الوحدة: 16- 6- 2020
العلاقات العاطفية عن بعد أصبحت من ملامح وقتنا الراهن ومقتنياته العصرية، وأصبح الحب عن بعد آخر أنماط عصر العولمة الذي حولّت الحبّ والاهتمام إلى سلعة، حياة عديمة التواصل المباشر علاقات عابرة وغامضة ناجمة عن نوع من الاتصال اللحظي الذي أنجب الحب النائي بدلاً من الحب الداني والعلاقات المعولمة بدلاً من العلاقات الحميمة، علاقة في عالم افتراضي عبر تراسل بالبريد الالكتروني دون لقاء ودون تعرف أحدهما على الآخر، دون الأخذ في الحسبان للفارق العمري والحالة العائلية والمهنية والتفكير والانسجام.
وسائل التواصل الاجتماعي مرايا تعيد انعكاس صور ذواتنا، ما إن نضع الأصابع ونقبض على أجهزتنا وبلمح البصر تقذفنا صوب هدفنا ثم ترمينا في جحيم استهلاكها، نظن أن بإمكاننا إذابة البعد وتسهيل إحضار الآخر محاولين بناء عام قائم على الشفافية لنقع في فخ الهشاشة السائدة والغموض واللا معنى والأسئلة الصعبة والأجوبة المستحيلة التي تتجلى فيها مكابدات الحبّ الافتراضي.
بمقدار ما صدر للشعوب التكنولوجيا المتطورة ، وتقنيات التقدم، بمقدار ما صدر لهم أدوات التفكك الاجتماعي والخراب والاغتراب الذاتي وطموحات الخيال والمحال.
العلاقات العاطفية عن بعد تشبه زراعة الوهم حيث الحضور الكثيف لأجهزة التواصل الاجتماعي في الحياة اليومية وتأثيرها على الجو العام والمظهر، أشخاص يخوضون حوارات افتراضية يتحدثون فيها عن كل شيء دون تخصيص ثم تحرك المشاعر ويولد الحبّ على الأثير سرداً وشكلاً ، ما يزيد من غشاوة الرؤية ويعمي العينين عن إدارة البوصلة بالاتجاه الصحيح ، ما يفقد الناس السكينة والهدوء الروحي بسبب امتزاج الأشياء وغياب الشيء الهام والمطلوب في طرق ملتوية أكثر تعرجاً وضياعاً.
الانشغال الطويل بالتواصل الوهمي الافتراضي واللهاث وراء إقامة العلاقات العاطفية عن بعد مع الآخر البعيد الوهمي بهيئته الافتراضية يزيد الضياع والابتعاد والغربة عن الذات وتجعلنا نفهم ذاتنا ونكتشف هشاشة وجودنا ومقدار ابتعادنا عن جذورنا وعاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية الأصيلة.
معينة أحمد جرعة