متاهـــــــــــات..

العدد: 9472

الأربعاء:20-11 -2019

في خضم بحر الحياة المتلاطم الأمواج، والعاصف بالأنواء يبرز الإنسان ملاحاً متعباً يضنيه التعب، ومع الغشاوة التي تغلف عينيه بسبب دموع الإرهاق، والاستلاب ركضاً باتجاه تأمين لقمة العيش الكريمة له ولأسرته، في وطن صامد تكالبت عليه كل جهات الأرض، ولكن بإصرار من قيادته الحكيمة والشجاعة وحماة دياره، وشرفاء مجتمعه وإخلاص ناسه على النصر وإعادة البناء، الذي يتطلب غيرية أكثر وإخلاصا أعمق ونفوساً وقلوباً أصدق وأكثر شفافية، أكان ذلك على مستوى الأفراد أو المؤسسات. 

وفي علاقة المواطن مع مؤسسات الدولة أو المجتمع على تنوع واختلاف مهامها ومسؤولياتها ستجعله للأسف كذلك البحار الذي فقد البوصلة، فضاع في خضم البحر، أو كذاك المرء الذي تاه في دهاليز الدوائر الحكومية على اختلافها أو مرافقها الخدمية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية حاملاً همومه ومتنكباً أمانيه، ومتأبطاً إضبارته كما لو أنه معقب معاملات، فيتوه أو لعله قد تاه.
ففي البلديات سيفاجأ بالأبواب المغلقة، وستصدمه الإجابة الموحدة في حال وجد الموظف مهندساً أو إدارياً أو حتى مستخدماً (شوف المكتب كذا، وأسأل لجنة كذا) والجواب دوماً تحريك الشفتين بما يشعر بالرد الذي لا يسمن ولا يغني.
وتقودك قدماك إلى السوق وقد هدك التعب، فتفاجأ إلى جانب الغلاء وسطوته وقهر صولجانه منسحباً على جميع المواد غير المقننة والتي تعمل الدولة على تحديد أسعارها.
تحمل راتبك وقبل أن تأتي به إلى المنزل تمارس عليه عمليات الاختزال والطرح والتقسيم، دفع ديون وفواتير خدمية مختلفة وشراء لوازم.. قام التجار والبائعون بوضع السعر الذي يريدون لاسيما السلع والمواد المنتجة محلياً، صحيح أن انفراجاً للأسعار يحدث لبعض المواد ولكن هذا قليل جداً وينسحب على بعض المواد والمنتجات الزراعية الموسمية، وهذا ليس كالبرتقال مثلاً أو بعض الخضار، بينما البقية فماراثون الأسعار يحكمها، ويصاب المواطن بالتوهان، فأين ما يدعى بحماية المستهلك في السوق، ولعلها تقول الضبوط على قدم وساق، وأكثر من أن تحصى.
في مؤسساتنا الصحية ونبدأ بالصيدليات، فأسعار الأدوية حدث ولا حرج، ومعها لن تفيدك كل الباراسيتامول لتخفيف صداعك الناتج عن أسعار الدواء، أما المستشفيات والمراكز الصحية، فخدماتها على عظمتها وجلالها ومشكورة الدولة فهي دون قدرات المواطن المادية في أحيان عديدة، ما يتعبه ويشعره بأنه تائه وقس على ذلك المواصلات حيث باتت المركبة البيضاء وكذلك الخضراء والزرقاء كمفرخة أو كعلبة تجمع وتحتوي فوق طاقتها، وهذا يتطلب من المواطن غيرية نبيلة وإخلاصاً وحماية وتعاوناً لحماية مرافق الدولة، وهذه رسالة وطنية دائمة في رقبة المواطن السوري ولابد أن يؤديها بأمانة، كذا تكون الوطنية.

خالد عارف حاج عثمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار