العدد: 9294
18-2-2019
يبتعد تشرين يوماً بعد يوم عن نظرائه من أندية الساحل، ويحلق خارج السرب منفرداً نحو أمجاد قادمة ستصبح عما قريب حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها، بل لا بد من البحث في أسبابها واستخلاص العبر منها لأنها الطريق الوحيد لبناء فرق كروية منافسة على الألقاب ومؤهلة لمشاركات خارجية مشرفة.
ربما يسأل مشجع جبلاوي أو آخر حطيني عن سبب التواجد التشريني في مربع المنافسة للموسم الثالث على التوالي، في حين يعيش الناديان الجاران حالة تخبط وعدم استقرار، فبين هبوط وصعود لنادي جبلة في المواسم الماضية، لم يتلمس حطين طريقه بعد، ومازال تواجده في الدوري الممتاز بلا هوية واضحة المعالم.
قد يظن البعض أن نجاح القائمين على نادي تشرين في استقطاب نوعية معينة من اللاعبين هي السبب الرئيسي في تفوق البحارة خلال السنوات الأخيرة، وهذا السبب يحسب بلا شك للمشرفين على نادي تشرين كونهم نجحوا في أكثر من مناسبة بإتمام صفقات مهمة وكسب لاعبين من الصف الأول رغم المنافسة القوية مع الأندية الكبيرة على هؤلاء اللاعبين، ولكننا نرى أن ما يحسب حقيقة للقائمين على نادي تشرين هو ذاك المد الباهر للفئات العمرية بعدما باتت علامة فارقة على مستوى الكرة السورية قولا وفعلا، فالنادي الأصفر تفوق في الموسم الماضي على المدارس الكروية الأخرى، وتوج بلقب دوري الشباب، لينتج مجموعة من اللاعبين الموهبين الذين سيرسمون مستقبل تشرين الحقيقي وانجازاته المنتظرة.
وفي الوقت الذي قيل فيه أن فريق شباب تشرين في الموسم الحالي لن يكون كفريق الموسم الماضي، رأينا العكس تماماً، فها هو تشرين اليوم يتصدر دوري الشباب ويسير بكل ثقة نحو تكرار إنجاز الموسم السابق، ليفرز دفعة جديدة من المواهب الصاعدة القادرة على صناعة مجد ذاتي لناديها، وللاستدلال على صحة هذا الكلام، يمكننا استعراض التواجد التشريني في المنتخبات الوطنية لمختلف الفئات العمرية، لنجد بأنهم يصبغون هذه المنتخبات بنكهتهم، ويحجزون لأنفسهم حصة الأسد بلا منازع.
إذاً.. نحن أمام عقلية كروية محترمة تحكم العمل، ولا شك بأنها تسير في الطريق الصحيح بعدما أدركت ألا سبيل إلى تحقيق البطولات إلا بمراكمة الجهد في قواعد النادي لتخريج أصناف مميزة في اللاعبين في مختلف المراكز، وبالتالي سيصل تشرين في وقت قريب إلى تشكيلة مميزة من اللاعبين المحليين قد لا تحتاج إلى أي لاعب من خارج أسوار النادي إلا على سبيل الترف الزائد.
ومن الذاكرة القريبة نستحضر فعلاً تشرينياً صيغ بيد المهندس مصطفى خبازة عندما كان بالأمس القريب عضواً نشيطاً في إدارة النادي، فالسيد خبازة خاض معركة في الموسم الماضي لاستعادة نجم تشرين محمد مرمور، ورغم أهمية هذا الإنجاز في وقتها، أحب التشريني المجتهد أن يحتفي أكثر بإنجاز ضم اللاعب الموهوب أحمد حاتم إلى فريق شباب تشرين بمقابل مبلغ مالي جيد آنذاك، فالرجل أدرك حينها بأن تدعيم القاعدة سينتج في المستقبل بناء قوياً من الصعب هدمه، وهذا العمل يندرج أيضاً ضمن العقلية المؤمنة بأن العمل يجب أن يكون على مختلف الفئات وبالتوازي.
هذه هي التجربة التشرينية ماثلة أمامنا، وغداً سنرى نتائجها بلا أدنى شكل، وعلى الجميع أن يقتدوا بها، وأن يصرفوا جل اهتمامهم نحو عمل مشابه يخدم المستقبل ويسجل في حسابهم قبل أن يرحلوا، ويصبحوا نسياً منسياً.
غيث حسن