حضانـــة الأولاد في لعبــــة تحـــــدٍ و«لـــوي» ذراع…

العدد 9541
الاثنين 2 آذار 2020

 

لم يودعا الخلافات والصراعات بينهما وإن ودعا حياتهما الزوجية وكان الافتراق والطلاق حسناً أو كرهاً، وكل منهما صفّى حسابه في حرب ضروس مع الآخر ولم يلحظ فتى أمسك بيده اليمنى واليسرى قد أمسكها بأمه، فيشده لجانبه وهي الأخرى تشده لجانبها ونظراته تتمزق بينهما، ليبدأ رصيد جديد يحمل رسوم حضانة الأولاد بنفقات أو دونها بما توكل عليه الطرفان وقررا فيه اللاعودة بنهايات مفتوحة على مخلفاتها ومصير الأولاد التي تتقاذفها توعداً وتنكيلاً

شاهدتها تأتي بأولادها الثلاث، مراهق بعمر 13 سنة، وفتاتان أصغر منه ببضع سنوات، وكان قبلها رجل يجول في غرفة الإراءة وينادي بموظفي المحكمة أنها تأخرت ولن تأتيه بالأولاد ليراهم وهم يمهلونه ويحاولون تهدئته بأنها قادمة، وما إن وصلت حتى بدأت به بكلمات تلسعه بسوطها يميناً ويساراً بعد أن أخفت عن وجهها ابتسامة كادت تنفجر في لحظتها، وأنا أقف بعيداً عن مدارهما خشية أن يصيبني بعضاً من رصاصهما، فهو أيضاً كان قد بادرها بأكثر ما فيه بشاعة من الخلق وشرار عينيه لهيباً وناراً، ليكون الأولاد بين مرماهما، فمرة أراهم بجانب أمهم ومرة أخرى بجانب والدهم، وفي المرة الثالثة ينقسمون بينهم فقد رأيت الكبير ينحاز لجهة والده وأمه تنادي به أن يأتي إليها فقد مرت الساعتان وكان الجميع في الغرفة قد أسلم ما عنده لموظفي المحكمة وودعوا الأولاد بعد أن تركوا ما جلبوه لهم في أيديهم وقد ألقوا بأنفسهم في الأحضان وبعض القبلات، وهي قد انتشلت ولدها من جانبه وأمسكت بهم جميعاً وتطايرت مسرعة لتخرج من الباب، لكنه أمهلها وحاول منعها بالقوة ورفع يده ليضربها لولا أن حضر (شباب الشرطة) ومنعوه عن الأخطاء التي يمكن أن تجرمه إن هي عرضت بشكواها عليه في المحكمة، ووقفت حرب (البسوس) بنهاية مفتوحة لا غالب ولا مغلوب في ظنهما، لكنهم الأولاد (عنوة ونكاية) هم ضحايا.
× السيدة فاطمة، مطلقة منذ عدة سنوات وترى أن القانون ما زال فيه بعض العثرات والإجحاف بحق المرأة وحضانتها، أكدت بقولها: النفقة لا تكفي لشراء لباس لطفل واحد، وهو ما يضطرني للعمل والتعب والشقاء لأجل تأمين لقمة عيش ولدين وتعليمهما وأنا أعاني المرض وقلة الحيلة، يساعدني إخوتي ببعض المصاريف وزوجي يدعي الفقر وقد تزوج ثانية ولم يسأل عنا ولا يحاول أن يرى الولدين بحجة أنهما قليلا التهذيب ولسانهما سليط، يعاملني بقسوة وتظلم وكأني لم أكن يوماً زوجته وحبيبته، بل إنه يوم افترقنا رماني خارج البيت ليلاً وأقفل الباب ليستيقظ الولدان وينسحبان ورائي وهو ينهرهما ويضربهما ولم يهدأا إلى أن أخرجهما من الباب وهو يردد قوله (درب يسد ما يرد، جهنم عليكم) و(يدربس) باب حجره الذي بنيته (طوبة ..طوبة) لنكون سعيدين، فما كان مني غير أن تخليت عن كل شيء وتمسكت فقط بتربية الولدين، صغيراي لم يشتد عودهما وأخاف عليهما ظلم زوجة الأب، استأجرت غرفة ومنافعها وأعمل في مشغل خياطة فالشغل فيه ليس بجهد وعناء، ورؤيتي لولدي يكبران ويشبان وينجحان في دراستهما تنسيني الإساءة وتدفعني لتحمل أوجاع المرض وهموم الحياة، شارف عمر الكبير فيهما على 15 سنة ولا أظن بأن والده يدرك ذلك ولن أمنحه الولاية عليه، وسأحتفظ بوصايتي وحضانتي له طوال العمر.
× السيد أوس، قال: كانت زوجتي (نكدية) ولم أهنأ يوماً معها، فهي دائمة الصراخ والصراع بسبب ودون سبب، متطلبة ولا يرضيها شيء، تسمع كلام والدتها التي تحرضها دائماً علي وتثير المشاكل فهي مطلقة وزوجتي وحيدتها، ويوم تعرفت بها كانت (تتمسكن لتتمكن) وأوجعت قلبي بظلم أبيها الذي وقع على أمها ألماً وقهراً، وسرعان ما تزوجتها دون أن أسأل أو أرجع لأبيها، فكانت كأمها (طب الجرة ع تمها بتطلع البنت لأمها) حتى أننا رزقنا بمولودة جميلة آنست وحشتي وآنستني الدنيا وتحملت أمها لأجلها كثيراً، إلى أن انفجرت يوماً ورميت عليها اليمين وطلقتها لتأخذ كامل حقوقها وفوقها (حبة مسك) وبصغيرتي تلوي قلبي وليس ذراعي فقط، فتنال مني ما تريد حتى بعد طلاقنا، وعندما أذهب لرؤية صغيرتي ذات السبعة أعوام تجفل مني وكأني (بعبع) أحس بأنها تكرهني ولا تأخذ من يدي ما أحمله لها في الكيس من ثياب جديدة وألعاب أو حلوى، أحاول بشتى الوسائل أن أحظى ببعض القبول عندها، وطليقتي تتنكر للأمر وتدعي بأنها لا تعلم شيئاً لما ابنتي تفعل بي ذلك، إنه ليرهقني ويقهرني وأعد الأيام وأنتظر بفارغ الصبر لتكون في عمر يسمح لي بحضانتها، وأدعو من الله أن تتزوج أمها لأنال منها ويصبح من حقي أن أحتضنها، فأنا لا أرغب بالزواج ثانية ولن أجلب خالة لابنتي.
× المحامي أحمد الحلاق قال: نظّم قانون الأحوال الشخصية السوري أحكام الحضانة في مواده، والحضانة في القانون حق من حقوق الطفل وضعت لمصلحته لأجل أن تتم رعايته في المرحلة التي لا يعي فيها هو مصلحته وغير قادر على تأمين حياته، وهي أيضاً حق من حقوق الأم شريطة أن تتوافر فيها الأهلية.
أما الشروط القانونية للحضانة حيث تقوم الأم بمهام التربية والتعليم والتنشئة والسهر على الشؤون الصحية والغذائية وتأمين الاحتياجات المختلفة (نفسياً ومادياً وجسدياً) للطفل ومع ذلك فهي لا تتمتع قانونياً بالعناية اللازمة مقارنة مع ما تقدمه من مساهمات ومسؤوليات تجاه طفلها المحضون.
الحضانة في القانون السوري من حق الأم أو لحين بلوغ المحضون 15 سنة ومن بعدها ينتقل إلى الأب ويخير الولد بين أبويه حسب قانون الأحوال الشخصية الجديد المادة 146الفقرة 2 إن تنازلت الأم عن المحضون لأنه من النظام العام، أما بعد الطلاق بين الزوجين وكانت الحضانة للأم فإن من حق الزوج رؤية المحضون متى شاء، وفي حال امتنعت الزوجة فيحق للزوج مراجعة المحكمة وتطبق على من يخالف أمر القاضي أحكام قانون العقوبات.
سقوط الحضانة عن الأم بزواجها بغير محرم من المحضون بحسب نص المادة 138 من قانون الأحوال الشخصية الجديد المادة 137 يشترط في الحاضن: العقل، البلوغ، السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة، القدرة على تربية المحضون ورعايته وحفظه صحة وخلقاً، ألا يسبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على الشرف، وتستمر حضانة الأم ولو كانت على غير دين أب المحضون ما لم يثبت استغلالها للحضانة لتنشئته على ما يخالف دين أبيه وتسقط الحضانة عند إتمامه 15سنة من العمر، المادة 140 إذا تعدد أصحاب حق الحضانة فللقاضي حق اختيار الأصلح، المادة 141 يعود حق الحضانة إذا زال سبب سقوطه، وإذا كان المكلف بأجرة الحضانة معسراً عاجزاً عنها وتبرع بحضانة الصغير أحد محارمه خيرت الحاضنة بين إمساكه بلا أجرة أو تسليمه لمن تبرع، وليس لأحد الوالدين أن يسافر بالولد خارج الجمهورية العربية السورية خلال فترة الحضانة إلا بإذن الآخر ما لم تقتض المصلحة الفضلى للولد خلاف ذلك ويعود تقديرها للقاضي بقرار معلل.
× سمر شيخ سليمان، مرشدة نفسية أشارت بأن إطلاق عجلات الانتقام بين الطليقين يأتي على حوادث مؤسفة ومؤلمة، فيها الإصابات والجروح وتمزقات في الرباط العائلي للأولاد، لتترك أثارها واضحة بندبات بارزة ودمامل وقروح في نفوس أطفالها، وتملؤهم صراعات داخلية وخلافات يشكونها بين أفراد مجتمعهم ومحيطهم وحتى أنهم يوصمون بالعدوانية، وأكثرهم يخرج من المدرسة ويهرب ويترك دراسته ولا يتابع تعليمه، فيكونون في مواجهة رفاق السوء والشوارع، وهو ما يجعلهم معرضين للانحراف والإدمان إذا لم يأخذوا حقهم من التربية والتعليم والأمان والطمأنينة والسكينة.
كما أنه في حال تقسيم الأبناء بين رعاية الأم ورعاية الأب قد يزيد الآلام ويمزق الأسرة ويشرخ أسباب المودة والألفة بين أفرادها، إذ تدب الفرقة بين الإخوة بعد أن دبت وأثقلت بين الآباء، لتثير نكايتهما ببعضهما الخلاف عند الأبناء فيكونوا غرباء وقد يكونون أعداء في تصفية حساب..

هدى سلوم- معينة جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار