البحـــث العلمــي.. الطريــق إلى المســـــتقبل

العدد: 9517

الثلاثاء:28-1-2020

 

البحث العلمي أداة أساسية من أدوات النهوض والتعافي والارتقاء وترميم ما خلفته الحرب من كوارث اقتصادية وبشرية, وخطوة موفقة قامت بها الحكومة بتحويل وزارة التعليم العالي إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للانطلاق من وواقع التعليم العالي في البلدان العربي الذي يعتمد على التلقين بدلاً من التعليم التفاعلي والميداني القادر على إنتاج اجيال قادرة على البحث والتجريب والابتكار والإبداع في مختلف مجالات الحياة, سيما وأن العالم يشهد ثورة معرفية علمية وتكنولوجية منقطعة النظير أدت لظهور الكثير من الابتكارات العلمية نتيجة الاستثمار في العقول فلماذا لا نمضي في تطوير أنفسنا ومجتمعنا كما تفعل الأمم الأخرى؟

البحث العلمي مدخل مهم لتحقيق التقدم الاقتصادي وزيادة العوائد المادية, ولا أحد يستطيع نكران الحال المزري الذي تقبع فيه الأمة العربية نتيجة الفشل في إنتاج آليات التفكير العلمي السليم وتطوير أنظمة التعليم العالي, وفي بلادنا فإن الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة والحصار الجائر المفروض قسراً يفرض علينا استراتيجية وآلية عمل وبحث علمي مختلفة عما كانت عليه الأمور في السابق وإنتاج أبحاث علمية تتصدى للعديد من المشكلات ودعمها مادياً ومعنوياً للاستفادة منها في تطوير مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية لتلبية حاجة الفرد والمجتمع والدولة بما ينعكس بصورة إيجابية على المواطن والوطن.
العقول تحتاج لتغذية مادية ومعنوية تليق بمستواها, فالفقر يقتل العقل, وبدلاً من استخدامه في التفكير العلمي يتم إرهاقه بالبحث عن لقمة العيش والبحث العلمي يعكس إرادة التحدي والصمود والعطاء وحب الحياة وعمق انتماء الإنسان لوطنه والحرص على تطوره وتقدمه, والبحث العلمي السليم يحقق علاقة أكثر انسجاماً ما بين الاحتياجات السكانية من جهة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعادة الإعمار والبناء واستثمار البحوث العلمية التطبيقية وتأمين مصلحة الإنسان وسعادته.
سورية تمتلك بنية تحتية تمكنها من إجراء البحوث والتجارب العلمية, والمطلوب نشر ثقافة البحث والتطوير العلمي والتقاني والقيام بأبحاث ودراسات وتحديث الخطط والمناهج في الجامعات والمعاهد العليا وإحداث مراكز بحوث في المدن الصناعية وإيجاد قاعدة بيانات بحثية شاملة للموارد البشرية والمادية واللوحستية المتاحة في كل المؤسسات والمراكز البحثية لتطوير البحث العلمي استناداً على الواقع والإمكانات المتاحة لحل المشكلات العلمية والتقنية والفنية لتطوير الصناعة الوطنية وزيادة الإنتاج.
الاعتماد على الذات يعني الثقة بالنفس والتوجه نحو الأفضل, ونحو طاقاتنا البشرية الخلاقة وقدراتنا المادية والمستقبلية المتاحة والبحث عن أفضل الأفكار والأساليب والتقنيات لدفع عجلة التنمية وتنفيذ الأبحاث على النفط والغاز والإسفلت والثروات المعدنية وجمع المواد الأولية الخام المتاحة وتسخير أبحاث برامج البرمجيات للخدمة الاجتماعية والطبية والبشرية, وتشجيع البحوث العلمية في مجال الثروة السمكية والحيوانية ,واستنباط أصناف من الزراعات والورود عالية الجودة مناسبة لبيئتنا وتتمتع بأهمية اقتصادية كبيرة واستنبات النباتات الغالية الثمن وتأمين بيئة مشابهة لنموها كالفطر المحاري بأقل تكلفة مادية وتنفيذ أبحاث الوقاية من الآفات التي تصيب المحاصيل الزراعية وأبحاث إكثار البذار والتخصيب لزيادة المردودية وربطها بالمشروع لإكثار البذار وخاصة محاصيل البطاطا أحد مكونات الطعام للمواطن السوري اليومية والقمح والشعير والشوفان وبذور القصب والشوندر السكري والفطر المحاري وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها.
يجب وضع خطة استراتيجية لتطوير منظومات البحث العلمي وإيجاد المناخات،
للاستفادة من الطاقات والخبرات والعقول وربطها بالحاجات الفعلية للدولة والمجتمع لإنتاج مواد صديقة للبيئة وتشجيع حمايتها كإنتاج الغاز الحيوي وإنتاج السماد ذي الجودة العالية الخالي من المواد الكيماوية وتعميم تجارب الهاضمات الحيوية لروث الحيوانات وخاصة الأبقار والأغنام والدواجن والصرف الصحي والاستفادة من الغازات الناتجة في الطاقة المنزلية والشبكة العامة.
علينا الاستفادة من الأبحاث العلمية للارتقاء بالعلم وتبني اقتصاديات المعرفة وتكريم الباحثين وتبني أعمالهم وترجمة الأبحاث الناجحة على أرض الواقع لتطوير العملية الانتاجية لزيادة الإنتاج الجيد, فالعقول هي ساحات حروب المستقبل وصراعاته ميادينها حساسة جداً, ذكاء اصطناعي ومجتمعات ذكية ومدن ذكية.. فإذا لم نستطيع هدم جدار الظلام علينا السعي لإحداث ثقب لمرور النور الذي سنعبر ونسير على ضوئه لممارسة الحياة بكرامة.

نعمان ابراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار