وقـال البحــــــر…البيئة المعرفية

العـــــدد 9472

الأربعـــــاء 20 تشرين الثاني 2019

 

يتطلب خلق المعرفة بيئة مناسبة يتم فيها مشاركة واستخدام المعرفة فهناك في عملية خلق المعرفة توليد وإعادة توليد للبيئة المعرفية التي يجب أن يتوافر فيها الطاقة والجودة، ولا يستطيع الفرد في هذه العملية أن يكون حراً في البيئة ذلك لأن تلك البيئة الاجتماعية التاريخية ضرورية للجميع فهي تزود العاملين بالمعرفة بقواعد تفسير المعلومات عن الفرد الذي يُعد بدوره القوة الدافعة الأولية لعملية خلق المعرفة، وفي البيئة المعرفية يكون التفاعل مشترك بين الأفراد فيما بينهم أو بين الأفراد والبيئة الخاصة بهم ذات الطبيعة المعقدة والمتناهية في التغيير، لذا يجب تحديد حدود أحداث التفاعل المشترك من أجل مشاركة فعالة ذات معنى للبيئة ومن الأفضل في نفس الوقت أن تظل حدود البيئة المعرفية مفتوحة حتى لا تكون هناك نهاية لإمكانيات وطاقات وقدرات الأفراد مع بيئتهم، ويلاحظ أن مفهوم البيئة المعرفية يتشابه في بعض الأوجه مع مفهوم الجماعات التطبيقية الذين يتعلمون من خلال مشاركتهم في الذاكرة التدريجية للوظائف.
يمكن تعريف عملية إنشاء البيئة المعرفية بأنها التفاعل المشترك للأفراد بشكل مباشر فهي تمثل المكان الذي يشارك فيه الجميع بخبراتهم ونماذجهم العقلية، وعندما يتفاعل الفرد مع الآخرين فهذا يؤدي إلى سلوك الطريق الوحيد للاستحصال على مقدار كبير من ردود الأفعال للتحليل النفسي، ويُمثل إنشاء البيئة المعرفية مكاناً موجوداً في الإحساس أو الشعور وذلك من خلال المشاركة الوجدانية مع الآخرين وتوفير الثقة والالتزام والرعاية التي تشكل حجر الأساس في حقل المعرفة فيما بين الأفراد، ويمكن القول بأن مناقشة البيئة المعرفية تتلخص في التفاعل المشترك الجماعي حيث أنها المكان الذي تتشارك فيه النماذج العقلية وتتحول إلى مصطلحات عامة وأفكار واضحة تتضح من خلال جلسات المناقشة، وتعتبر مناقشة البيئة المعرفية ترسيخاً بصورة أكثر إدراكاً للمفاهيم كما أن اختيار الأفراد مع توليفة المعرفة المحددة والقدرات المتميزة بمثابة العنصر الرئيسي والمحوري في إدارة خلق المعرفة.
تعد ممارسة البيئة المعرفية المتمحورة في التفاعلات التقديرية للأفراد كالشكل المكتوب وبرامج المحاكاة لأن ممارسة البيئة المعرفية يجمع بين التجاوز والانعكاس الذاتي خلال العمل الفعلي، وإن بناء البيئة المعرفية يتم بصورة تلقائية فالإدارة العليا ومنتجو المعرفة يمكن أن يوفروا البيئة المعرفية من خلال تحقيق البيئة المادية المناسبة والمواقع الحقيقية للعمل ويعتبر تشكيل قوة إنجاز المهمة مثالاً نموذجياً لكيفية توفير البيئة المعرفية ولنجاح بناء هذه البيئة يقوم القادة باختيار التوليفة الملائمة من الأفراد وتقوية تفاعلاتهم وهنا من الضروري للمديرين توفير الشكل التلقائي من هذه البيئة المتغيرة بشكل سريع كونهم يتمتعون بحاسة استطلاع واضح للمواقف وقابلية الربط بين البيئات المختلفة فمن المعلوم أن البيئة المعرفية يتم توليدها من خلال الطاقة والقوة وجودة العمليات الاجتماعية، وتزيد الاستقلالية من فرص إيجاد معلومات ذات قيمة لخلق معرفة جديدة، وبنفس الصورة والتشبيه فإن الأفراد في مؤسسات خلق المعرفة تضع حدود لمهامها في الوصول إلى الهدف النهائي.
يثير الاختلاط الإبداعي التفاعل بين المؤسسة والبيئة الخارجية ويساعد على تركيز الانتباه والتشجيع لتخطي كل الحواجز الموجودة ذلك أن اختلاط ذوي الخبرات المتباينة وجهاً لوجه يساعد على تجاوز العقبات الناتجة عن التعليمات المعقدة وأُطر العمل المتعارف عليها، ولذا يجب على المديرين تقديم أوجه الاختلاط الإبداعي داخل البيئة المعرفية في الوقت المناسب حتى لا تصبح المؤسسة أسيرة للفوضى فالمدير الناجح هو مدير موارد بشرية جيد، وبمعنى آخر فالمدير المبتكر سيساعد في تكوين نخبة من المبتكرين والمبدعين للحصول على غزارة في الأفكار ووفرة في الإنجازات وتنوع في عناصر الإبداع.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار