بناء المعهد التقاني الإحصائي …يرتشح ماؤه ومرشـــــح ليكون في الجامعة الأم قريباً مقيــــماً

العدد: 9471

الثلاثاء: 19-11-2019

 

طالب المعــــــهد مظلوم بنظرة المجتمع

خريج المعــــــهد لديه فرص عمل جيدة

الإحصاء علم رائد ومهم وكل مجالات الحياة تســــتلزمه

لك أن تحصي عدد سكان المدينة وريفها وعمل كل منهم وسيرورته وصيرورته، ولك النجوم وابتعادها ومدى شعاع الضوء الذي تبثه لك و.. لكنك ستقعد ملوماً محسوراً ولن تحصي الأيام التي لك فيها أن تصبر بما لا يطاق للإقامة في المعهد التقاني الإحصائي الذي تتسرب فيه المياه وتتكوم من أمام غرفة المدير بسيول تنجرف إلى الطابق السفلي وكأنه الشتاء قدم باكراً، فالبناء قديم وغير صالح للسكن وقد هرم كل شيء فيه، شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وحتى حجارته ليكون المكان بأروقته قد ضيعته السنون، ومع كل هذا الطلاب والمسؤولون في المعهد والعاملون هم في انبساط وانشراح بعد أن أصبحوا لوزارة التعليم العالي تابعين ليعيشوا الحلم وعلى الوعد بانتقالهم إلى أحضان الجامعة وتحت جناحيها يكون لهم البناء والمكان، وليكون لهم ما كان لغيرهم من المعاهد الأخرى القابعة تحت قبة الجامعة الأم فهنيئاً لهم المكانة والمكان ولينزلوا فيه قريباً بسلام.

 

بعد جولة في المعهد الذي ولى عنه الدهر وجاره الزمان وغرفه الضيقة البعيدة عن بعضها وعن جو الدراسة والتعليم اعترتنا فوضى في الداخل ليس فيها مكان لاستجماع الأفكار ورصفها على طريق نجاح ورغم كل ذلك في المغبرة والمرشوحة في خزانات الفنيين والإداريين العمل والدرس جاريان على قدم وساق، وذاك المخبأ في أدراج المقاعد الدرسية وكراسيها الخشبية بما لا يطاق الطلاب يصلون لمراتب عليا وفي آمالهم يحلقون لمتابعة دراستهم ويعلقونها على كلية الاقتصاد بجامعة تشرين.
المهندس منذر اسكيف، مدير المعهد التقاني الإحصائي، أكد بأن مشكلة المياه المتسربة هم يعالجونها اليوم وفي طريقها للحل، فالبناء قديم جداً وكل مشكلة تعترضهم يسارعون لحلها بوقتها كي لا تتأزم، وهم يأملون بالانتقال إلى مباني الجامعة قريباً (يقولها والقلب منه بفرح واطمئنان) بعد أن أصبح المعهد تابعاً لوزارة التعليم العالي وتابع: المعهد بناء قديم جداً ومستأجر منذ الثمانينات، وقد طالبنا عدة مرات بتغيير البناء ونحن نأمل ذلك قريباً بعد أن أتبعونا بالجامعة، لدينا بند للترميم يعطوننا عليه مبالغ زهيدة ضئيلة جداً لا تكفي ولا تفي بالغرض، وأيضاً هو مستأجر ولسنا مخيرين في ترميمه كل حين فلصاحب البناء رأي يمكن أن لا يكون فيه القبول فتكون الواقعة بالمخالفة بالعقد ولكن تبقى المشاكل عندنا قليلة وتحت السيطرة.
المعهد قائم بطابقين: السفلي يشمل على غرف فيها المحاسبة والإدارة والمستودع والهيئة الطلابية ومخبر، والطابق الثاني فيه ست قاعات درسية والامتحانات وشؤون الطلاب والديوان وشؤون العاملين والمدير وأمين المعهد ومخبر بالإضافة إلى أماكن يمكن استثمارها كقاعات درسية عند الحاجة والطلب.
خلال الأزمة لم يكن عدد الطلاب غير 30 فقط، لكنه في هذا العام زاد بمتوالية وأضعاف حيث تقدم إلى المعهد 259 طالباً (علمي) و39 طالباً (ثانوية تجارية)، لكنهم تغربلوا بين التعليم الموازي وغيره من شؤون التعليم والعمل ليبقى منهم فقط 130 طالباً يداومون فعلياً، وهم من جميع محافظات القطر ويبقى طلاب العلمي أقوى بالرياضيات والحاسب أما طلاب التجارة أقوى بالمحاسبة وبالإحصاء.
أما بشأن المنهاج والخطة الدرسية فهي تتغير كل فترة بما يتطلبه سوق العمل وقد تغير في فترة الأزمة مرتين، ولدينا في المعهد اختصاصان فقط هما: حاسوب إحصاء وإحصاء تطبيقي، ويتطلب تغيير المواد أن نقوم باجتماع لمجلس المعهد الذي يضم المدير وأمين المعهد وممثل عن الهيئة التدريسية، ونكون سابقاً قد أخذنا بآراء المدرسين بمفردات المنهاج ومدى حاجتها للتحديث بما يواكب سوق العمل، وكان قد أبدى الطلاب ارتياحهم للمنهاج، وطلابنا 3% يكملون دراستهم في الجامعة بكلية الاقتصاد، وقد وصل بعضهم للدكتوراه.
لدينا في المعهد هيئتان: الهيئة التدريسية وتضم خيرة المدرسين الأكفاء 12 مدرساً يحملون شهادة جامعية خريجو اقتصاد أو هندسة لمن يشتغل في قسم الحاسوب، واثنان في الهيئة الفنية فيها خريجي معاهد . وقد نستعين بمدرسين خارج الملاك لمادة معينة أثر غياب أحدهم لمرض أو أمومة، لنكلف مدرساً من جامعة تشرين بتكليف نظامي ونرفعه من مجلس المعهد ونعتمده من رئيس الجامعة لنغطي المنهاج.

خريج المعهد لديه فرص عمل جيدة حيث لدينا مراكز ودوائر تخطيط وإحصاء في مؤسساتنا، كما أن فرصه في الخارج وفيرة أيضاً وقد نجح الكثير منهم في أعمالهم خارجاً بشهاداتهم المصدقة أصولاً من عندنا ونحن على تواصل معهم، لكن يبقى طالب المعهد مظلوماً بنظرة المجتمع إليه وتوصيفه، ففي دول العالم كافة والتي نهضت علمياً وتصدرت باقتصادها وتطورها قامت على أكتاف طلاب المعاهد المهنية والأيادي المهرة، كما أنه توجد لديهم وزارة للتعليم المتوسط والمعاهد التقانية، نتمنى أن يكون في الإعلام حملة توعية لأجل طلاب المعاهد وليأخذوا حقهم وسط أفراد المجتمع وفرصهم في العمل بالمؤسسات كغيرهم من خريجي الجامعات، فهم لطالما كانوا مرغوبين في الخارج.
مشاكل أو منغصات تتركز في البناء وقدمه بعده يأتي افتقارنا للدورات التدريبية والتعلم المستمر كما الموجود في الجامعة والتي نحن بها حديثي النعمة، وقد رأينا فيها التعاون والسهولة بالرد والإيضاح وديناميكية في التعامل أكثر مما كنا عليه مع المكتب المركزي في دمشق الذي كان فيه البعد للرد في كل طلب وقرار بعد طول مدة وجفاء في فترة الأزمة لكنها اليوم قد وفرت لنا الوقت والجهد ونعالج الوضع خلال فترة قصيرة.
أما عن ربط المعهد بالمجتمع رد الأستاذ منذر بقوله (كان زمان) عندما كان المعهد مرتبطاً بالمكتب لمركزي للإحصاء في دمشق، حيث نسأله عن المشاكل والإحصاءات عسى أن نحظى بها ويكون لنا أن نوفر لها الدراسات خاصة أن في الفصل الثاني توجد مشاريع تخرج ترتكز الدراسة فيها على تلك الإشكالات ولظاهرة معينة مثل الأمراض أو الزراعات وغيرها، ليس بحوزتنا أن نشبك مع المؤسسات والمديريات كأن يكون لمرض السكر وتطوره دراسة إحصائية وتبين الأسباب، لماذا لا تكون لنا هذه السابقة والفرصة وطلابنا ومدرسيهم على أهبة الاستعداد.
من المؤكد بعد الأزمة الشغل في الإحصاء كبير ويأتي على كافة مناحي الحياة، وكل سنة تصدر عن المكتب المركزي للإحصاء مجموعة إحصائية تهتم بكافة مجالات الحياة إحصاءات ( زراعية، مائية، صناعية ..) ترتبط وتصدر عن المكتب المركزي الإحصاء ولها أهمية كبيرة وتعتمد في أماكن كثيرة تحتاج فريق عمل كبير جدا والطلاب فيه مشاركون.
أما الرؤية المأمولة للمعهد يقول عنها الأستاذ منذر: أتمنى ونحاول تجديد مفردات المعهد والخطة الدرسية له ونطمح لتحويل المعهد لمعهد عال للإحصاء يخدم البلد وأهله، فالإحصاء علم رائد ومهم وكل مجالات الحياة تستلزمه فكلما كان فيها المعلومات والإحصاءات الدقيقة متوفرة كان القرار فيها سليماً.
دخلنا أحد الصفوف والدرس فيها قائم وليس عائماً بغير مقاعد الدراسة الخالي أكثرها من الطلاب، لنلتقي بالمدرس غيدق ناصر، خريج اقتصاد أشار أنه يدرس مادة الإحصاء في الفصل الأول ومادة الرياضيات الاقتصادية في الفصل الثاني منذ عام 2015، وقال: يوجد تفاوت في مستوى الطلاب أكيد فنشرح ونفصل ونعود أحياناً لمعلومات صف سابق ليفهم الدرس الجميع، وليتأهلوا لسوق العمل ومتغيراتها التي تتطلب استدراكها واستيعابها باستمرار ولذلك يكون تغيير المنهاج مطلوباً في كل أوان.
طلاب الصف أجمعوا بالقول: القاعة الدرسية فيها الصيف حار، وفي الشتاء باردة لكن المدفأة التي بحوزتهم تقتل شدة الشتاء بمازوت متوفر لهم كما يقولون، ولما سألناهم بأن عددهم قليل وغير ما جاء على ذكره القائمون بالعمل في المعهد والمدير ردوا : بأن أكثرهم غياب فاليوم فيه تسميع واختبار، وجميعهم يطمحون بأن يكون العام القادم في الجامعة وكلية الاقتصاد، عندها يزول عنهم الظلم في حقهم المهضوم ويكون لهم الإنصاف ويحسون به عندما يكون الاعتراف بهم وبهويتهم الأكاديمية ومكانتهم الاجتماعية، خاصة وقد صاروا لوزارة التعليم العالي تابعين ليرتفعوا ويترفعوا منزلة كغيرهم من طلاب الجامعة.

هدى سلوم

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار