رواد المقاهـــي «مؤركلـــون» بحكـــم العـــادة …قرار وزارة الســياحة بمنع «الأراكيــل» يفتقد آلية التطبيــق

العدد: 9297

21-2-2019

كثير من المواطنين ليس لديهم معرفة بمخاطر التدخين خاصة لمن هم دون سن الثامنة عشر من عمرهم حيث يتّجه الشبّاب بعمرٍ مبكّر للتدخين تقليداً لغيرهم دون دراية بخطورة هذه العادة، فهي تبدأ بتقليد الغير وتنتهي بالإدمان علماً بأنّ مخاطر التدخين في عمر مبكر كثيرة جداً، فالجسم يكون في مرحلة النمو ممّا يؤثر سلبياً على نموه وذكائه ومناعته فدخان السجائر تحوي 4000مادة كيميائية سامة مسببة للسرطان، وقد أصدر السيد الرئيس مرسوماً تشريعياً في 2009 يقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة وخلال هذا العام صدر قرار من وزارة السياحة تمّ تعميمه على كافة المقاهي والمنشآت السياحية يمنع بموجبه تقديم «الأراكيل» للأعمار ما دون الثامنة عشر، وقد يساعد هذا القرار في التخفيف من الآثار السلبية على الأجيال الصاعدة في عمرها المبكر، فهل نُفذ هذا القرار من قبل الجهات المعنية؟!

 

دور متكامل
التقينا طبيبة الأطفال د. سعاد نزهة حيث قالت: إنّ المواد السامة الموجودة في السجائر و«الأركيلة» تنتقل عبر المشيمة إلى الطفل فيأتي الطفل قليل الوزن بالنسبة لأقرانه وقد يؤدي التدخين إلى الإجهاض أو وفاة الجنين بعد الولادة واحتمال وجود حمل خارج الرحم إضافة إلى تناقص إمكانية الإنجاب عند المرأة واحتمال حدوث سرطان الثدي وعنق الرحم.
فالطفل في رحم أمّه المدخنة يتعرض لـ 4000 مادة سامّة ويصبح مدخناً قبل أن يأتي إلى الحياة، وأضافت د. نزهة: إنّ التدخين السلبي هو أكثر خطراً من المدخّن نفسه وهو معرّض للإصابة بالأمراض وبالنسبة لتدخين الأطفال أكّدت نزهة أن الأهل هم قدوة للأبناء، فالطفل الذي ربي في جوّ المدخنين، سيقوم بتقليدهم ويصبح مدخناً، لأنه لا يدرك مضار التدخين وهناك عادات متناقضة للأهل كالأب الذي لا يسمح لأبنائه بالتدخين ولكن يحضر لهم «أركيلة» وكأنّها ليست كالسجائر، مع العلم أنّها أكثر ضرراً منها وخاصة في المقاهي، فقد تنقل أمراضاً خطيرة غير الأمراض التي تسبّبها هي نفسها لاستعمالها أكثر من شخص.
والحدّ من ظاهرة التدخين بين الأطفال يبدأ من الأسرة أي من ثقافة الأهل لذلك يجب توعية الأهل أولاً لخطورة انتشار التدخين بين الأطفال، وهذا ينبغي أن يتكامل مع جهات عدّة (كالمدرسة والمجتمع والأسرة).
المرتبة الأولى في انتشار التدخين
التقينا مسؤولة برنامج مكافحة التدخين في مديرية الصحة د. ميادة محرز، فتحدثت عن دور المديرية بنشر التوعية خاصة بين المراهقين لمخاطر التدخين حيث قالت: كشفت دراسة لمنظمة الصحة العالمية لعام 2010 أن سورية تحتل المرتبة الأولى في انتشار التدخين بين المراهقين بنسبة 20% كما توقعت ارتفاع النسبة بسبب الأزمة، وبيّنت د. محرز أن أسباب تعاطي التبغ عند المراهقين ومنهم دون سن الـ 18عاماً الرغبة في التجريب وتقليد أصدقاء مدخنين يدفعونهم للتدخين، إضافة إلى رغبة المراهق بإثبات أنّه قد أصبح رجلاً، خاصة (الأركيلة) التي أصبحت عادةً اجتماعية في المقاهي والمطاعم والرحلات.
وهناك أشكال أخرى لتعاطي التدخين كأشكال علب السجائر وأشكال لفائف التبغ التي تُباع بألوان وطعوم مختلفة تغري الشابّات والشباب لتجريبها.

مدرسة خالية من التدخين
يقوم برنامج المديرية بأنشطة على عدّة مستويات، فهناك مسؤول للبرامج على مستوى مديرية الصحة في اللاذقية وستة منسّقين في مناطق المحافظة (منطقة المدينة- القرداحة- الحفة- الشامية- جبلة الأولى- جبلة الثانية) إضافة إلى منسق في كلّ المراكز الصحيّة في المحافظة يقومون بتوعية المدارس باعتبارها تضمّ المراهقين حتى عمر 18 سنة، فتقوم المديرية بمبادرة أنشطة ضمن المدارس بعنوان (مدرسة خالية من التدخين) بالتعاون بين وزارة التربية ووزارة الصحة.
وقامت المديرية بإجراء دورة للموجّهات والمرشدين في المدارس الغاية منها توعية الطلاب لمخاطر التدخين وخصصت خمس دقائق في كل حصة مقرر للكلام عن مضار التدخين كما واقيمت أنشطة ومعارض رسم وغيرها وأثناء تحية العلم تم توجيه رسائل صحية لمضار التدخين في مدرستين واحدة للذكور وأخرى للإناث مدة المبادرة من 23 أيلول لغاية 23 تشرين الثاني وختمت بفعالية ( بمدارس خالية من التدخين) وأضافت د. محرز أنه قد تمّ الاجتماع مع أولياء الأمور ليكون البيت داعماً لعمل المديرية ولتوعية أبنائهم لمخاطر التدخين والعمل على تداركهم قبل أن يقعوا فيه وعندها من الصعب أن يقلعوا عنه.
حظر الإعلان عن التدخين وترويجه
في سياق متّصل تم الاجتماع مع الشبيبة والطلائع وإقامة ندوات علمية في المعسكرات شملت كل المحافظة تحدثت عن مضار التدخين بالنسبة للمراهقين وختمت د. محرز بأنّ 9 أيلول هو اليوم العالمي لمكافحة التدخين تقام فيه الندوات والحوارات حول مضار التدخين حيث يقوم عمل البرنامج على عدّة محاور حسب سياسات منظمة الصحة العالمية وذلك بعد انضمام الجمهورية العربية السورية للاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية في عام 2004، ومحاور عمل البرنامج رصد تعاطي لفافات التبغ وعرض المساعدة لمن يرغب بالإقلاع عن التدخين وحماية الفرد والمجتمع والبيئة من مضار التبغ، ويوجد في منطقة المدينة- مركز الشاطئ، عيادة للإقلاع عن التدخين ومن أهم توجّهات البرنامج حظر الإعلان عن التدخين أو الترويج له ورفع الأعباء المادية على متعاطي التبغ.
السياحة لم تلحظ مدخنين
ولتسليط الضوء على قرار وزارة السيّاحة حول منع التدخين لمن هم دون 18 عاماً، التقينا السيّد عامر سمكري رئيس دائرة الخدمات والجودة السياحية في مديرية السياحة الذي قال: لم يسجل في 2019 أيّ ضبط تدخين أمّا في 2018 فقد تمّ تسجيل 5 ضبوط تدخين توزّعت بين التدخين في مكان مغلق غير مخصص للمدخنين ومخالفات لمرسوم التدخين، كما وتقوم الضابطة العدلية في مديرية السياحة من خلال جولاتها بمراقبة المنشآت السياحية ولم نلحظ في هذا العام ظاهرة مخالفة لمرسوم التدخين.
وأضاف السمكري: إن مديرية السياحة تقوم بتوجيه أصحاب المنشآت للتقيّد بالقرار المنوه به، كما تقوم الضابطة بجولات سرّية تحدد بموعدها على المنشآت السياحية وتعطي الأولوية للشؤون الصحية، وفي حال وجود شكاوى فالمديرية تتحقق من موضوعها وتقوم بالإجراءات المناسبة.
واختتم م. سمكري: إنّ مديرية السياحة تتمنى أن يكون المواطن شريكاً في الحدّ من ظاهرة التدخين وخاصة للأعمار ما تحت 18 عاماً.
تنظيم 11 ضبطاً خلال كانون الثاني 2019
وفي لقاء مع رئيس دائرة الصحة في مجلس مدينة اللاذقية م. كنان سعيد قال:
تمّ تشكيل لجنة من أربعة أفراد أدّوا القسم في المحكمة لأداء عملهم بأكمل وجه بموجب مرسوم تشريعي 62 لعام 2009 يقوم كلّ اثنين بجولة على المقاهي و«الكافتيريات» والمحال التجارية، حيث يوجد ثلاثة أنواع للمخالفات كضبط مخالفة لمحل مغلق لا يحوي شفّاطات، ففي قرار الترخيص يجب وضع شفّاطات حسب استطاعة المحل والمخالفة الثانية للمحل الذي يقدّم «أراكيل» لمن هم دون 18عاماً، أمّا المخالفة الثالثة فهي عدم وجود قسم مخصص لغير المدخنين.
إضافة إلى التزام المقهى أو المطعم بشروط الترخيص، وأضاف م. سعيد: إنّه تمّ تنظيم 11 ضبطاً خلال الشهر الأول لعام 2019 شمل تقديم «الأراكيل» لمن هم دون 18 سنة وفرض غرامة لصاحب المحل 25000 ل.س و 2000 ل.س للشاب «المؤركل» وتقديم «الأراكيل» في أماكن مغلقة بغرامة مالية 25000 ل.س وإحالة الضبوط للقضاء وهذه الغرامة تعود لمديرية المالية في اللاذقية، وإذا تمّ تنظيم أكثر من ضبط لنفس المحل بذلك يتخذ القاضي بحقه حكماً فقد يسجن صاحب المقهى لثلاثة أشهر إضافة إلى الغرامة المالية، ويلحق بهذه المخالفات وضع دعاية عن التبغ ومشتقاته على الألبسة والأدوات المدرسية والإعلان عن منتجات التبغ وتعاطيه وعن الأدوات المتعلقة باستعمال منتجات التبغ واللازمة له في وسائل الإعلام المختلفة وعرض «الأراكيل» على واجهات المحال التجارية وعقوبة هذه المخالفة هي السجن لـ4 أشهر مع غرامة مالية تصل 100 ألف ل.س.
واختتم م. سعيد: دائرة الصحة واللجان المعنية بمراقبة المقاهي والمحال التجارية تقوم بعملها على أكمل وجه في الصنف التابع للبلدية، أما الصنف من المقاهي والمطاعم المؤهل سياحياً فيتبع من حيث الرقابة الصحية لمديرية السياحة وليس للبلدية علاقة به.
«الأركيلة» مصدر دخل المقاهي
حول التزام المقاهي والمطاعم بقرار وزارة السياحة التقينا صاحب إحداها الذي قال: لا يستطيع صاحب مقهى أن يفرز الأشخاص شخصاً ممن هم دون 18 عاماً و أو أن يفتش عن هوية الزوار، وأي شخص يدخل المقهى يجلس على طاولته لا أحد له علاقة وبحكم العادة فإن كل رواد المقاهي «مؤركلين» أي أن «الأركيلة» هي مصدر الدخل في المقهى وعلى سبيل المثال لنقارنمقهى لا يقدم «الأراكيل» بجانب مقهى لـ «لمؤركلين» أيّاهما دخله أعلى؟!
وأضاف: إنّ الأطفال إذا لم يدخنوا «الأركيلة» في المقهى هناك ألف مكان يدخنوننها فيه، وأحياناً الأهل هم من يحضر أطفالهم إلى أجواء الدخان، هم بذلك مدخنون سلبيون لذلك من الصعب ضبط ظاهرة التدخين إلا بمنعها عن الجميع.
«صبي ناره» يدخّن من صغره
كما والتقينا شاباً لم يتجاوز الـ 18 عاماً يعمل (صبي ناره) سألناه عن سبب اختياره هذا العمل فقال: «في ظل هذه الأزمة يحتاج المرء إلى عمل أياً كان» وأكّد أنّ عائلته على دراية بطبيعة عمله وليس لديها أيّ مشكلة حتى برأيه أنّ «الأركيلة» للتسلية وليست مضرّة للدرجة التي يهول لها الأطباء، فهو يدخن السجائر من عمر مبكر جداً والآن هذا عمله.
الشارع «مع» لكنّه منتقد
التقينا عدداً من المواطنين واستطلعنا آراءهم حول التدخين، وكانت البداية مع:
* صبا الشامي التي قالت: عندما أذهب إلى أي مقهى وأرى عدداً من الأطفال «يؤركلون» أتساءل إن كان هنالك رقابة على هذا الجيل الذي يدمّر صحته بيده وهل الأهالي على معرفة بما يفعله أبناؤهم أم أنّ المقهى هو المكان الذي يستطيعون التدخين فيه دون أن يراهم أولياء أمورهم.
* السيدة هبه موحد قالت: لدي طفل صغير لذلك من غير الممكن أن أسمح لأحد بـ«الأركلية» في منزلي لأنّها مضرة جداً للأطفال وتعكّر جو المنزل بأكمله أيضاً، ونرى أحياناً أمّهات يجلسن في المقاهي ومعهنّ أطفالهن الرضّع أو بعمر ثلاث سنوات وما دون يدخنّ، علماً أنّ المدخّن السلبي يتضرّر أكثر من المدخن ذاته.
التدخين قناعة
* السيد حسام ياسين قال: لا يمكن أن نفرض على شخص أن لا يدخن لأن التدخين قناعة فكل الناس يعرف مضار التدخين ومع ذلك الأغلبية مدخنون، أما الأطفال فيجب ضبطهم من قبل الأهل لأنّهم سينجرّون وراء مجتمعهم، من أصدقاء المدرسة أو الحي، أولئك سيدفعونهم إلى تجربة السجائر أو «الأركيلة» لذلك فالتوعية واجبة من جهات مختلفة (الأسرة والمدرسة والمجتمع) وبالمنع لا يمكن أن نكسب أبناءنا إنما بالتوعية والإرشاد.
* السيدة رؤى الهاشمي قالت: أنا لست مع «الأركلية» بجميع أشكالها وخاصة المتعلّقة بالأطفال فالشاب بعمر الخامسة عشر يشعر كأنّه رجل حين يجلس في مقهى ويطلب «الأركيلة» أو حين يُمسك بالسجائر، وقد يكون للأهل تأثير في ذلك لذلك يجب الانطلاق من الأسرة لأنّ الأب والأم المدخنان سيقلدهم أبناؤهم حتماً.
* السيد شادي شاهين: إنّ قرار وزارة السياحة جيد جداً في زمننا هذا فلم يبق إلا الطفل ذو خمس السنوات لم يدخن أو يتعلم «الأركيلة» فهذه ظاهرة يجب الحد منها خوفاً على مستقبل أبنائنا ومجتمعنا ويجب معاقبة كل من لا يلتزم بنص القانون.

بتول حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار