الانقطاع الدراسي وكيفية مواجهة تحديات الفاقد التعليمي لدى أطفالنا

الوحدة: 3-6-2020

في ظل التشتت والتفكير القلق إزاء الأوضاع الراهنة على مستوى العالم ككل ، يتبادر إلى أذهاننا جميعاً السؤال الملّح الآتي : ماذا بعد فترة الانقطاع عن الحياة الاجتماعية على اختلاف مستوياتها ومجالاتها ؟ وماذا عن كيفية العودة إلى حياتنا الطبيعية الاعتيادية ؟ لكن الأهم من ذلك كله يتعلق بحياة أطفالنا – صحياً وتربوياً وتعليمياً – ويتمحور كذلك حول كيفية تعويض الفاقد التعليمي وترميم الاندماج الاجتماعي الذي تم حرمانهم منه تحت أشكال ومسميات عديدة حفاظاً عليهم وعلى صحتهم ؟ آراء عديدة تطالعنا بها الدراسات والتوجيهات للعديد من المختصين في هذا المجال عالمياً وتزودنا بالأرقام والبيانات حول تأثير اجتياح هذا الوباء لجميع بلدان العالم وتقدم لنا بعض النصائح والارشادات حول كيفية تجاوز هذا الواقع بأقل الخسائر الممكنة – خاصة في المجال التعليمي – ونذكر عبر هذه السطور دراسة عالمية تلخص تبعات الانقطاع الدراسي والاجتماعي للأطفال حول العالم ككل وترشدنا إلى كيفية تلافي نتائج هذا الانقطاع والوصول إلى نهاية آمنة . وهي دراسة قدمها خايمي سافيدرا.

المدير العام لقطاع البرامج العالمية للتعليم بمجموعة البنك الدولي وجاء فيها : ” يشهد العالم حدثاً قد يهدد التعليم بأزمة هي الأخطر حالياً . حيث تسببت جائحة فيروس كورونا في انقطاع ما يقرب من 80% من الطلاب الملتحقين بالمدارس على مستوى العالم ” . وذكرت الدراسة الآثار المباشرة التي تعود بنتائجها على الأطفال ، والتي تثير القلق في هذه المرحلة من الأزمة وأوجزتها بما يلي : خسائر التعلّم – زيادة معدلات التسرب من الدراسة – انعدام المساواة في النظم التعليمية، الذي يعاني منه معظم البلدان.

أما فيما يخص التعلّم ، فقد أوردت الدراسة بأن التأخر في بدء العام الدراسي أو انقطاعه سيؤدي إلى حدوث اضطراب كامل في حياة العديد من الأطفال، وأهاليهم، ومعلميهم. لكن هناك الكثير مما يمكن عمله للحد من هذه الآثار على الأقل، وذلك من خلال استراتيجيات التعلُّم عن بعد، حيث تتمثل الاستراتيجية المناسبة لأكثرية البلدان في استخدام جميع الوسائل الممكنة التي توفرها البنية التحتية الحالية في إيصال الخدمة. فيمكن استخدام أدوات الانترنت في إتاحة مخططات الدروس، ومقاطع الفيديو، والدروس التعليمية، وغيرها من الموارد للطلاب والمدرسين على حد سواء .

وعن الجانب الاجتماعي ، ذكرت الدراسة بأنه : ” من الأمور بالغة الأهمية، الإبقاء على حماس الأطفال للمشاركة الاجتماعية . فالطالب لا يذهب إلى المدرسة لتعلم الرياضيات والعلوم وحسب، ولكنه يذهب كذلك ليقيم علاقات اجتماعية ويتعامل مع أقرانه، ويتعلم كيف يكون مواطناً، ويطور من مهاراته الاجتماعية. ولذا من الضروري الحفاظ على التواصل مع المدرسة بأي وسيلة لازمة. وإن كان دور الوالدين والأسرة، بالغ الأهمية على الدوام، فإنه أشدّ أهمية في ذلك الصدد. ولذا، يجب توجيه قدر كبير من العون الذي تقدمه وزارات التربية والتعليم عبر وسائط الإعلام الجماهيري، إلى الأهل أيضاً.

أما الجانب المشرق في الأمر فيكمن – بحسب الدراسة – في أن ” العديد من التحسينات، والمبادرات، والاستثمارات التي قد تتخذها النظم التعليمية سيكون لها الأثر الإيجابي طويل المدى. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، زيادة المهارات الرقمية لدى المعلمين وزيادة مشاركة الأهل في العملية التعليمية لأبنائهم، وستكتسب وزارات التربية والتعليم فهماً أوضح للفجوات والتحديات ( في إمكانية الاتصال، والمعدات، ودمج الأدوات الرقمية في المناهج الدراسية، وجاهزية المعلمين) الكائنة في استخدام التكنولوجيا بفعالية، وستتخذ إجراءاتها لتفعيل ذلك. وهذا من شأنه أن يعزز منظومة التعليم المستقبلية في البلدان. وأمام جميع الأنظمة التعليمية مهمة واحدة، ألا وهي التغلب على أزمة التعلُّم التي نشهدها حالياً، والتحدي الماثل اليوم يتلخص في الحد من الآثار السلبية لهذه الجائحة على التعلُّم والتعليم المدرسي ما أمكن، والاستفادة من هذه التجربة للعودة إلى مسار تحسين التعلُّم بوتيرة أسرع. ويجب على الأنظمة التعليمية مثلما تفكر في التصدي لهذه الأزمة، أن تفكر أيضاً في كيفية الخروج منها وهي أقوى من ذي قبل، وبشعور متجدد بالمسؤولية من جانب جميع الأطراف الفاعلة فيها، وبإدراك واضح لمدى إلحاح الحاجة إلى سد الفجوات في فرص التعليم، وضمان حصول جميع الأطفال على فرص تعليم جيدة و متساوية” .

بقي للقول : بعيداً عن الأجواء النظرية لهذا النوع من الدراسات ، تبقى الحاجة الفعلية في واقعنا الراهن – المحجور صحياً واجتماعياً – إلى تضافر الجهود الرسمية والأهلية واستثمار الامكانات والأدوات المتاحة للوصول إلى مراحل متقدمة من العمل وتخطي كافة العقبات التي تحول دون تحقيق الحد الأدنى من مقومات النجاح في عملية عودة أطفالنا إلى مدارسهم ودراستهم بشكل مثمر وفعال.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار