مدرســـة الحيـــاة

العدد : 9553
الأربعاء : 18 آذار 2020

 

أن يكون الإنسان لعبة، فنحن اللعبة وكورونا المثال، فمنذ الأزل القوي يقتل الضعيف والأرض ساحات حرب, أما السنبلة فإذ تنحني فتواضعاً لا خوفاً.

علمتنا المدارس, والحياة أن التاريخ الإنساني حروب, وأوبئة، أبيض وأسود!
الأسود منبوذ ومحارب، والأبيض صاحب الأرض.. وحقد يتطور وينمو ليصبح أنفلونزا خنازير و.. و.. وصار كورونا..
الأرض حقل, ونحن مزارعون, وحراس أو قطاع طرق ومرتزقة.. لا حلول وسطى, ولا مكان للطيبين.
في سورية، وباء يحصدنا منذ تسع سنوات، توجهه القوى العظمى في العالم رغم بعد المسافات, لتسرق نفطنا, وغازنا, وخيراتنا.. أما الجراثيم – الكورونات – فدول صديقة بل كانت حبيبة.. كشرت عن أنيابها فجأة, وقالت لنا: موتوا.
ومات الكثيرون.. لن ننسى مشاهد القتل الحية, وأكل كبد الإنسان.. لن ننسى،
في ذكرى انطلاق وتفتح براعم (الربيع العربي) في سورية.. ينتشر وباء جديد قديم في العالم – الكورونا..
فبين ليلة وضحاها.. سورية الصديقة تصبح عدوة بلمح البصر بل بجرة قلم.. ويتحول الصديق إلى عدو قاتل.. ليس بعدوى وباء بل بأشد منه.. الجهل والغباء.
وبعد سنوات, وأحداث, وخيبات, وانتصارات، لم يعد يخاف المواطن السوري من هجمة جرثومية أرعبت العالم، القرية الصغيرة.. إذ لا مسافات, ولا حدود أمام عصور التكنولوجيا إلا ما نرسمه بالبندقية..
وكورونا الذي زرعته أمريكا في الصين تحصده في بلادها والعالم.. لتأكل مما زرعت، فهل تجمع جنودها المبعثرين في البلاد للنهب, والسرقة أمام عيون العالم أجمع؟ أم تعتبرهم فرق عملة؟
وأما نحن.. عطلت المدارس، لكن الأطفال يلعبون في الشوارع والحدائق, ويحملون كتبهم, ويمضون إلى مدرسات خصوصية.. وعند أبواب المؤسسات ما تزال الأمهات والآباء ينتظرون دورهم للحصول على لقمة العيش.. يرضون بالقليل, ويقنعون بحياة وجدوا فيها دون تخطيط, وبدون قرار..
أما القرار فهو أن نعيش بسلام، نفرح لنقص في برنامج التقنين الكهربائي، لوفرة في مياه الشرب النظيفة، لقرض استطعنا الحصول عليه لنعيش بكرامة، وفي بيت لا تدخله أمطار السماء, ويتحول إلى بحيرة..
وإذا كنا نحارب، فنحن ندافع عن أرضنا، وإذا مات شبابنا فدفاعاً عن شرف, وأرض, وقضية حق لا باطل.
كورونا يخيف العالم, ونحن لم يعد يخيفنا الموت، كما لم تعد تخيفنا الحياة.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار