العدد: 9521
الاثنين: 3-2-2020
من وجهة نظر بيئية فإن الدعوة إلى الاقتصاد في شراء الحاجيات لم تنطلق من ناحية مادية وحدها أو الحاجة إلى توفير الأموال أو بسبب غلاء المعيشة أو ارتفاع الأسعار بل على العكس فقد انطلقت من مجتمعات الرفاهية والوفرة الزائدة حيث الاستهلاك المفرط للحاجيات و تراكم النفايات و صعوبات التخلص منها و معالجتها بشكل آمن.
فالاقتصاد هنا في شراء الحاجيات هو فن إدارة الموارد بما يجنبا الاستخدام غير الضروري ويعلم بذات الوقت كيفية الحرص على مواردنا الطبيعية واحترامنا لها من خلال الحفاظ عليها بحكمة.
وهناك العديد من الأفكار المبدعة والهادفة التي أوجدت حلولاً للمشكلات التي تفرزها الحياة العصرية جراء زيادة استهلاك الفرد للمنتجات منها تدوير الأشياء القديمة المستهلكة، وهي فكرة ليست حديثة العهد و لم تأتِ من فراغ.
والملفت أن تلك الأفكار يتم تكريسها في المجتمعات الباذخة والمسرفة التي تحولت مخلفاتها إلى أطنان من القمامة والتي يرصد لها أموالاً طائلة للتخلص منها بشكل آمن على البيئة. ولأن التدوير هدفه الأساسي تعليم الإنسان التخفيف من الاستهلاك العشوائي والحد من الهدر والتبذير للحفاظ على البيئة من فائض المخلفات المنزلية، فإننا نرى في جوهره الحرص على عدم رمي الأشياء المستهلكة والقديمة التي تشكل عبئاً على الطبيعة. وهناك عدد لا بأس به من الأفراد انخرطت في هذه الأفكار وتعلمت كيفية استخدام المنتج القديم من ألبسة وعلب ومواد تزينية وأقمشة وأحذية وتحويلها إلى منتجات بحلة جديدة من خلال بذل جهود بسيطة في الأشياء وضع لمسات وإضافات نتائجها مذهلة لتكون محط إعجاب الآخرين وبالتالي توجيه صرف الأموال إلى وجهات ذات أولوية وأكثر فائدة ومنفعة. ورغم أن مجتمعنا المحلي بدأ الانخراط بهذه الفكرة والتفاعل معها لكن بشكل غير كافٍ، ففكرة استخدام الأشياء القديمة مازال يُنظر إليها من منظور الشعور بالخجل أو بالدونية أمام الآخرين والنقص كأن تكون مثيرة لسخرية الآخرين، ومنها على سبيل المثال تدوير الألبسة إذ إن هناك عدة طرق بسيطة وغير مكلفة لتحويل الألبسة القديمة بحيث أنها تساير الموضة المطروحة في الأسواق. ومن الجدير ذكره في هذا السياق أن المهتمين بالشأن البيئي عالمياً دعوا إلى تهذيب الموضة وجعلها أقل سطحية وبالمقابل الارتقاء بالبضائع المستدامة وجعلها أكثر جاذبية.
وخلاصة الأمر قد نصنع أشياء جميلة بتكاليف بسيطة أو أقل تكلفة عبر أفكار مدهشة تفرض إعجاب الناس بها وتدفعهم لتكريس هذه الفكرة وتعليم الأجيال أن البساطة هي الجمال وليس اقتناء الجديد دائماً هو الأفضل.
ازدهار علي