العدد: 9521
الاثنين: 3-2-2020
إن الروتين يقتل الروح فينا ويخنق قدرتنا على التفكير والإبداع، ولكن لا نستطيع أن نلوم الروتين بل لنلوم أنفسنا أولاً أننا استسلمنا لرويتن أيامنا التي نركض فيها وراء العمل والعيش، فلا تغيير في برنامج حياتنا ويومياتنا، ونحن أصحاب القرار أولاً وأخيراً في تقبلها وفروضها بتلك العادات التي تمكنت منا، فكيف لنا أن يصيبنا التغيير والتخلص من الروتين؟
* السيدة ختام بدور، علم اجتماع أشارت بأن علماء النفس أكدوا أن الطاقات والقدرات التي يمتلكها الإنسان هائلة جداً ويشبهونها بمكتبة تتواجد فيها ملايين الكتب ولم يقرأ منها أكثر من 5%، وما حصيلة البشرية من نتاجها غير 5% من طاقات العقل البشري، وهذه الطاقات إن لم يحررها الإنسان لا يستطيع أن يتمتع بها ويصنع لنفسه ما يريد فتبقى خامدة عندما لا يتطلب عملنا أو ظروفنا أن نخرجها من مكامنها، وما الكتاب الذي تخبو حروفه في مكتبتنا إلا له أن يخرج لتكون قدراتنا وسيلتنا لحياة أفضل فيها اكتشاف أنفسنا والتغيير.
إن أسلوب الحياة التي نعيشها وهي سلسلة من العادات التي رتبنا ساعات يومنا عليها فلا نحيد عنها لنكون عبيداً لها ألفناها ولا نستطيع فك قيدنا عنها، فلطالما ترسبت في أنفسنا وسجنتنا فكيف لنا أن نخرج من سجنها وخارج خيوط العنكبوت إلا بتغيير ظروف حياتنا واكتشاف ما لدينا من قدرات واستخدامها لنكون بأفضل حال ولننظر إلى المبدعين والمخترعين ممن خلد ذكرهم التاريخ، فجميعهم لديهم حب الاستطلاع والاكتشاف وكانوا قد سئموا الرتابة والروتين، فكان لهم التميز بأفكارهم المدهشة وأعمالهم من استقلاليتهم بالتفكير والمغامرة وحتى السفر ليتغيروا ويغيروا وجه الكون بعلومهم وأفكارهم وإبداعهم والتي أورثونا إياها بكل حب، ويقول الفيلسوف ايمرسون: (الحبّ هو السلاح الوحيد الذي يستطيع كل رجل وامرأة وطفل أن يحمله لقتل هذا العدو الذي يتربص بهم وهو الملل، ذلك الشعور الذي ينمو داخلنا ليصبح غولاً نتيجة روتين الحياة الذي لا يتغير، ولا شيء يقضي على الشعور بعزلة النفس وبقسوة الحياة سوى الحب الذي نحمله في صدورنا للناس كل الناس).
وبكل حب يجب أن نعلم أولادنا على الرغبة بالتجديد وتنمية حب الاستطلاع والرغبة بالقراءة والكتاب وتحريرهم من الخوف والفشل وتشجيعهم على التخيل والاختلاط بالناس وحثهم على السؤال المستمر وانتظار الجواب بفارغ الصبر، ومشاركتهم في العطاء فهو أعلى درجات الحب التي فيها التغيير المستمر وقتل الروتين وتجديد الروح والنفس.
هدى سلوم