رقــم العــدد 9549
الخميـس 12 آذار 2020
أضحت إشغالات الأرصفة موضة دارجة منتشرة بكثرة هذه الأيام، ظاهرة تفاقمت واتسعت أصداؤها في أغلب شوارع المدينة والأحياء والطرق العامة، وصار لها تداعيات سلبية مؤلمة، وتلقي بظلالها المؤرقة على السكان، وتتسبب بأذى المارة وخاصة العجائز والنساء والأطفال، كما تلحق الأذى بالسيارات المركونة وتعرضها للحوادث والإصابات والإصلاح.
كل إشغال على الطريق العام والشارع والرصيف دون موافقة رسمية هو مخالفة قانونية موصوفة تستوجب المساءلة والعقاب، مثل التعدي على الشوارع والأرصفة بوضع أدوات البناء غير اللازمة ما يؤدي إلى تلويث الشارع وتشويه جماليته، ووضع سلاسل حديدية أو إطارات أو حلقات معدنية ووضع السلاسل الحديدية على جنبات الطرق والشوارع أو أي معيقات أخرى أمام كل محل تجاري وفي مداخل الأبنية ونشر الأكشاك التي تعرقل المارة على أرصفة الطرق العامة بدون حسيب أو رقيب، أو اقتطاع أجزاء من شوارع الأحياء وبناؤها بالبلوك والإسمنت وسقفها بالآجر وإلحاقها بمنازل السكن لأصحاب الطوابق السفلية، ويعمد بعض الأهالي إلى وضع العراقيل أمام منازلهم في الشارع العام ووضع الأغراض المهترئة والتالفة (الخردة) لمنع الغير من الاستفادة من الرصيف والشارع ومنع بقية سكان البناية من ركن سياراتهم أمامها ووضع أصص المزروعات الكبيرة والبلوك والبراميل التالفة بذريعة تخصيصها للقمامة ووضع معروضات البيع والسمانة ومواد الجملة على الرصيف أمام المحل ووضع لوحات الإعلان المعدنية عن البضائع والمهن التجارية لتتحول الأرصفة إلى معارض ثابتة للدعاية والإعلان وإشغال الأرصفة بالمهن اليدوية الفردية البسيطة ما يؤدي لإغلاقه نهائياً أمام المارة وكأنه صار تابعاً للمحل وعقاره!
في خطوة خاطئة وغير حضارية أثبتت الظروف والاستعمالات فشلها والتعديات والمضايقات عدم نجاحها وجدواها، وأظهرت الوقائع على الأرض فشلها قيام مجالس المدن بتأجير الأرصفة مقابل بدل مادي يدفع لمجلس المدينة عن المتر المربع الواحد والسماح للمستأجر بسقف هذه المساحات فوق الرصيف بالشوادر والزجاج في فصلي الخريف والشتاء ومنحهم تراخيص إشغال مؤقتة للمنشآت السياحية والمقاهي مقابل التعهد بعدم التشويه البصري لجمالية المدينة وعدم إعاقة المشاة وإبقاء ممر للمشاة بعرض لا أقل من متر، وأن تكون الإنشاءات غير ثابتة، والتعهد بإزالتها صيفاً، لكن الذي يحصل بالفعل تحول الرصيف إلى عقار مبني ومثبت بالدعائم والإسمنت ومسقوف ويتبع لصاحب المنشأة أو المقهى، ولا بد مع جشعه إلا إلغاء ومنع هذه التراخيص وإزالة التستير والسقوف المستعارة وتوابعها من الأرصفة والشوارع مهما كان ريعها وعوائدها وفوائدها المادية.
الأزمات المرورية سببها الرئيسي ضيق الشوارع وتوقف السيارات واصطفافها على حساب المشاة والمارة وغياب المرائب الطابقية والعادية وتوزيعها على كامل مساحة المدينة لتخفيف الازدحام في الشوارع العامة، وما يحصل في شوارع المدن مع ازدياد عدد السيارات العامة والخاصة لدى الأهالي قيام بعض أصحاب السيارات باقتطاع أجزاء من الرصيف أو الشارع العام ووضع عوائق حديدية ووضع الحواجز والجنازير والأسلاك والسلاسل المعدنية في عرض الشارع والرصيف وعلى الجانبين وعند مغادرتهم لسياراتهم إلى أعمالهم يزرعون الأعمدة لتمنحهم وحدهم صك الانتفاع بالمكان الذي ألحقوه بأملاكهم الشخصية وكأنهم ورثوه عن آبائهم! فلماذا لا يتم استثمار المساحات الصغيرة المتوفرة في جنبات المدن لتخصيص مواقف جديدة وبأشكال هندسية ملائمة لتخفيف الازدحام واستيعاب السيارات؟
في الأحياء الشعبية البعيدة عن أعين الرقابة والتي تشهد تزايداً سكانياً وازدحاماً كبيراً وفي مناطق السكن العشوائي يحدث العجب العجاب بدرجة لا تحتمل، إذ أن الطرق والشوارع والأرصفة هناك شبه معدومة والخدمات غائبة أو أقل جودة والتنظيم يندب حظه والتعدي على الوجائب والأرصفة والشوارع على قدم وساق ومشاهد مزعجة كثيرة لمركبات مركونة بطريقة فوضوية عشوائية تسبب فوضى مرورية وازدحاماً وإشكالات عديدة في شوارع لا تتسع بالأساس إلا لمرور عربة واحدة ما يلحق الأذى بالسيارات نفسها، ولم يترك تجار البناء فسحة مريحة لاستيعاب الحركة المرورية للناس وتأمين سلامتهم، ناهيك عن وجود الشوارع الضيقة بالأساس التي تختنق بالسيارات وتعطل حركة المرور وهدر الوقت سدى وتأخر الناس عن مصالحهم وأعمالهم.
التراخي في تطبيق القانون يؤدي إلى ازدياد وانتشار المخالفات والاعتداءات على الأملاك العامة وخلق حساسيات ومشاكل بين سكان الأبنية وحصول المشاجرات وتنامي الأحقاد والضغائن وغيرها من أمور تلقي بظلالها المنغصة على السكان..
على عاتق الدولة والمواطن حماية الأملاك العامة من العبث وإلحاق الأذى بها وإشغالها بأمور غير التي أقيمت من أجلها وتنظيم الحملات المفاجئة لقمع وضبط وتطويق هذه المظاهر والمخالفات ورفع الغرامات المالية ومحاسبة المخالفين وسن التشريعات والقوانين الصارمة الرادعة للجم المستهترين والعابثين بالممتلكات العامة.
نعمان إبراهيم حميشة