العدد: 9517
الثلاثاء:28-1-2020
لم يعد قول المتنبي (خير جليس في الأنام كتاب) متماشياً مع وقتنا هذا خاصة وأن معظم الشباب هجروا الكتاب واستبدلوه بوسائل التكنولوجيا الحديثة، ولم يعد الكتاب وحده ينبوع المعلومات، فقد تنوعت الينابيع وتباينت بين وسائل الإعلام إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والتي رغم احتوائها على معلومات دقيقة إلا أنها تعدّ مصدراً لكثير من الإشاعات والمعلومات الكاذبة المجهولة المصدر.
هجر شبابنا الكتاب وتركوه منسياً على رفوف المكتبات فحتى في المعارض لم نعد نرصد ذلك الإقبال على شراء الكتب في حين يعزي البعض ما آل إليه الحال لارتفاع أسعار الكتب عدم تماشيها مع الوضع المادي للشباب، ولكن بمرور سريع على بعض المقاهي نرى تجمعات شبابية لم نكن لنجدها في مكتبات أو معارض تعلن أقوى العروض والتخفيضات على أسعار كتبها، إذاً المشكلة ليست في السعر وإنما في هجرة واضحة للكتاب أياً كان نوعه، وإذا سألنا مجموعة من الشباب عن آخر كتاب قرأوه أو رواية انشّدوا إليها لكان الجواب مخيباً، ولا نعتقد أن أحداً من جيل الشباب يفكر في تكوين نواة لمكتبة أو حتى أقلّه اقتناء كتاب يكون جليسه في وحدته، وأياً كانت مصادر المعلومات والمعارف خارج الكتب تبقى قاصرة ومشكوكاً بها، أما الكتاب فقبل أن يرى النور يخضع لكثير من التدقيق والمراجعة ويمرّ على مجموعة من الهيئات كي يحصل على موافقة الطباعة والتداول، وهذا ما يغيب عن وسائل معرفة أخرى.
الحالة تلك دفعتنا إلى استطلاع ميداني مع شرائح مختلفة من المجتمع وإليكم خلاصة لقاءاتنا: لمياء (طالبة جامعية) تقول: لم تعد تشدني المطالعة فقد أصبحت ضمن الرفاهيات وأسعار الكتب مجنحة، أما مصروفي المتواضع لا يتحمل أعباء إضافية فهو بالكاد يغطي أسعار كتبي الجامعية ومستلزمات دراستي.
كما يتعجب سنان(طالب جامعي) من الاستطلاع الذي نجريه قائلاً: من يحتاج للكتاب في عصرنا هذا؟، فالأنترنت يجيبك عن كل استفهام واستفسار ويضع بين يديك مجلدات كاملة وبشكل مجاني ،فلماذا أنفق نقودي على شراء كتاب يمكنني تصفحه بالمجان؟
سمير غانم (أستاذ مدرسة) يقول: الحلقة المفقودة هي زرع بذور المطالعة في أولادنا منذ المرحلة الأولى أي منذ دخولهم المدرسة، وذلك بتضافر جهود الأساتذة والآباء لتخصيص أوقات للمطالعة لأولادهم يومياً وتقديم كل المحفزات لذلك. وأضاف: أخشى على أطفال اليوم شباب الغد، فالهاتف المحمول لا يفارقهم والعلم الذي يتسلحون به يستقى من معلومات الانترنت التي قد تحمل كثيراً من الأخطاء والتضليل.
يسرى حمود (موجهة تربوية) تقول: إن انشغال الشباب بالسعي وراء وسائل التكنولوجيا الحديثة أدى لتدني مستوى القراءة لدى الشباب ولا نستطيع إغفال حقيقة أن الأنترنت أصبح يشغل حيزاً كبيراً من حياة شبابنا، وليس سهلاً علينا التحليق خارج السرب فهذا الحال أصبح علامة فارقة لهذا العصر.
سارة (طالبة جامعية) تقول: أسعار الكتب عالية جداً ولا تتناسب مع مصروف الطلاب وأضافت: حتى المعارض التي كانت سابقاً حدثاً منتظراً في جامعة تشرين قد امتنع كثير من أصحاب دور النشر والمكتبات عن المشاركة فيها لعدم تحقيق مبيعات فيها.
مسعود عبد الله صاحب مكتبة النور قال: هناك جمود في إصدار وطباعة الكتب لدى دور النشر ظناً منهم أن الإقبال سيكون ضعيفاً، ولكن من وجهة نظري فأنا أراه مقبولاً نوعاً ما إذا ما قسناه بحالة الانفتاح الأعمى على الانترنت و تفضيله على الكتاب لدى شريحة واسعة من القراء، وأضاف: نحن نحاول إغناء مكتبتنا بكتب جديدة لتلبية كل أذواق القراء وهي شاملة لجميع أجناس الكتابة تقريباً حيث يتواجد كتب علمية فلسفية تاريخية أدبية تنمية بشرية وروايات، ولفت الى أن الرواية هي أكثر الكتب المرغوبة للاقتناء، ويليها كتب التنمية والبرمجة.
ياسمين شعبان