مع طغيان الأمور المادية على كل نواحي الحياة.. الزواج شراكة إنسانية.. أم استثمار؟

الوحدة: 3-6-2020

 

طغت المصالح والماديات على معظم العلاقات الاجتماعية في عصرنا الحالي بما فيها العلاقات العائلية, كما فرضت حضورها على العلاقة بين الأخ وأخيه والرجل وزوجته في البيت الواحد, حتى أصابت هذه العلاقات المقدسة في مقتل, وحولتها إلى علاقات مصالح!…

من يتابع ملفات الخلافات الأسرية في المحاكم أو في عيادات الطب النفسي حيث وصل بعضها إلى الإضرار النفسي لأحد الطرفين يجد أن العنوان العريض للزيجات التي انتهت بمثل هذه الخلافات (الأسباب المادية) ما يعني أن الزواج العصري أقرب إلى المشروع التجاري والاستثماري منه إلى علاقة الحب والتفاهم والمودة إذ بات معظم الشباب يفضلون الزوجة الموظفة ويؤيدون ضرورة مساهمتها مع الزوج في الإنفاق على المنزل من مبدأ ضرورة التعاون ومواجهة صعوبات الحياة وغلاء المعيشة.

ويبدو أن المجتمع النسائي انقسم إلى قسمين انتسبت إليه الموظفات اللواتي يفضلن العمل والحرية على الزواج معللات ذلك بأنهن قادرات على جني المال وتوفير حياة مرفهة لأنفسهن من دون زواج والآخر يمثل الموظفات اللواتي يقبلن الزواج برجل محدود الدخل ومساعدته مادياً لرغبتهن في الزواج هرباً من شبح العنوسة وهكذا يتوافق الطرفان حيث لكل منهما مصلحة خاصة يبرران من خلالها تلك العلاقة التي تنشأ بينهما ويوثقانها بعقد زواج.

عمل المرأة ضروري في ظل مجتمعاتنا التي فتحت آفاقاً مهنية عدة للنساء لاسيما أن تكاليف المعيشة التي تشهد تصاعداً متزايداً لا يمكن أن تلقى على عاتق الرجل وحده كما أن تربية الأولاد ورعاية الأسرة هما واجب على المرأة لذلك تتداخل هذه المسؤوليات وتشكل خطاً فاصلاً بين التعاون والاستغلال وبين الحق والواجب والطواعية في العمل  أو الإكراه عليه. إذ أن البعض من النساء عرضن على أزواجهن فكرة ترك العمل ليتفرغوا لتربية الأولاد لكن هذا العرض قوبل بالرفض من قبل الزوج بحجة أن راتباً واحداً لا يمكن أن يغطي نفقات المعيشة في السابق كانت المحبة أساس التعامل بين الطرفين .أما الآن فقد تلاشت ليحل مكانها التوازن المادي ،فالرجل مستعد أن يسامح زوجته على تقصيرها في البيت مقابل أن تساعده في جني المال ومصاريف الأسرة بينما قديماً كان من الممكن أن يتشاجرا لأنها لم تطبخ.

هذا التحول المادي تسبب في تفكك الأسر لتباعدها عن المبادئ الأساسية للزواج التي ترجح كفة التعامل الإنساني على التعامل المادي إذ أن مطالب الحياة زادت بشكل كبير مقابل فرص العمل الوفيرة للنساء التي تفوق  فرص الرجال أحياناً فلو تقدم رجل وزوجته لذات الوظيفة قد يتم تفضيل زوجته عليه لذلك يجب أن يستثمر الرجل هذا الامر لمصلحة زواجه ويستفيد من راتب الزوجة لمصلحة عائلته فهولا يأخذ المال لنفسه خصوصاً أن متطلبات المرأة أصبحت كثيرة حيث تريد خادمة وسيارة ومنزلاً مستقلاً عن منزل أهل الزوج وهناك الكثير من المطالب والشروط التعجيزية . وهذا ما جعل الزوجة تعتبر أن هذا الزواج زواج استثماري إذ لا يحق للرجل أن يمنع زوجته من العمل أو أن يشترط عليها العمل كأحد شروط الزواج كما يحصل في إعلانات الجرائد فهذا الشرط يبعد الزواج عن هدفه الاجتماعي والإنساني والديني ويحوله إلى مؤسسة استثمارية ومثل هذا النوع من الرجال لا يفكر في الاستقرار بقدر ما يفكر في حلول مادية لكافة الأمور أي أنه قد يترك زوجته إذا وجد امرأة أكثر منها انتاجاً وأعلى منها مركزاً وظيفياً.

أن التعاون بين الزوجين يجعل الحياة سهلة وبسيطة وجميلة وثمة ثوابت وأهداف في الحياة الزوجية ينبغي أن يتفقا عليها حتى لا ينشب الخلاف .فالاتفاق على الأهداف بين الزوجين أمر ضروري لضمان استمرار الحياة الزوجية فالخلاف قد يترك مجالاً للشجار الذي يصعب معه الوصول إلى الحلول الإيجابية وقد يقود في كثير من الأحيان إلى الطلاق.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار