ما بعــد الضيــق إلا الفـــرج.. الزيادة على الراتب مكرمـة القائــد في الوقت المناسب

العدد: 9474

الأحد: 24-11-2019

 

(بعد أن استعصت وظروفها هالدني، وكفت معروفها وقوت كفوفها، كنت قاعد على قلبها وما قتلتني شدة، وحطيت براسها يا دني مانك قدي) لطالما رددها المواطن السوري وعاند ليكون له بعد طول انتظار، ومكابدة فارس يصول ويجول في معارك المعيشة والأسواق، كرّ وفّر في معاناته تحت سقف ستر الحال، وهو رابط الجأش وسط هول المطالب والأوجاع، مكرمة من السيد الرئيس بزيادة على الراتب، ليعيش حلماً غرد في فضائه حقيقة لا وهم ولا خيال، وتخرج (الزلاغيط) من بيوت الأهل والجيران بوعود وردية مقروءة على الأولاد الذين (نطوا وفطوا وما حطوا) من الفرح، الكل فينا صغيراً كان أم كبيراً هو اليوم مسرور وسعيد، وأصبح بإمكانهم أن يدعوا لعزيمة ووليمة في تبريكات وتهنئات باستقراءات وقراءات دون حسابات ويعودوا لحياتهم الاجتماعية والواجبات بحق الأهل والأصحاب في لمات بمناسبات وغير مناسبات، وليهرع الجميع إلى الأسواق مع سابق ترصد ودون إنذار، فقد جاء الفرج بعد ضيق كاد يبتلعهم فيه غول الأسواق وشبح الحاجة والديون.
* غنى، صف خامس: تأتي من مدرستها مسرعة وتقبل والدتها وتشير لها أنه في المدرسة قالت لهم معلمتهم مبارك لأبويكم الموظفين الأربعين ألف ليرة حينها رفع أولاد الصف أصواتهم وأياديهم للأعلى (هي لينا ..هي لينا) وطاروا فرحاً، غنوا وضحكوا، لكن زميلهم تيم سألها: وماذا عن أبواي غير الموظفين، أليست لنا زيادة؟
ورفيقتها كريستين تخبرنا بأن والدتها كلما كانت تجلس على أريكتها وتعد وتحسب ما صرفت كل يوم وتتنهد وتزفر قائلة الله يجيرنا ويجبر بخاطر الأولاد، ولا يحوجنا لأي كان لم يبق من الراتب إلا القليل، فترد عليها (ماما عم يقولوا فيه زيادة على الراتب) فترد أمها باسمة في وجهها (إن شاء الله ولك ألف ليرة على هذه البشرى)
زميلات والدة غنى في المركز الصحي ذهبن للتسوق لأجل التوفير وخوفاً من هاجس ارتفاع الأسعار والذي لطالما ركب قواربهن دون نجاة، وجلب حاجات البيت والأولاد بعد فرحة اعتمرت قلوبهن بزيادة على الراتب تأتي لهن بكل الحاجات وبعض البحبوحة بما كان بينه قطيعة من رذيلة الحاجة والملذات في استهواء ما هو غير مقدور وعلى حسب الأولويات والضروريات وبات عندهن رفاهية ومن الكماليات كاللحم والفاكهة والحلويات، لكن الواقعة ماذا يجلبن لغداء اليوم والزيادة لم تطأ أيديهن بعد؟ وما العيب أن يتدين من أبو أحمد صاحب السوبر ماركت بجانب المستوصف وهو يعرفهم منذ أكثر من عشرة سنوات وآخر الشهر يمكنهن بارتياح دفع ما يكون في الحساب.
× السيد لؤي، مهندس وزوجته معلمة لديهما من الأولاد ثلاثة في الجامعة يرفع يديه للسماء ويقول: الحمد لله بتنا اليوم نستغني عن الدين والقروض التي أرهقتنا، ووثقت رباط أنفسنا لسنوات عجاف وجفاف، اليوم نستطيع أن نعيش بعض الحلم والأمان، فقد بعت كل ما ورثته عن والدي لأجل تدريس الأولاد، وقريباً يتخرج أولهم (يحيى) من المعلوماتية عسى أن يتوظف ويحيد عنا في مصروفه و(الله يعينا للآخرين) ويساعدنا لنتجاوز هذه الأيام (بزيادة) لا نقصان فيها من ارتفاع أسعار استهلاكياتنا في الأسواق، فتجارنا كما عهدناهم ما إن تأتي زيادة على راتبنا وما كنا نقبضها باليمين لينالوها منا باليسار دون سؤال .
* السيد جمال، مهندس: يؤكد بأن ارتفاع الأسعار لعبة من التجار الكبار الفاسدين والمفسدين والمخربين لحياتنا، وقد زادت الأسعار قبل الزودة بأيام مرتين بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار، ويقول: لولاهم لكنا بألف خير، طلعت الزيادة التي حلمنا بها وكل الشكر لسيادة رئيسنا الحكيم، والذي يعلم بحال الفقراء والموظفين المعترين، لكنها الحرب السوداء التي دمرت كل شيء ويحاول عملاؤها سلب الحياة منا، لكن هيهات.
* أما السيد أسامة وزوجته جامعية لكنها غير موظفة، والذي تقاعد من وظيفته منذ ما يقارب الشهر فقط، وكان قد انتظر سنوات عديدة تلك الزيادة على الراتب كما زميله، ليقدم استقالته ويتفرغ لأعمال أرضه عله يجد فيها النجاة، لكنها جاءت متأخرة وبعد فوات الأوان، يشير أنه (مالو بالطيب نصيب) لكنه حسبها وسيقبض ثلاثة أرباعها والحمد لله مقسم الأرزاق.

* سعاد أم لطفلين تعمل في مشغل خياطة، وتعلم علم اليقين أنها لن يصار لها زيادة على راتبها والذي لا يتعدى (25) ألف ليرة كما غيرها من الموظفين، وهي تعمل أكثر منهم بعدد ساعات يتجاوز العشرة يومياً، فهي ليست مسجلة بالتأمينات وليس لديها سجل وظيفي محكوم بالترفيعات والزيادات والمنحات وتتمنى لو حظيت بوظيفة في الدولة كما غيرها من الرفيقات فهي خريجة علم اجتماع منذ أكثر من عشرين عاماً، ولم يحالفها الحظ في أية مسابقة تقدمت لها رغم أن لديها شهادات بعدة لغات من المعهد العالي للغات في جامعة تشرين وأخرى كمبيوتر وخياطة و.. من دورات تدريبية ومهنية، وفي النهاية كما تقول: الأرزاق بيد الله والحمد لله ومبارك للموظفين هذه الزيادة، لكنها تتساءل ماذا سيكون في أمر بيتها وولديها إذا ما ارتفعت الأسعار؟
* الدكتورة غيداء سليمان، اقتصاد قالت: هذه الزيادة من وجهة نظري عادلة فقد جاءت بالتساوي لذوي الدخل المحدود لا سيما أصحاب الدخول المنخفضة التي لم تكن لتحلم بهذه الزيادة، حيث كانت تأتي الزيادة سابقاً كنسبة من الدخل.
الزيادة بقيمة مطلقة ترفع رواتب الحدود الدنيا إلى حد ما، ولا زالت بالحد الأدنى ولا أعتقد أنها تكفي لتلبية احتياجات الأسرة كاملة، لكنها مقبولة في ظل هذه الظروف التي تعيشها سورية من حرب اقتصادية وعسكرية وسياسية.
ولكن بغض النظر عن قيمتها إلا أنها استطاعة الدولة النقدية بعد حرب 8سنوات وما زالت، وهي مؤشر إيجابي ودليل على أن المواطن هو بوصلة السيد الرئيس حماه الله الذي يشعر بالمواطنين وقساوة العيش التي تعاني منها الغالبية العظمى، لكن الأهم من ذلك كله ألا يتم تضييع فائدة الزيادة وتمييعها من قبل أثرياء الحرب وتجار البلد، لذلك على الحكومة العمل على ضبط الأسواق وضبط الأسعار، فهذا هو الأمر الذي نتخوف منه.
* رغداء سميع خير بك، مرشدة نفسية، أشارت بأنها تلقت نباً الزيادة من أولاد أختها ليصيبها الفرح والسرور، وهي كأي فرد من المجتمع السوري عاشت الضائقة المادية بسبب الحرب الجائرة على سورية، فقالت: تأتي الزيادة بسبب رئيسي وأوحد يطفو على السطح بقوة وهو أن سورية بقيادة القائد العظيم والجيش العربي السوري صانع المعجزات ودماء الشهداء هم من تسببوا بهذه الزيادة، جاءت هذه الزيادة كخط دفاع رديف لانتصارات الجيش السوري على جبهات القتال، وهو تحد كبير للإرهاب وداعميه، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على حكمة السيد الرئيس والقيادة الحزبية إضافة لقوة الاقتصاد السوري، والذي رغم كل هذه السنوات من الحرب لم يقفل أي مصرف في وجه أي مواطن، وما زالت المصارف تمارس عملها وتنمح القروض وتقدم المساعدات لمشاريع صغيرة ومتوسطة وبأقساط شهرية مقبولة، ليعيش بكرامة عزيز النفس كما هو معروف.
وتحدثت عن مردودها على الفرد والمجتمع فقالت: سمعنا ما تفضل به وزيرا المالية والاقتصاد وأفادا بأن الزيادة أدت لفتح ورفع سقف الراتب للعاملين في الدولة بإضافة 11500 ليرة سورية التعويض المعيشي تضاف على الراتب المقطوع لتصبح جزءاً منه ويضاف عليها 20% زيادة للمدنيين والعسكريين، ومن الجميل أنه سنتقاضاها في أول الشهر القادم وسيكون على السنة الجديدة ترفيعة آلية 9% وبذلك تكون الزيادة أكثر من عادية، هذا عدا عن أنه لا زيادة على أسعار السلع والمواد الاستهلاكية ولا حتى المشتقات النفطية، ومن يلحظ ذلك عليه التوجه لجمعية حماية المستهلك أو للإعلام ليصار العلاج، فلا يسكت أحد. إنه الارتياح والشعور بالرضا والانفراج وظهور الابتسامة على وجه المواطن السوري هو تعبير عن شكره وامتنانه لسيد الوطن، كما أن فيها تنشيط لحركة السوق لتقوى قوة الشراء عند الناس وانتعاش السوق بالبيع والشراء ومن ثم تقوية الاقتصاد السوري.
لقد أشار السيد وزير المالية في حديثه إلى أنها ليست الزيادة الأولى والأخيرة، فاستبشروا خيراً أيها السوريين بانفراجات قادمة.
* الدكتور فادي عياش، باحث اقتصادي قال: تأتي مكرمة السيد الرئيس في مرسوم زيادة الراتب للعاملين في الدولة بظرف صعب وحساس فرضته الحرب الاقتصادية الظالمة، والتي تشكل أحد فصول الحرب على سورية، حيث تراجعت القوة الشرائية لليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، ليرتجع معها مستوى معيشة المواطن للحدود الدنيا، وذلك بهدف كسر صموده، وإعادة توظيف ذلك سياسياً ضد الدولة، ورغم الظروف الصعبة وشح الموارد والضغط الكبير على الاحتياطي لتأمين أساسيات الصمود، جاء مرسوم الزيادة بصيغة تحقيق توازن وتصحيح سلم الرواتب والأجور، حيث تراوحت نسبة الزيادة بين 50 حتى 100% بحسب الفئات، وشملت كافة فئات العاملين والمتقاعدين، وهذا بدوره يسهم في تعزيز صمود المواطن وهو الهدف الأهم في هذه المرحلة.
ولكن لاكتمال الغاية المرجوة على الحكومة المضي قدماً بوتيرة وأدوات ناجعة لكبح جماح سعر الصرف، ودعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، وكذلك ضبط الأسواق من حيث الأسعار ومنع الاحتكار ومكافحة التهريب.
جملة هذه العوامل ستساهم في تجاوز هذه المرحلة من الحرب المستمرة وتعزيز صمود الدولة بمختلف مكوناتها، وشعب دفع الغالي والنفيس وصمد سنين، قادر على مواجهة تداعيات الحرب الاقتصادية والنهوض من جديد.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار