الوحدة : 15-5-2020
الهواجس الصحية والبيئية تزيد الحياة صعوبة وألماً، وتشكلّ قلقاً للمواطنين هذه الأيام، وخاصة ضرورة الوقاية من فيروس الكورونا، وتوفير الحماية الصحية، والحفاظ على الصحة العامة، وإبعاد شبح التلوث المخيم على المواطنين, والذي أثبتت الدراسات والأبحاث انتقاله بالملامسة بشكل رئيسي أكثر من الهواء.
أمراض كثيرة تغزونا بفعل التلوث ومنها السرطان, والنفايات الصلبة وأكوام القمامة في المكبات العشوائية وتلال النفايات والأوساخ المكدسة في الشوارع وعلى الطرق والمياه القذرة الملوثة الضارة الجارية منها, والروائح المقذزة التي تزكم الأنوف منتشرة في كل مكان، وتشكل قضية بيئية مؤرقة، علينا استنفار كل الجهود لتداركها والتخلص منها، ونرفع عن كاهل السكان أخطار ما تسببه النفايات الصلبة من الأمراض والضرر الذي تلحقه بالبيئة وتهديد سلامتها.
النفايات الصلبة متراكمة حول الحاويات وعلى الطرق وفي الشوارع والأحياء، ويتم ترحيلها إلى مكبات القمامة للتخلص منها بالحرق العشوائي مع باقي النفايات الأخرى حيث تعادل كمية النفايات المرمية يومياً في المكبات مئات الأطنان فما بالك عندما تفيض الشوارع والطرق والحدائق والحقول بالأمطار وتتحول إلى برك مياه تعلوها القمامة والمخلفات البلاستيكية المتنوعة, وهو ما يظهر بالوقت نفسه حجم المشكلة والتقصير في التعامل مع الحالات الطارئة الطبيعية والتبدلات المناخية السائدة حالياً.
مازالت عملية الحرق هي الطريقة السائدة للتخلص من النفايات الصلبة بما تحويه من نفايات ملوثة ومواد خطرة وتصاعد السحب الدخانية المحملة بالهباب والجراثيم في جميع الاتجاهات التي تغطي المكان وتبرقع وجه السماء والتي تشكل مشكلة بحد ذاتها وأخطاراً صحية من الإصابة بالأمراض الصدرية الناجمة عن الدخان المنبعث واضطرار الأهالي في عز الصيف لإغلاق نوافذ منازلهم تجنباً لاستنشاق الهواء الملوث المضر بالصحة العامة وما يولده من أخطاره على الانسان والبيئة المحيطة من التلوث بنواتج الحرق وانبعاث الغازات الضارة والروائح النتنة الكريهة وانتشار الحشرات والقوارض والذباب والبعوض والكلاب الشاردة وتدهور نوعية الهواء والتصحر وتدهور التنوع الحيوي وزيادة المشكلات البيئية وانعكاساتها السلبية على الأشكال الحياتية الأخرى التي تتزامن مع التغيرات المناخية الحادة الكارثية والعوامل الجوية والاحتباس الحراري.
هناك معامل حديثه لتدوير النفايات الصلبة تتمكن من فرز النفايات العضوية والمختلفة ( أخشاب- معادن- زجاج- بلاستيك- نايلون- كرتون- ورق- نفايات طبية- بقايا أعمال الهدم) وإعادتها إلى مكوناتها الأساسية وإعادة تدويرها بطريقة صحيحة وآمنة بيئياً وصحياً وبشرياً وتحويلها إلى مواد خام وصناعات تحويلية ومنتجات مفيدة صديقة للبيئة, إذ أن تدوير النفايات وفرزها وعدم حرقها بشكل عشوائي يمكننا من التخلص من النفايات الصلبة والاستفادة من مخرجات المعمل بإنتاج مواد خام أولية يمكن إعادة استخدامها في الكثير من الصناعات الوطنية والحرفية والمشروعات الصغيرة وإنتاج الأسمدة العضوية والمياه الصالحة للسقاية والري وتوليد الكهرباء وتوفير الكثير من فرص العمل للشباب العاطل عن العمل, وإبعاد شبح التلوث والأمراض السرطانية التي كانت ومازالت تشكل الوجع اليومي لمعظم السكان وخاصة في المناطق المحيطة بمكبات النفايات في المحافظات.
علينا تعليم المواطن طرق التعامل الآمن والسليم مع النفايات الصلبة والحث على النظافة وتعزيز التعاون بين فعاليات المجتمع المحلي للحد من التلوث وأخطاره وحماية البيئة والحفاظ عليها وتوعية المواطن يعدم رمي النفايات الطبية في غير الأماكن المخصصة لها وكيفية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية والبلاستيكية الكثيرة التي يستخدمها في حياته اليومية لتجنب المخاطر التي قد تنجم عنها, واستثمار ما تنتجه العقول المبدعة في مجال تدوير النفايات وإحداث معامل التدوير الحديثة في جميع المحافظات وتجهيزها بالبنية التحتية والخدمية( طرق- مياه- كهرباء- صرف صحي) وتزويدها بالمحروقات والآليات والمعدات الفنية والتقنية والتجهيزات الميكانيكية والكهربائية وتجهيز المعامل الفرعية الملحقة بها كمعامل الأسمدة ووحدة النفايات الطبية وتأمين الكوادر البشرية الفنية الخبيرة والعمالة الماهرة المؤهلة.
نعمان إبراهيم حميشة