استراحة في واحة الحب

العدد: 9528

الأربعاء: 12 شباط 2020

 

لا أريد أن أكتب عن عيد الحب والورود الحمراء التي أهداها ذاك الراهب فالنتاين إلى حبيبة الأربعة عشرعاماً فخلدوها الناس وصبغوا بذكراها ملابسهم ومحلاتهم بل أذكر هنا عميد الأدب العربي طه حسين وهو أعمى كان يطلب من مرافقه أن يأخذه إلى قبر إيذادورا الأميرة البطلمية التي أحبت شاباً وذهبت إلى لقائه عبر إحدى ترع النيل ففرحت فقفز عشيقها خلفها فغرق.

كان طه حسين يأخذ وردة حمراء يضعها على القبر ويقعد صامتاً قربه ساعة من الزمن وكانت وردته أنقى وأطهر من وردة ذاك الراهب الذي اغتصب الفتاة ومن ثم قتل لكن وردة طه حسين لم تشتهر ولم تُذكر.
لو عرفنا الحب على حقيقته لسهل علينا فك شيفرة الحياة، الحب الذي يفتقده الكثيرون ويجهله الأغلبون، الحب الذي يعرّش على القلوب فيعطيها الدفء والحنان، أغلبنا اضطهده ورماه من النافذة، الحب الذي آلف وجمع بين الناس.
ليتني أستطيع أن أبني مدرسة للحب تضم الجميع، تحميهم من الخصام والقتل والاغتصاب والاحتلال.
المغتصب يجهل الحب والقاتل يجهله وكل من يجهل الحب ومعانيه لا يفقه من عناصر الإيمان نبدأ أولاً من أسس الحياة أمراً.
حتى بعض الآباء يجهلون الحب فيرهبون أبناءهم.
الحب نسمة تلفح الوجه فتؤنسه، وهمسة تداوي الروح فتشفيها، ونظرة تدفئ القلب فتنعشه ولمسة لتمسح على اليد فتنعمها، الحب باقة حبق مكللة بعبيرها وباقة ورد تنشر على المدى شذاها دون حساب، الحب طائر يقف على الغصن يطير بنا بأذكى الأنغام وبعضنا يتذمره فيقتله، الحب طفل يحمل البراءة في وجهه وفي عينيه، الحب بلسم يداوي الجروح وعبير يهذب النفوس، الحب بهجة وتحية قلب وسلام وأمان.
كلما أصدر نزار قباني كتاباً للحب كان يشعر بالبطولة، ناشر الحب هو أب هو أم هو عامل نظافة، هو طبيب جراح، هو ممرضة تمسح الجرح بحنان هو مزارع يداوي الأرض فينعشها أو راوٍ يسقي الماء بل هو مقاتل باسل يرمي بنفسه وسط النيران ليحرر الأرض ويعيش أبناء بلده بسلام وأمان، هو معلّم يدرّس الحروف،
هو كل شيء ناجح وجميل هدفه زرع الأمان ورضا الرب.
حين يعرف الجميع الحب ومعناه سيحل الأمان في البلاد، زيّن الله تعالى قلوبنا بالحب كما زيّن أرضنا بالخير والعطاء.
الفساد والتسلط والاستغلال أشياء منتشرة بين الشعوب كلها تحارب الحب قبل أن تحارب الإنسان ومرتكبوها جاهلون أغبياء، تراهم يحاربون الخير وكل من ينشد العطاء والرحمة.
دعوا الحب يرفرف بين الجميع، استقبلوه بود وصفاء، صفقوا له كي يبقى ولنتذكر عشّاق تاريخنا ونتغنى بأشعارهم وأقوالهم.
أحبنا الله فخلقنا وخلق الكون بخدمتنا لنتبارك ونعش مع بعض بسعادة وهناء فلنحب بعضنا كي يكرمنا الله ويصفح عنا ذنوبنا.
دامت حياتكم بالحب والأمل والعطاء.

وحيدة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار