العدد: 9294
18-2-2019
تقاعدت في عملي، وابتعدت عن تلاميذي الذين كنت أحبهم، فأنا اخترت مهنتي حباً لا عن عبث، وأجمل الأوقات هي التي كنت أقضيها وسطهم ويسعدني لقائي بأي أحدٍ منهم، إذ كثيراً ما سألت عنهم خاصة المتفوقين ماذا درسوا وماذا امتهنوا، شعوري بهم كأولادي الذين أحبهم خاصةً أن أولادي كانوا من بينهم؟.
أتذكر بعض الحوادث، جاءتني معلمة ذات يوم تشكوني ابني في الصف الثاني قلت لهم الإنسان حيوان ناطق فرفع ابنك يده وقال: آنسة أنا لست حيواناً، فضحكت، وأردفت: ما عرفت كيف أوضح له، قلت لها: هنا الاحتيال ضروري، عليك أن تقولي له كلنا كائنات حيّة وكلمة حيّة جاءت منها حيوانات، وللحيوان مثل الإنسان أرجل ويدان وعينان وأذنتان وفم ولسان الخ… وحين عادت المعلمة لصفها لتشرح لهم الفكرة قالت: رفع ابنك يده ثانيةً وقال: آنسة مهما قلت أنا لست حيواناً، فضحكنا معاً.
معلمة أخرى أعطت درساً عن القطار للصف الأول وقالت: إنه يصفر (طوط طوط) بقيت المعلمة معهم إلى الصف الثاني وللصدف كانت لديها مقطوعة نشيد عن القطار فمثلت لهم صوت القطار (تشك، تشك) إلا أنَّ أحد التلاميذ رفع يده وقال: آنسة في العام الماضي قلت لنا صوت القطار (طوط طوط) صفنت المعلمة كيف تكذب عليهم يجب أن تكون معلوماتها دقيقة حتى يصدقها التلاميذ شردت قليلاً ثم قالت: أي صحيح هذا القطار، كبر فتغيّر صوته.
وذات مرّة كنت بالصف الرابع لفت نظري أحدهم يلوك طرف الفولار فقلت له هل أنت جائع، وقف ينفي اتهامي، فقلت ولكن لماذا تأكل الفولار؟
انتبه إليه رفاقه وضحكوا وضحك معهم، كان هذا الموقف إشارة لهم جميعاً عدم وضع طرف الفولار بالفم.
لا أحلى من حكايا الأطفال غير اللقاء بهم، معهم أجد سعادتي وأنسى همومي ما زلت احتفظ بحد ذاتي ببعض قطع البسكوت المغطس بالشوكولا كي أعطيها لأي طفل ألقاه.
مهما كبرت وشمخت تحن إلى طفولتك وإلى من يشاركك الذكريات، الله يحمي جميع أطفالنا الأعزاء ويبعد عنهم الأذى.
وحيدة منى