العدد: 9529
الخميس 13-2-2020
ذلك الذي يخبأ قطعة من المستقبل في دفء يديه وكأنها بذرة لابتسامة ستنمو في ربيع الحلم، هي الوحيدة القادرة على اقتطاع الفرح من بحر المجهول لا تفسدها بالحديث عنها واترك لشريطها المعقود أن يفك عقدة من لسانها فتنطق بحب عجزت عنه اللغات، إنها الهدية التي ينتظرها الكثير فهل سنحافظ على تبادل الهدايا في ظل الظروف التي نعيشها أم أنها ستصبح حلم بعيد المنال.
تقول هيفاء علي: الحياة فيها مشاق وتعب كتير لكن الإنسان بطبيعته يحب الحياة و يقول القادم أفضل، لذلك الهدية ليست بقيمتها المادية وإنما المعنوية وعلى الرغم من أن زوجي يقول لي أي شيء يعجبك في المحل بإمكانك أخذه باعتبار لدينا محل ألبسة واكسسوار ولكن هذا لا يرضيني بقدر إحضاره شيء محدد لي، اليوم الإقبال على الشراء ضعيف جداً بسبب الظروف الصعبة التي نعيشها والغلاء الذي أنهك الناس فغلاء مصاريف المستلزمات اليومية هو الذي أثر سلباً على القدرة الشرائية.
تقول سناء: على الرغم من مرورنا بظروف صعبة مادياً في بداية زواجنا إلا أننا كنا نتبادل الهدايا في مناسباتنا كافة، صحيح أنها كانت بسيطة حتى أنني أذكر في أحد المرات أهداني زوجي cd لمجموعة أغانٍ أحبها على الرغم من بساطة الهدية إلا أنها كانت لفتة رائعة منه وها نحن وبعد عشر سنوات من زواجنا لازلنا نتبادل الهدايا وننتظر كل مناسبة بفارغ الصبر، أخيراً أود القول الهدية بقيمتها المعنوية فهي وجدت لتوصل لنا رسالة واحدة وهي أنك في قلبي و لم أنساك، كذلك الأمر بالنسبة لأطفالي فالفرحة التي تزرعها أي هدية بسيطة في قلب الطفل كفيلة بجعله أكثر هدوء وطاعة ولو لفترة محددة.
ويجد رامي في تبادل الهدايا مصروفاً زائداً لا قيمة له وخاصة في وقتنا هذا.
فيما تجد ريم يمكن أن (نضرب عصفورين بحجر واحد) فأنا أستغل المناسبات وأهدي زوجي بعض الأشياء التي تحتاجها فعلاً لأننا سنشتريها بوجود مناسبة أو عدمه، وبالنسبة لهدايا الأطفال فهي شيء ضروري ولابد منه لم لذلك من أثر إيجابي على نفسية الطفل أما بالنسبة لهدايا الأصدقاء في المناسبات فقد أجبرتنا الظروف على اختصارها قدر الإمكان والاكتفاء بكلمة مبروك أو الحمد لله على السلامة.
وللاختصاصيين رأي في هذا فتقول الاختصاصية ريم محمد في لقاء معها:
تبادل الهدايا جزء مهم من عملية التفاعل البشري، إنه يحدد علاقاتنا ويقوي (أو يضعف) الروابط الاجتماعية، لذا من الناحية النفسية فهي مهمة لدورها البناء في رسم تصور للآخر والتعامل معه وتقبله ونشر أواصر المحبة مع المجتمع، فالتأثير الذي تتركه الهدية المناسبة هو تأثير إيجابي لأنه يعدّ تعبيراً قوياً عن قوة العلاقة الثنائية بين الطرفين ومن أفضل آثارها النفسية تحسين المزاج ومعالجة الجروح العلائقية ومسح الغبار عن المشاعر القديمة، كما أنها تترك أثراً طيباً في النفس بمحوها الكره وجلب المودة وإزالة الحواجز، فالهدية تصنع العجب حيث تمنح الإنسان شعوراً بالسعادة والرضا عن الذات والإحساس بحب الآخر الذي يتضمنه استقبال الهدية لأنها تعبير عن الاحترام والتقدير والحب غالباً.
وتضيف: الهدايا تُدخل الفرحة والسعادة إلى قلوب الصغار خاصة إن كانت مما يحبونه من ألعاب أو شخصيات كرتونية أو غير ذلك تشعر الصغير بأنه شخص له قيمته وبأنه محبوب، الأمر الذي يعمل على منحه ثقة بالنفس وجعله قادراً على تكوين شخصية متوازنة في المستقبل لذلك فإن الهدايا للصغار الذين يعانون من نوع ما من أنواع الحرمان كاليتم أو الفقد أو التفكك الأسري تساعد بشكل كبير على التخفيف عنهم ولو بشكل مؤقت، أيضاً تكسر الهدايا الحواجز بين الكبار والصغار وهذا جيد لجعل الصغار قادرين على تقبل محيطهم وإبعاد الخوف عنهم وبالتالي التأسيس لعلاقات اجتماعية جيدة وتبني القيم الإنسانية في نفوس الصغار كتعليمهم العطاء و المحبة وتعلم الهدايا الصغار بعض المهارات خاصة إن كانت هذه الهدايا هدفها التعلم والمتعة والتسلية معاً.
وأيضاً: إن الهدية بين الزوجين لها وقع خاص، فهي تقوي الحب والانسجام وتجدد المشاعر وتساعد على كسر روتين الحياة بينهما، لأنها رمز لتجديد الحب كما أن تبادل الهدايا يمنع الملل من الشريك الثاني مهما طالت سنوات الزواج مما يؤدي لنسيان المنغصات والمشاكل وتجاوزها وهي حل أمثل لتقوية العلاقة بينهما، وبالطبع ليست الهدية بقيمتها المادية ولكن مجرد تذكر أحدهم بهدية فهذا شيء يسعده ويفرحه وتكون قيمة الهدية روحية عظيمة، فالهدية تشعر الزوج والزوجة بأن شريكه يحبه ويتمنى إسعاده بكل الوسائل وهي سبب كاف لحياة أفضل وترك أثراً نفسياً عميقاً في نفس الزوجة أو الزوج.
وتتابع قائلة: الهدية هي رمز لقيمة أي علاقة وبالتالي فهي تخلق ديناً من نوع ما وهذه الديون يتعين سدادها ليس بالضرورة مادياً وتجاهلها يسبب خللاً ما، فالناس لديهم رغبة فطرية لتلقي أي شيء، ولو أنه في أيامنا هذه أصبحت تشكل عبئاً مادياً نوعا ما ولكن لا مانع من تقديم هدية رمزية حسب الإمكانيات المادية لكل فرد، حيث تأتي أهمية الهدية من أنها واحدة من وسائل ترقيق قلوب الناس تجاه بعضهم البعض وتعميق المحبة والعلاقات المتبادلة فيما بينهم وهي ما يقدمه الإنسان لأخيه الإنسان مدفوعاً بأسمى المشاعر الإنسانية وأكثرها رقياً لذلك فإن تقديم هدية لشخص آخر يعتبر طريقاً ينال به الإنسان ثقة الطرف الآخر مما ينشر المحبة بين الناس ويقوي العلاقات ويحميها والهدية ولو كانت معنوية تدخل البهجة إلى النفس وتزرع المحبة في القلب وخير ما يقال هنا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا).
أخيراً: الهدايا هي بمثابة رمز لكل ما هو جميل وهي إما أن تكون معنوية وإما مادية فحياة الإنسان كلها عبارة عن فعل ورد فعل وكذلك مجاملة ورد مجاملة في صور شتى ومناسبات متنوعة والهدية تعبير عن المجاملة والعرفان بالجميل وتعبر عن حال مقدمها وعن طبيعة شخصيته واهتماماته والرغبة في تقوية العلاقات لذلك أهم ما يمكن أن نقوله فعلاً بما أن الهدية تدخل البهجة وتزرع المحبة لماذا لا نخصص في كل شهر جزءاً بسيطاً من مصروفنا للهدايا نقدمها للزوج أو الزوجة والوالدين والأبناء والأصدقاء حسب الظرف والمناسبة تعبيراً عن حبنا لهم.
رنا ياسين غانم