الحــــبّ في الأســـــواق مبـــاح.. بيعـــاً وشــــراء

العدد: 9528

الأربعاء: 12 شباط 2020

  

 

(دبدوب ما بعبي العين وكفّ اليد ب3000 ليرة فقط وبدك تعبي عينك ب70 ألف ليرة) ولتفك قيده عن العمود الذي حلق عليه بلا جناحين (بسعره) رغماً عنه بوزنه ووبره الأحمر يجب أن تفك قيد جيبك وتشده خناقاً على رقبتك طوال الشهر وآخر منه، ووردة حمراء إن كانت من القماش فهي ما يقارب 1500ليرة والمعدنية 3 آلاف ليرة أما الوردة الطبيعية فهي بألف وتصل لأضعاف وأضعاف في تلك الليلة الحمراء كما قال بائع الزهور في شارع 8آذار، أما إن كانت في أصيص لتعيش عمراً لا تذبل فيه فهي ب10آلاف فقط، وقد وصل الحب منذ بداية شهر شباط إلى الأسواق واكتست شوارعها بحلة حمراء ليعول عليه جميع التجار تصريف بضاعتهم وفرصة بلا رخصة، فزاحموا بها الواجهات من الملابس الداخلية الحمراء وحتى الجوارب والبيجامات ليكون أيضاً للحذاء الأحمر سعر خاص تخطو فيه على درب الحب مرور الكرام، وقد وصل الحب الأغطية والحرامات والنايلونات والبلاستيك بفناجين وأكواب نبيذ معتق بأسعار تثمل منه الأبدان حيث طبعت على أغلفتها القلوب الحمراء لتجذب العين كما كل المنتجات وعلى حد سواء، وهل لنا أن ننسى الذهب وعشاقه من النساء فكلهن يغريهن هذا المعدن الساحر الذي يجذب الأبصار. فكيف وقد التهب تحت جمر الدولار، وعرضه بائعوه بكامل أبهته على الواجهات المكتنزات لتكون العين عليه حمراء، أما المطاعم والفنادق فقد غزت إعلاناتها الطرقات بما تحمله من عروض ومفاجآت ومطربين لكن الدفع مقدم وعلى عجلات وليس على الحساب، جميعهم لهم نصيب في البيع والشراء وسوق خدماتهم وتجارتهم بكل شطارة وفن، ليس غير بائعي الحليب عن عيد الحب هم مستبعدون، ألا من وسيط أو مرسال (حب) فوق درجة الغليان ليفور وينكب في طرقات لقلب الحبيب.

يحلّ عيد الحب ضيفاً ثقيلاً خاصة على الضعفاء وذوي الدخل المحدود ولو فرش على البسطات والعربات فلن يستطيعوا له رداً حتى لو أهدروا ماء الراتب بأكمله لأجل هدية حمراء، ويكون عيداً بامتياز للتجار وأصحاب الدكاكين وبعيداً عن الشباب والعشاق المساكين الذي يشكل لكل منهم أزمة على جميع الصعد الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والنفسية، وليس من نصيحة يقدمها لك خبراء السوق وناس تجولوا فيه اليوم وكل يوم قبل العيد وبعده سيكون، غير أن تشتري نظارة حمراء لترى كل ما فيه (بحب).
* الشاب عماد، جامعي أشار أن جولته قبل العيد (تشوف وليس تسوق) ولا يعرف ما يمكنه شراؤه، فهي يريد أن يشتري هديتين لوالدته ومحبوبته فليس من المعقول أن يحضر للثانية هدية ويتجاهل أعز الناس لقلبه الذي نبض من فيض حبها وحنانها، لكنه طالب في سنته الثانية هندسة عمارة ومصاريفها كبيرة تسلب كل ما أودعته أمه في جيبه وغيرها لأجل التسلية والترفيه مع الرفاق والحبيبة، ولا يستطيع التوفير إلا القليل ويود أن يشتري هدية حتى لو كانت تحت عدسة تكبير، فالأسواق تعج بكل جديد ونفيس وتشعل ناراً في القلب وحسرة.

* الشابة ريما، وعمرها لا يتجاوز خمس عشرة سنة تغريها الدباديب الحمراء لكنها غالية كما تقول ويشهد لها الجميع، وتحب الشوكولا أيضاً وترغب أن تقدم لها كل يوم وحتى في عيد الحب، وستكون راضية بقطعة شوكولا من حبيبها ولن تكلفه كثيراً، هي لا تريد بالكيلو الذي يتجاوز سعره 5آلاف قطعة واحدة تكفيها شرط أن تكون حمراء وسادة بلا سكر.
* إبراهيم، موظف أشار إلى أنه لم تعد الكلمة الحلوة والطيبة تكفي الزوجة أو أي من الناس أخوتك وأصدقائك، بل يجب أن تكون بين يديك هدية في كل مناسبة، حتى لو علموا بأنك مفلس و(مزنوق) لن يرحموك، الوردة لا تشفع لك وتراها في وجهك وتقول: مغلب حالك على وردة، والآخرون (شو شايفنا خواريف) صحيح أن السوق يعج بكل شيء جميل من هدايا جديدة تجذب الأنظار، لكن هيهات لمن يفلح ويأتي بهدية لزوجته لتزعل الأم والأخت اللتان تجاورانه في السكن ولا أحد لهما غيره، يتساءل من أتى له بهذه الأعياد، كان آباؤه يعيشون بخير ونعيم وليس عندهم عيد للحب، فكل أيامهم كانت حباً وسلاماً وعيداً ليأتي والده بالورود والهدايا لوالدته متى شاء وكان الجيب (مليان).
* مروان صاحب محل حلويات، أكد أنه في يوم عيد الحب يبيع أضعاف ما يبيع في غيرها من المناسبات ولا يتطلب الأمر منه غير إضافة الصبغة الحمراء على الكريمات أو مزيج العجين لتظهر الواجهة الزجاجية بلون قلوب العشاق وتفيض بما لذ وطاب، ويأتي العشاق الصغار للمحل فمنهم من يدفع بالقطارة ومنهم من يرمي بنقوده على الطاولة وينسحب دون أن يأخذ الفكة، يدفع دون سؤال لأجل عيون المحبوب.
* أبو فيصل، بائع هدايا يضحك والسعادة تغمره لتملأ عينيه بهجة وسعادة وهو يقول للصبي العامل عنده (شوف شو بدها) سألته أريد أن أعلم هل تبيع هذه الهدايا منذ بداية شهر شباط، ومن الفئة المستهدفة في الشراء؟ أجاب: الكلّ مجبر أن يأتي الزوج والحبيب والأخ والصديق إنه يوم عيد الحب، أتوا لنا بهذا العيد ونحن الرابحين (رزق الهبل ع المجانين).
* أم طارق، في السبعين من العمر: تتنهد وتترحم على أيام زمان، يوم كان زوجها (رحمه الله) يأتي لها بهدية كل وقت وحين حين تسمح له الظروف والإمكانات، وليس يومها كان عيد حب كما اليوم، وهي تسكن في بناء يطل على السوق ودكاكينه، لهذا تراها تجلس على أريكتها تحت النافذة وتلحق بنظراتها كل شخص يدخل الدكان ويخرج حاملاً كيساً بهدية وتتخيل ماذا بداخله وتتكهن محتواها وتتمنى لو تكون صاحبتها، وتأخذها الذاكرة التي لم تخنها يوماً إلى بعض الذكريات الجميلة و(كان يا ما كان صبية على العين تجلس بترقب وانتظار أن يأتي حبيبها حاملاً إليها باقة أزهار من النرجس والأقحوان البري وقد تبدلت الهدايا مع الأيام وكبرت ليكبر الحب ويعتق بجرار مكتنزة بالذكريات الجميلة عندها أم أولاده).

هدى سلوم- معينة جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار