العدد: 9518
الاربعاء:29-1-2020
إن أكبر الخيبات التي يحصدها الشخص في العلاقة الزوجية تنبع من التوقعات الكبيرة وغير الواقعية.
أحد تلك التوقعات هو أن الحب سيظل وارف الظلال ويانعاً إلى الأبد وإن الشوق سيظل متألقاً على الرغم من أنف الزمان وتقلباته وتساور العاشق نظرة ضيقة مفادها أن الحب الذي يشعر به مختلف عن الحب الذي لدى الآخرين إنه حب اسطوري يسمو على الزمان وإنه خارج على القوانين جميعاً.
وتبقى الصورة على تلك الوضعية إلى أن تهبط مظلة العشاق إلى أرض الواقع فتتراءى لهم التضاريس الوعرة.
هناك وجهة نظر تقول إن دخول عالم الزواج سيوفر شخصاً يضعني في رأس القائمة ويعتني بي على أكمل وجه.
وإذا كانت هذه العبارة صحيحة فهي تنتمي إلى زمان غير هذا الزمان أما ما ينطبق على زماننا من وجهة نظر ثانية فهو أنك أنت المسؤول الأول والأخير عن الاعتناء بنفسك ولهذا ابحث عن الرقم الواحد (أنت) أي في ما يشبه رسالة مفتوحة إلى كل العشاق والمقبلين على الارتباط الزوجي أن لا يدعوا أي شيء يكتسب أولوية أكثر أهمية من اعتنائك بنفسك لا تسمح لأي شيء غيرها أن يحتل الرقم (1) حتى لو كان ذلك الشيء هو الحبيب.
اهتم بنفسك أولاً وعندئذ ستكون قادراً على الاعتناء بالآخر الذي تحب، إن الاهتمام بالنفس هو مشروع للعمر كله وليس لفترة محددة من الزمن إنه التزام أبدي ويجب أن يكون على رأس أولوياتك ومن غير المنصف اعتبار مبدأ (أنا أولاً) حالة أنانية أو نرجسية فالحس السليم يقول إذا لم أعتني بنفسي فمن يفعل.
إن الاهتمام بالنفس يعني الاعتماد على النفس في توفير سبل السعادة للذات وبالتالي عدم الركون إلى الآخرين ومن هنا فإن العكس هو الذي يحمل شبهة الأنانية وليس هذا المبدأ.
إذا كنت تدخل الحب معتقداً أنك عثرت على الشخص الذي سيضعك في مرتبة أعلى من نفسه فأنت واهم ومن الأفضل لك أن تنسى الأمر لأن العلاقات الصحية لا علاقة لها بهذا الاعتقاد.
لا تعتذر أو تبحث عن الأعذار لكي تبرر اهتمامك بنفسك ولا تبذل الكثير من الجهد لتشرح للآخرين كيف أن الوقت ضيق وأن الظروف صعبة من أجل أن تغطي على اهتمامك بنفسك قل لهم بصراحة أنك تعطي نفسك حقها من الوقت لا تخجل من ذلك.
فليس ثمة خطأ على الإطلاق في أن تدلل نفسك، كثيراً ما يتوهم المرء أنه يستطيع تغيير نمط تفكير الشريك العاطفي وسلوكه وفي سبيل ذلك يمضي المرء أياماً ويبذل جهداً كبيراً ليكتشف في نهاية المطاف أن جهوده ضاعت سدى وكان الأجدى بالمرء أن يشتغل على نفسه بدلاً من أن يشتغل على شخصية الآخر فهناك تكمن البداية الصحيحة.
ومن أسباب ذلك أننا كثيراً ما نبدي قيمة للآخرين فيما نحط من قيمة أنفسنا كما أننا نهتم بما يقول الآخرون عنا أكثر من اهتمامنا بما نقول نحن عن أنفسنا.
إن الاعتماد على الآخرين في تكوين الشعور عن أنفسنا وعن إحساسنا بقيمتنا يمثل خطوة مهمة في الطريق الخاطئ.
قد يمضي الإنسان معظم عمره وهو يكرر الأخطاء ذاتها منتقلاً من مرحلة إلى أخرى وهمه الأساس هو إدارة الصراعات لإظهار حرصه على إصلاح الخلل لدى الآخرين والواقع أن ما يعتقده خللاً لدى الآخرين قد لا يكون خللاً أصلاً فمن الظلم للذات أن تمضي وقتاً طويلاً في الاهتمام بالآخر على حساب الاهتمام بالذات.
ولأن الاهتمام بالنفس لا يعكس حالة أنانية فإن جوهر الاهتمام بالنفس يكمن في أن الأشخاص السعداء هم فقط القادرون على تقديم السعادة لمن حولهم ومن هنا فإن الشخص الذي يدلل نفسه ويمنحها رغباتها المشروعة هو شخص ذو مزاج جيد وبمقدوره أن يوفر للمحيطين به شرطاً مهماً من شروط العيش السعيد.
لمي معروف