التضخم وآثاره وسبل معالجته في خميس الباحثين

العـــــدد 9511

الإثنيــــن 20 كانون الثاني 2020

 

ضمن برنامج خميس الباحثين الذي تقيمه كلية الاقتصاد قسم إدارة الأعمال قدم الباحث يامن محمد دبس محاضرة بعنوان (كيف نعالج التضخم في سورية) استهلها بتعريف التضخم بأنه مفهوم يستخدم للإشارة إلى الحالة الاقتصادية والتي تتأثر بارتفاع أسعار السلع والخدمات مع حدوث انخفاض في القدرة الشرائية المرتبطة بسعر صرف العملة والتي تؤثر في قطاع الأعمال وتحديداً في الشركات الصناعية، ويُعرف التضخم أيضاً بأنه الزيادة العامة في أغلب قيم الأسعار ويرافقها تأثير في قيمة النقود المتداولة.

وتطرق المحاضر إلى أسباب حدوث التضخم الاقتصادي والمتمثلة في ظهور زيادة في الطلب الكلي حيث أن ظهور فرط في الطلب على الخدمات والمنتجات بمعنى زيادة الطلب على العرض، يحدد أسعار المنتجات عند ظهور تعادل بين الطلب والعرض، وعندما يظهر فرض بالطلب لسبب معين مع استمرار العرض على طبيعته عندها ترتفع أسعار هذه المنتجات.
* ظهور انخفاض بالعرض الكلي وهو خلل اقتصادي ناتج عن انخفاض العرض الكلي بسبب عوامل عدة أبرزها الاستخدام الكامل لعناصر الإنتاج وعدم كفاية الإنتاج.
* ارتفاع التكاليف الخاصة بالإنتاج وهي ظهور زيادة بأسعار الخدمات والمنتجات بسبب زيادة التكاليف الخاصة بالإنتاج وتعرف زيادة تكاليف الإنتاج بأنها ارتفاع أسعار الخدمات الخاصة بالعوامل الإنتاجية بمعدل يفوق إنتاجها الحدي، فتؤدي الزيادة الظاهرة بتكاليف العوامل الإنتاجية مع ثبات الإنتاج إلى ارتفاع التكلفة الإنتاجية الوحدوية مما يؤدي إلى زيادة السعر الخاص بالبيع.. ومن أسباب التضخم الاعتماد على الخدمات والسلع المستوردة ويظهر التضخم واضحاً من القطاعات الاقتصادية الصغيرة والمتأثرة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى التي تعتمد على استيراد أغلب حاجاتها من الخدمات والمنتجات من الخارج ويؤدي ذلك إلى ارتفاع متسارع بأسعار هذه المنتجات والخدمات مما يؤثر على أسعار المبيع في السوق المحلية إضافة إلى سبب الحروب والكوارث الطبيعية حيث تؤثر الحروب والكوارث الطبيعية على اقتصاد الدولة من خلال تراجع الإنتاج وقلة نسب العرض الأمر يؤدي إلى اضطرابات في العملة المحلية وعجز في الميزانية.
آثار التضخم الاقتصادي
وقدم المحاضر عرضاً موسعاً لآثار التضخم والمتمثلة ، بتأثر التضخم على توزيع الدخل حيث يؤدي ارتفاع المستوى العام للأسعار إلى انخفاض القوة الشرائية لذوي الدخل المحدود مؤكداً بأن الشريحة الواسعة من المجتمع هم العاملين في دوائر الدولة ومنشآت القطاع العام والخاص الذين يعتبرون في مقدمة المتضررين من التضخم إضافة إلى أصحاب المدخرات النقدية وقد توصلت الأبحاث الاقتصادية إلى أن ليس كل فئات المجتمع تتأثر سلباً بالتضخم كأصحاب الدخول النقدية المتغيرة.
* أثره على الادخار من المعلوم أن التضخم وبالأخص المفرط يؤدي بشكل مباشر إلى انخفاض قيمة العملة النقدية ويترتب على ذلك إضعاف ثقة الأفراد في العملة وإضعاف الحافز على الادخار كما يؤثر التضخم على المنشآت الصناعية والمشروعات الأخرى ويؤثر على ميزان المدفوعات وعلى خلق بيئة تنمو فيها القيم والسلوكيات السيئة مثل الرشوة والفساد المالي والإداري والتهرب الضريبي والجمركي وضعف ولاء الموظفين لمنشآتهم وأعمالهم والبحث عن فرص أخرى للكسب المشروع أو غير المشروع وإلى تدني إنتاجية العمل بسبب احساسهم بعدم عدالة الأجور.
كما يؤدي التضخم إلى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج وهجرة العقول والخبرات والكفاءات وحملة الشهادات العليا إلى الخارج ناهيك عن التأخر في تنفيذ مشروعات التنمية.
التضخم في سورية
في مقال للدكتور باسم غدير في 3 ديسمبر 2019 أكد فيها أن الحياة الاقتصادية لا تتوقف عند ظاهرة التضخم وطمأن المتابعون بالقول: ليس ما يحدث في سورية استثنائياً في حياة الاقتصادات العالمية لأننا لم نصل بعد إلى ما يسمى (التضخم الجامع) الذي هو أقسى أشكال التضخم والتي يزيد فيها معدل الزيادة في الأسعار عن 50% أو أكثر خلال شهر وبحسب بيانات المكتب المركزي السوري للإحصاء 2019 والتي تشير إلى ارتفاع بمعدل التضخم في كانون الثاني من العام الماضي بمقدار 8,25 ضعفاً عن كانون الثاني من عام 2010 وبحسب البيانات فإن التضخم ارتفع في كانون الثاني من العام الماضي 4,8% على أساس سنوي مقارنة مع كانون الثاني من عام 2018.
وبيّن المحاضر مسببات الحالة التضخمية التي تمر بها سورية العقوبات الاقتصادية التي فرضت على قطاعات النفط والمالي والتجارة الخارجية ما أثر سلباً على حركتي الاستيراد والتصدير وتدهور الإنتاج المحلي إضافة إلى السياسات الحكومية الرامية إلى تحرير أسعار السلع الأساسية والاعتماد على الاستيراد إضافة إلى عامل سعر صرف الليرة السورية والتي تراجع مقابل العملات الأجنبية بسبب زيادة حجم المستوردات مقابل بطء نمو الصادرات وبسبب انخفاض سعر الفائدة على الدولار فالمركزي يسمح للبنوك بفتح حسابات بالدولار تتراوح سعر الفائدة بين 3 -4,5 % وهي نسبة قليلة إضافة إلى المضاربات المالية.
وتوصل الباحث إلى آلية معالجة التضخم في سورية وبحسب ما ذكره الدكتور باسم غدير عبر صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي التصرف بعقلية إدارة الأزمة من قبل الجهات الحكومية ومنع خروج الدولار من البلد لاستيراد الكماليات مثل (الألبسة والأحذية – العطور – الفواكه الأجنبية وكثير من كماليات غير ضرورية) زيادة التداول بالعملة المحلية الليرة السورية والابتعاد عن التداول بالعملة الأجنبية فقيمة العملة تأتي من التداول.
واقترح المحاضر يامن وللتخفيف من ارتفاع معدلات التضخم لابد من اتباع إجراءات إسعافية بتشديد الرقابة على الأسواق والحد من الضاربات المالية وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال بمن فيهم المضاربون لتوجيه اهتمامهم إلى الاستثمار الإنتاجي طويل المدى والذي يزيد في التنمية ويحفز الطلب ويعيد ترميم ما تم تخريبه كأولوية ملحة لا تحتمل التأجيل ومن الإجراءات الإسعافية تخفيف القيود على الصناعات والحد من سطوة الاحتكارات والاستمرار في التدخل المباشر لمؤسسات التجارة الحكومية في عمليات الاستيراد والتوزيع وصولاً إلى المستهلك وإعادة النظر في دور شركات الصرافة في سوق الصرف والعمل على محاربة مافيات الفساد والتي تشكلت بين شركات الصرافة والمتواطئين معهم، وإعادة النظر في هيكل أسعار الفائدة على الليرة السورية والدولار الأمريكي.

 يسرا أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار