النــاس أجنــــاس..

العـــــدد 9485

الإثنين 9 كانون الأول 2019

 

الناس أنواع فهناك من يأخذون كل شيء ولا يعطون أيّ شيء، وهؤلاء أشبه ما يكونون بمصاصي الدماء الذين لاهم لهم سوى الأخذ ثم الأخذ وحياتهم مملوءة بالأنانية والنرجسية والواحد، منهم يرى أن من حقه أن يمتلك الوجود بأسره وأن الشمس والقمر خلقا له، ويتمنون أن يفنى العالم بعد موت الواحد منهم بدقيقة، فهو لا يُسْتحقُّ من دونهم، أولا يجب أن يبقى من بعدهم.
وأمثال هؤلاء كثر لا حصر لهم وموجودون بيننا، وربما تلاحظ الواحد منهم وجلّ همّه ذاته ونفسه وهو غير مهتمّ ببذل أي شيء حتى لأقرب المقربين إليه، ولولا الالتزامات القانونية تجاه الزوجة والأطفال لما أعطوا ليرة لأحد، وهؤلاء بحق عالة على البشرية ومن الصعب إصلاحهم وتغييرهم نحو الأفضل.
أما النوع الثاني من الناس فهو الذي يعطي كل شيء ولا يأخذ أي شيء وأمثال هؤلاء قلة قليلة ونادرون، ولكن تحلّ البركة والخير والنماء أينما حلّوا، وهم أشبه ما يكونون بالملائكة في حب الخير والإيثار وكأنهم جاؤوا والخير معهم ومنهم وفيهم.
وترى الابتسامة لا تفارق محياهم ولو ألقيت السلام على أحدهم فإنه يرد عليك السلام مع ابتسامة لا ترى لها مثيلاً في العالم، ويعيشون بين الناس ولكنهم ليسوا من طينتهم بل إنك تشعر بأن طينة الواحد منهم من المسك وبأن أخلاقهم فوق حدود الوصف.
ولو قدر لك أن تلتقي أحدهم، فاحرص على صحبته فإن أمثالهم يخالطون الناس بأجسامهم أما أرواحهم فهي سامية نقية.
وهناك الضرب الثالث من الناس وهو الذي يأخذ ويعطي، وهؤلاء هم الكثرة الغالبة وعلى مراتب كثيرة، فمنهم من يأخذ أكثر مما يعطي, ومنهم من يأخذ بقدر ما يعطي، ومنهم من يعطي أكثر مما يأخذ.
ونصيحتي لك أيها القارئ العزيز أن تتجنب الصنف الأول من الناس فلا تصحبه ولا تتأثر بأخلاقه لأنه صنف لا يمثل الإنسانية في أي شكل من أشكالها بل هو صنف استغلاليّ وانتهازيّ ومريض كما لا أنصحك أن تكون كالصنف الثاني من الناس إذ ليس المطلوب منا أن نكون ملائكة وأن نضحي بكل ما لدينا في سبيل الآخرين.
فالمثالية ليست صفة بشرية والإنسان خليط ومزيج غريب ومتداخل من المشاعر والأحاسيس والنوايا بين فرح وحزن وحب وكراهية وخير وشر والأفضل للإنسان أن يكون إنساناً بمعنى الكلمة أي أن يغلب خيره شره وأن يعطي بقدر ما يأخذ ولو أعطى أكثر قليلاً فلا بأس بذلك.
والمهم أن تتمثل فيه صورة الإنسان بكيانه الأميل إلى فعل الخير وبذل المعروف.

لميّ معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار