العــــــدد 9525
الأحـــــــــــد 9 شــــــباط 2020
الحرف التراثية السورية كنوز حقيقية وجمال يحكي التاريخ، رافقت الإنسان منذ نشأته وتطوره وتطورت معه في مختلف المراحل التاريخية بفضل التراكم المعرفي والثقافي لأصحابها، ارتبطت بالإنسان وتعكس جانباً هاماً من خصائصه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتشكل مصدر دخل لآلاف الأسر السورية، ومن أهم الحرف في العالم العربي يجب المحافظة عليها وتوريثها للأبناء لوقايتها من الاندثار والضياع عبر الدهور. الحرف اليدوية المتنوعة تنقلنا إلى أجواء الأيام الخوالي ببساطتها وجمالها ودفئها وأجواء الألفة والمحبة في جميع مفاصل الحياة الاجتماعية وتدفعنا للارتباط بالأرض والماضي والحاضر والتجذر بهوية الوطن، وإضافة إلى بعدها الجمالي والحضاري تساهم في امتصاص آلاف الأيدي العاملة وانتشالها من شبح البطالة المرعب، وزيادة الإنتاج الوطني، والصادرات الكبرى المصدرة من سورية إلى مختلف دول العالم أغلبها عبارة عن منتجات حرفية يدوية لمشاريع صغيرة ومتناهية الصغر وتلقى رواجاً وشهرة لا مثيل لها وتأتي في المرتبة الثانية بعد الصادرات الزراعية. المنتجات التراثية السورية منها ما هو تزييني وجمالي ومنها ما هو خدمي ويدخل في صلب الاستعمالات اليدوية، منتجات تلقى إقبالاً ورواجاً بين الناس لجماليتها وصحيتها وصداقتها للبيئة حيث يوجد في بلادنا مئات المهن التي يصعب حصرها وتعدادها، من صناعة الخزف والنحاسيات والسيف الدمشقي وأدوات القهوة العربية المتعددة والخناجر وأسلحة اليد التي اغتنمها الأجداد في المعارك ضد الأتراك والفرنسيين، والصدف والزجاج والأغباني والأنوال النسيجية والفسيفساء والموزاييك وصناعة الفخار والرسم على الزجاج وصناعة الأزياء الشعبية، وأدوات الحراثة والحصاد والمداحل الحجرية وآلات الطحن الحجرية والصناديق الخشبية المزركشة بالأصداف التي كانت ترافق زفة العروس وأطباق القصب والقش والسيراميك والحفر على الخشب وتصنيع الأدوات المخصصة للطعام مثل المنسف والدست والبيطس، وتصنيع أدوات الطهي ومجسمات من الخشب والخيزران وصناعة مناديل الحرير المغزولة بالسنارة اليدوية وإنتاج العسل الطبيعي بأنواعه حسب مصدر الرحيق، وانتاج زيت الغار وصابون الغار وتقطير ماء الورد والزهر وصناعة الزيوت العطرية. علينا إحياء تراث الآباء والأجداد وتعريف الأجيال اللاحقة به بقيمته وقيمه للحفاظ عليه والاهتمام بالصناعات التراثية التي تشكل هوية وطنية والعمل على حمايتها وصونها من الاندثار، وتسجيل المشهور منها على قائمة التراث العالمي في منظمة اليونيسكو التي تعنى بالثقافة والتراث العالمي، وتشجيع الحرف والصناعات التقليدية من خلال تقديم القروض لشراء المعدات والمستلزمات لأصحابها، وتخفيف الإجراءات الإدارية وإقامة مراكز التدريب المهني للتدريب على الحرف التراثية، وافتتاح أسواق خاصة بها في المحافظات لتصبح من مناطق الجذب السياحي واستقطاب السائحين، والترويج للمنتج الحرفي داخلياً وخارجياً وإقامة المعارض الدورية لها في المحافظات وتسويق المنتج الحرفي في الأسواق المحلية والخارجية وتصديره إلى الخارج بما يعود بالنفع على الدخل الفردي والخزينة العامة للدولة، ومنع سرقة الحرف التراثية السورية من قبل دول العدوان وتشجيع أصحاب المهن الذين هاجروا للعودة إلى الوطن والاستثمار فيه.
نعمان إبراهيم حميشة