الفقر والجوع يفتحان شهية النشالين

الوحدة: 4- 6- 2020

 

النشل ظاهرة منبوذة في مجتمعنا وإن وجدت فهي بأعداد قليلة فرضتها الحالة القسرية التي نعيشها من سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتدابير العملية فلا يكون في وجه أصحابها غير اللجوء إلى هذه الوسيلة وتصيد الناس في أماكن الازدحام وسلب أموالهم في الطرقات وعلى الدروب يرمون بالهوية  والأوراق الشخصية.

تصعقنا المفاجأة ونسحب أذيال المصيبة والخيبة، ففي غفلة منا وبأيد خفيفة ماهرة بالسرقة والنشل نفقد ما تحويه جيوبنا وحقائبنا ونقع ضحية لذوي الأصابع السحرية ولقمة سائغة لأصحاب النفوس الضعيفة، عندما نضطر لحشر أجسادنا وسط جمع بشري يلهث للصعود إلى حافلات النقل الداخلي أوقات الذروة واختلاط الحابل بالنابل والتصاق الناس ببعضها، كذلك بين تخطيط الجناة المتواجدين في مراكز تحويل الأموال والمصارف والمحلات التجارية والأسواق والكراجات وانشغال المسروقين، يقع المحظور في غفلة عن المتسوقين والمنشغلين بانتقاء بضاعتهم وتسيير أمورهم ينشلون منهم ما خف وزنه وغلا ثمنه ويتوارون عن الأنظار وقد يساهمون في البحث عن السارق ولا عين ترى أو قلب يتوجع.

بعض النشالين من أصحاب السوابق يقومون بمراقبة ضحيته وتدبير الخطط للانقضاض على الفريسة وإيقاعها في الفخ والفوز بالمسروقات، ولا تقتصر مهنة النشل على الرجال فقط بل هناك الكثير من النسوة ممن يمارسن هذه المهنة وهنّ يقمن بمغافلة أخريات وأخذهم بالكلام المعسول وطيب الحديث ونشل أغراضهن.

ظاهرة النشل تنمو في تربة اجتماعية خصبة بالبطالة وكثرة العاطلين عن العمل والمهجرين والنازحين عن مساكنهم وقراهم إضافة إلى الفقر وضغوطات الحياة اليومية المادية، لكنها لا تبيح ولا تعطي العذر للنشال مهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف بائسة ويصبح البحث والعثور على النشال كمن يبحث عن إبرة في كومة قش رغم كثرتهم وتعدد مواهبهم وتواجدهم، وإن تمت غالباً ما تكون بالتراضي والتنازل مقابل إعادة الأوراق والمجوهرات ودفع أموال حرصاً على السمعة الحسنة، الغاية لا تبرر الوسيلة والضرورات لا تبيح المحظورات، الفقير يعمل بجد ليأتي النشال ويقطف ثمرة تعبه وعرقه، علينا تعزيز الوعي المجتمعي وكشف خطورة هذه الظاهرة لتي تؤرق الكثير ووضع عبارات (احذروا النشالين) في الأماكن المزدحمة التي تشكل بيئة فاتحة لشهية النشالين واتخاذ السبل لتحسين الوضع المعيشي لجميع الناس وعدم اعتبار الفقر والجوع مبرراً للجوء إلى أساليب منحرفة وملتوية.

معينة أحمد جرعة

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار