التخطيـــــط الزراعي ما بـــــين البحــــــث العـــــلمي والتطبـــيق على أرض الواقــــع.. صعوبات تتجلى بضيــق المساحات وصغر الحيازات الزراعية وغـــلاء الأسعار

العدد: 9299

25-2-2019

 

التخطيط الزراعي هو العمل التنبؤي الذي يهدف الوصول إلى مستويات إنتاجية عالية مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الاقتصاد الوطني، واستغلال الإمكانيات المتاحة كافة بهدف تجديد إعادة العملية الإنتاجية في المستقبل. 

مفهوم هذا المصطلح والهدف منه، ومدى تطبيقه وترجمته على أرض الواقع، وأساليب إعداده، ومراحل وضع الخطة السنوية، والأسس المعتمدة، ودور المعنيين في القطاع الزراعي بتنفيذ الخطط الإنتاجية الزراعية، ومدى التنسيق بين كلية الزراعة في جامعة تشرين ومديرية الزراعة في هذا المجال، والصعوبات التي تعترض سير العمل لتنفيذ تلك الخطط، حملنا هذه الاستفسارات والتساؤلات ووجهناها إلى أهل الاختصاص والإجابات في هذا المضمار تجلت:
الأستاذ الدكتور إبراهيم حمدان صقر اختصاص تنظيم وتخطيط الإنتاج الزراعي عضو في الهيئة التدريسية بجامعة تشرين يقول:

التخطيط هو جهد يتطلب معرفة وخبرة ودراية من قبل المعنيين بهذا الاختصاص وهدفه الكفاية الإنتاجية عن طريق توزيع الموارد الموجودة على إنتاج السلع والخدمات الاستهلاكية والإنتاجية، بشكل يحقق توازناً بين الاحتياجات والإمكانيات المتوفرة على المدى القصير والطويل الأجل، بالإضافة إلى عدالة التوزيع وكفايته لتحقيق الرخاء والرفاهية، وتحقيق المستوى الأفضل من الحياة للمواطنين.
ويضيف د. صقر: القطاع الزراعي يلعب دوراً مهماً في تنمية قطاعات الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاستراتيجيات الاقتصادية والتي تتمثل بوضع الخطط للتكثيف الزراعي، ووضع خطط التنمية الزراعية.
ويقسم التخطيط من حيث الهدف إلى هيكلي ووظيفي، والوظيفي يقتصر على اتّخاذ القرارات والإجراءات بغية إحداث بعض التغييرات في الوظائف دون أن تؤدي بالضرورة إلى خلق أوضاع جديدة، والهدف منه هو إصلاح الواقع الراهن وترميمه لتمكن الوحدات الاقتصادية القيام بواجبها.
أما من حيث الشمولية فهناك التخطيط الشامل والتخطيط الجزئي، ومن حيث الأسلوب التنظيمي التخطيط المركزي واللامركزي.

 

من أجل تحسين المستوى المعيشي 

وحول أساليب إعداد الخطط يؤكد د. صقر أنّه من الضروري وقبل وضع الخطط الزراعية وإعدادها بشكل نهائي، أن تستكمل العناصر في وقت واحد، والعناصر تتكون من أربعة عناصر أساسية: الأهداف- الوسائل- المؤشرات- القرارات التنفيذية.
وبالنسبة للأهداف تكون اجتماعية لتحسين المستوى المعيشي، وسياسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، واقتصادية للمساهمة في زيادة دخل القطاع الزراعي.
في حين تتمثل متطلبات إعداد الخطط الزراعية إقامة علاقة متوازية بين القطاعين الإنتاجيين النباتي والحيواني، والوحدة الإنتاجية، بالإضافة إلى العلاقة التعاونية الإلزامية بين الوحدات الإنتاجية، وتحقيق الفائدة في المجالين العلمي والتقني، والعمل على تطبيق النتائج بشكل عقلاني لتنفيذ أهداف ومهمات الخطة، بالإضافة إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية والاستغلال الأمثل، وفي الحدود القصوى لكل وسائل ومستلزمات الإنتاج المتوفرة في الوحدة الإنتاجية وتأمين الموارد المالية اللازمة والعمل على تخفيض تكاليف الإنتاج لكل وحدة منتجة.
أما ما يتعلق بمراحل وضع الخطة السنوية والتي يجب تنفيذها وفق الترتيب الزمني المحدد لها:
* أولاً: تحليل العمل الاقتصادي، والإعداد للمناقشة ومقارنتها بالإنتاجيات المحققة من خلال تنفيذ الخطة في العام الماضي.
* ثانياً: وضع مشروعات الخطط للمزارع، والتصويت عليها، واقتراح الخطة المشتركة للمزارع الإنتاجية.
* ثالثاً: وضع خطط الفروع الإنتاجية، والمزارع الإنتاجية، والخطة المشتركة لمزارع الإنتاج النباتي والحيواني.

الريعية الاقتصــــــــادية
ومن الأسس الهامة لإعداد الخطة إعداد ميزان استعمالات الأراضي وفق المنفذ فعلياً، وعقد اجتماع مع مديرية الري في المحافظة، وإعداد محضر يتضمن تحديد القدرة الإروائية لمصادر الري المختلفة، والمساحات المروية التي يمكن التخطيط عليها حسب كل مصدر مائي، وحساب المساحة المروية على الآبار التي لم يتمكن أصحابها من ترخيصها، وتحديد مستلزمات الإنتاج اللازمة لتنفيذ الخطة من بذار وأسمدة ومبيدات وعبوات.. إلخ، وتشجيع ومتابعة معامل التصنيع الغذائي الموجودة في المحافظة، والتركيز على الأنواع والأصناف الملائمة للموارد، والتي يتم إنتاجها بأقل التكاليف وبعائد اقتصادي جيد، والتعميم على المزارعين لمعالجة أسباب عدم تمكنهم من استكمال بعض الوثائق الخاصة بالتنظيم الزراعي، ومنح التنظيم الزراعي للمساحات التي تحقق أفضل مردود للمحاصيل، والحد قدر الإمكان من تعدد المحاصيل الواردة في وثيقة التنظيم الزراعي لكل مزارع، ووضع المقترحات لاتباع أسلوب دعم التقنيات الزراعية بدلاً من دعم المنتج النهائي، وإعداد دراسة عن البدائل الاقتصادية لبعض الزراعات القائمة بهدف تحقيق ريعية اقتصادية /تصنيع المنتج، وتحسين مواصفاته.
وتتجلى الأسس الفنية لإعداد الخطّة في الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية بهدف الحفاظ عليها، والتخطيط وفق الإمكانيات الحقيقية المتاحة للمحافظة مع الحفاظ على التخطيط للمحاصيل الرئيسية: القمح- الشعير- التبغ- البطاطا، وتنسيق الدورات الزراعية، ودراسة الانحرافات بين المخطط والمنفذ للموسم الزراعي السابق، وتحديد المحاصيل التي لها ميّزة نسبية، ووضع خطّة لزراعة أصناف تصديرية، والتشجيع على الزراعة العضوية، والتخطيط للزراعات المحمية القائمة، واعتماد زراعة النجيليات في الأراضي المروية، والتأكّد من أعداد الأشجار المثمرة، والحراجية، والمساحات المشغولة بها، ووضع خطّة لأعداد رؤوس الثروة الحيوانية، وتحديد الاحتياجات من الأعلاف والرعاية البيطرية، ووضع خطة للدواجن ومنتجاتها، وحاجتها من الأعلاف والرعاية البيطرية أيضاً.
ويوضح د. صقر أنّ المسؤولين عن تنفيذ الخطة الإنتاجية الزراعية في المحافظة هم مجلس المحافظة والمجلس الزراعي واللجان الفرعية الزراعية على مستوى المناطق والنواحي، ومجلس التخطيط الفرعي في مديرية الزراعة، واتّحاد الفلاحين ومصلحة الإحصاء والتخطيط، والمصرف الزراعي، وفرع الهيئة العامة للحبوب والمطاحن واتّحاد الصناعات الغذائية، والمؤسسة العامة للأبقار، والمؤسسة العامة للدواجن، والهيئة العامة للثروة السمكية، ومؤسسة الأعلاف، ومديرية الأشغال العامة والثروة المائية في المحافظة.
التوسّع بالزراعات من الأولويــــــــــات
المهندس هيثم ديب رئيس دائرة التخطيط والتعاون الدولي في مديرية الزراعة باللاذقية يشير إلى أنّ الخطة الزراعية تشمل التوسع بزراعة الأشجار المثمرة والمحاصيل والزراعات المحمية، وإنتاج الغراس النباتية والحراجية، وخطة المكافحة والإقراض.
ويتم إعدادها وفق جانبين أساسين: المساحات الداخلة بالري حديثاً والمساحات الزراعية المستصلحة بالأصل.
وتبدأ الخطة الإنتاجية الزراعية عادة من بداية الموسم الشتوي حيث تشكل المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة حوالي 75% من المساحة المزروعة، 25% للمحاصيل والخضار والزراعات المحمية.
ومن الأسس الهامة لإعداد الخطة يوجد لجنة مركزية تنبثق عنها لجان فرعية على مستوى المحافظة، وتأتي أهمية الخطة من خلال استغلال كل شبر من الأراضي الزراعية، والاستفادة من المصادر المائية.
بالنسبة للأشجار المثمرة (الزيتون- الحمضيات- التفاح- الدراق- الكرمة.. إلخ) يتم تأمين مستلزمات العمل من أسمدة ومبيدات وقروض بالشكل الأمثل وتأمين الريّات المناسبة في الأوقات المناسبة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
ويتم التخطيط الاستراتيجي حسب نوع المزروعات والظروف المناخية والبيئيّة ونلاحظ بعض الاختناقات التسويقية حالياً نتيجة الأزمة التي تعرضنا لها.
أما ما يتعلق بالتنسيق ما بين كلية الزراعة والمديرية فيكون من خلال إرسال طلّاب دراسات عليا لأخذ البيانات، والوصول إلى نتائج هامة يمكن الاستفادة منها لاحقاً بالقطاع الزراعي، والجامعة فهي مكان بحثي وعلمي، ومع بداية الموسم الشتوي للمحاصيل فقد تمّت زراعة 1770 كغ قمحاً، و200 كغ شعيراً، و20 كغ عدساً ، 761،9، خضاراً شتوية، 4 حمص بأنواعه. ومازالت عمليات الزراعة مستمرة لتنفيذ كامل الخطة المقررة.
وبلغ عدد البيوت البلاستيكية للزراعات المحمية حتى الآن 13676 بيتاً وبالنسبة لآلية إعداد الخطط يبدأ التحضير بداية الشهر الثالث من كل عام بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية لتحديد المساحات المخططة للري، وبعدها يتم إعداد مشروع الخطّة، ومناقشته من خلال اللجنة الزراعية الفرعية في المحافظة، ومن ثم إرسالها إلى الوزارة في الشهر الخامس، واعتمادها كخطة عامة للموسم المقبل.
الصعوبات والمعوقــــــــات
ومن الصعوبات التي تعترض سير العمل ضيق المساحات الزراعية وصغر الحيازات، وحالياً غلاء الأسعار لبعض مستلزمات الإنتاج مثل الأسمدة والمبيدات، بالإضافة إلى المعاناة من مزاجية بعض المزارعين أحياناً من خلال عدم تنفيذ التوجيهات والتعليمات اللازمة، إنما يعمل بعض المزارعين وفق أهوائه وبالطريقة التي تناسبه.
كما أنّ هناك معاناة حقيقية في تسويق بعض المنتجات الزراعية وهذا بالتالي مما يؤدي إلى الفائض في الإنتاج، بالإضافة إلى نقص الأيدي العاملة وغلاء أجور العمال.

مريم صالحة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار