع، ولكن نقطة ماء تنسكب كل ساعة مرة تحفر أثراً في أقسى أنواع الصخور، فهل نكون أكثر وهناً من قطرة ماء؟
القلم بأيدينا، وبياض الورق الانتخابي نحن من يحدد لونه شرط توفّر الإرادة، وهذا ما نتمناه ونعمل من أجله، ونتمنى أن نترجمه في 19 تموز الجاري…
لا احتكارات…
وحتى نكون شفافين إلى أبعد درجة، ونوّضح موضوع تكرار بعض الأسماء على قوائم (الوحدة الوطنية) وامتعاض البعض من هذا الأمر، لا بد من القول:
– شارك الآلاف بعملية (الاستئناس)، وإن كانت خياراتهم خاطئة، فهم بالأساس مواطنون عاديون، وتقع عليهم قبل غيرهم تبعات هذا الاختيار.
– قوائم الوحدة الوطنية تُظلم عندما يتناولها الحديث العلني أو المبطن بمقولات (مسبقة الصنع) لأنها تدخل السباق الانتخابي كأي مرشح مستقل، أو كأي قائمة انتخابية أخرى.
– من حق أي حزب سياسي مرخص أن يشكل قائمة يدخل بها الانتخابات، ويرى فيها الأجدر لتمثيله، ومن حق الناخب أن يختارها أو يرفضها، وهذا الأمر ليس حكراً على سورية، وإنما هو موجود في كل بلدان العالم.
ووفقاً لما تقدّم، وبحثاً عن مشاركة حقيقية في انتخابات مجلس الشعب، على طريق تفعيل دور هذا المجلس، وتفعيل دور ممثلينا فيه، وعلى وقع ما نعيشه من صعاب وتحديات داخلية وخارجية، ولأن قسماً كبيراً ممن يحقّ لهم الانتخابات في هذه الدورة البرلمانية قد أنضجتهم الحرب الإرهابية الشرسة على بلدنا الحبيب، ولأنهم عاشوا تفاصيل هذه المعاناة بكل إحساس، ولأننا نتطلع إلى (سورية أفضل)، إلى سورية تبقى قادرة على استيعاب أحلامنا وتطلعاتنا (وسنبقى) فإننا نتوجه إلى شبابنا المعنيين بالمستقبل أكثر مّنا لأنه ملكهم، أن يقرروا مستقبلهم، وأن يختاروا من يمثلهم حقاً، بعد أن يحرروا أنفسهم من كل المقولات اليائسة، ويهزموا ترددهم، وتغييب أنفسهم عن حدث يعنيهم بالدرجة الأولى…
قد لا تأتي النتائج كما نشتهي، وقد يصل بعض تجّار الأزمة إلى مجلس الشعب، فإن لم نستطع منع ذلك كلياً، فبإمكاننا التخفيف من حدته على الأقل..
لا نطلب من شبابنا انتخاب قائمة بحد ذاتها، أو مرّشح بعينه… واجبنا كإعلام وطني أن نحفّز على المشاركة بالعملية الانتخابية من أجل إحداث التغيير الإيجابي المطلوب، والذي نسعى إليه، ليرتقي العمل البرلماني إلى مستوى التحديات التي يواجهها بلدنا، وليكن ممثلونا تحت قبة مجلس الشعب أهلاً لتمثيلنا، وقادرين بالدرجة الأولى على التواصل معنا، وعدم تغيير أرقام هواتفهم، وأن يكونوا صوتنا الحقيقي المدافع عن مصلحتنا كمواطنين، لا أن نسمح لهم بالتسلق على أصواتنا لتحقيق مصالحهم الشخصية…
نقدر على ذلك… ويجب أن نفعل، فإن لم يكن كل الواصلين إلى مجلس الشعب ممثلين حقيقيين لنا، فسيكون بالتأكيد عدد منهم كذلك، شرط أن نعيد لصوتنا الانتخابي القيمة التي أهدرناها ونهدرها عن سابق يأس وقنوط…
غانم محمد