كي لا نفقـــد جســـور التواصل مع أطفـــالنا .. كيف يمكننا أن نبني علاقــــة جيــــدة مع الأبنــــاء أســــاسها الحــــوار
العدد: 9467
الأربعاء:13-11-2019
من المعروف أن الطفل يمر خلال مراحله الأولى بمرحلة هامة تساهم بشكل فعال في نموه العقلي والفكري وهي ما يسميها خبراء التربية بمرحلة اﻷﺳﺌﻠﺔ وﺑﻨﺎء المعرفة، فاﻷﺳﺌﻠﺔ عنده ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ اﻟﺤﻀﻮر وإﺛﺒﺎت الوجود وهي ﺑﻮاﺑﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻮﻟﻪ، وأداﺗﻪ في تصحيح فهمه لما يحيط به، وعلى الأهل والمربين الإنصات ﻷﺳﺌﻠﺔ الطفل ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم، إذ يُبني خبراء التربية العلاقة الصحية والصحيحة بين الأبناء والآباء والمربين على مجموعة من الأسس والركائز أهمها الرعاية والاهتمام والحوار والمشاركة و … وبالتالي فإن غياب أحد هذه الركائز – خاصة أسلوب الحوار في التربية – سيؤدي إلى فقدان الكثير من الأساسيات التي يحتاجها الأبناء لتنشئتهم التنشئة الصحيحة، ومن هنا تأتي أهمية اعتماد الحوار كأسلوب تربوي أساسي في العلاقة الأسرية والتربوية، واستقطاب الأبناء للتحاور معهم من خلال بث المحبة وغرسها في نفوسهم.
عن أهمية الحوار بين الآباء والأبناء وعن لغة الحوار المفقودة أحياناً داخل منازلنا، وانشغال كل فرد في الأسرة بحياته الخاصة، جريدة الوحدة حاورت عدداً من الطلاب والآباء والأمهات والمعنيين بشؤون الأسرة، فكانت اللقاءات الآتية..
* الصديق ياسر محمد، الصف السابع قال: نحن كأسرة نعتمد أسلوب الحوار كوسيلة للإقناع وتلبية الاحتياجات، ولوالدتي الدور الأكبر في هذا المجال، فهي تستمع باهتمام لمشاكلنا ومتطلباتنا وتحاورنا بشكل منطقي للوصول معنا إلى حل يرضي الجميع.
* الصديقة تمارا الحسن، الصف الثامن قالت: الأهم في موضوع الحوار داخل منزلنا هو احترام الرأي ومناقشة الأسئلة التي نطرحها والإجابة عليها وتلبية الضروري من بعض المتطلبات التي نقدمها للأهل باعتبار الحوار وسيلة هامة لإيصال ما نريده.
* السيدة مها السيد، موظفة وأم لطفلين قالت: لا يختلف اثنان حول أهمية إقامة الحوار مع الأبناء، وأنه أفضل الطرق التربوية للتعامل معهم، وأقصر الطرق إلى فهم عوالمهم، فالطفل عندما يبلغ سن العاشرة مثلاً، يحتاج الأهل لأن يسمعوا منه مشاكله ومعاناته وصداقاته، أين يذهب؟ ومع من؟ وكيف يقضي أوقاته خارج المنزل؟ ومثل هذه الأسئلة قد لا تصل الى إجابات صريحة من الأبناء الذين تربوا على أساليب الضرب والعقاب، ومن هنا تأتي أهمية الحوار مع الأطفال في سن مبكرة، حتى لو كانت غير واقعية أو غير جدية، المهم أن يعتاد الطفل النقاش والحوار والصراحة، ويعتاد مناقشة والديه في كل شيء.
* السيد الياس ضوا، موظف وأب لثلاثة أطفال قال: لحوار الآباء مع الأبناء أهمية كبرى لما له من دور في تعليم الطفل فن التعامل مع الآخرين خارج نطاق المنزل، كما أن ممارسة الآباء للحوار مع أطفالهم تجعلهم يتعرفون على نقاط القوة والضعف عندهم، وبإمكانهم التعرف عن قرب على المشكلات التي يعاني منها الأبناء وبالتالي بإمكانهم إيجاد الحلول من خلال حديث إيجابي يديره الأب والأم مع أطفالهم، وأهمية الحوار تكمن هنا في وصول الآباء إلى معرفة مستوى تفكير أبنائهم، وبالتالي تلقينهم الأسس السليمة التي تحميهم من الأخطار الاجتماعية أو السلوكية.
* السيدة ناديا خزام، موظفة وأم لطفل قالت: الجيل في هذا الوقت منفتح على الكمبيوتر والتكنولوجيا، ومختلف عن الأجيال السابقة، فهو لا يمتلك لغة التحاور، فكثرة القنوات الفضائية والجلوس أمام الكمبيوتر بالساعات قضى على النشاطات الأسرية المشتركة، وأصبحت لكل فرد اهتماماته الخاصة، وهذا الانقطاع يترك تأثيراً سلبياً في الأسرة، فالأبناء يصبحون قليلي التفاعل مع الأصدقاء، وله أيضاً آثار على مستقبلهم، فيما يتعلق بالمشاعر الإيجابية، ولوسائل الإعلام دور خطير في ذلك فمتابعة الأفلام والبرامج أدى إلى ضعف التواصل بين الأفراد، وهو عامل قوي لقلة الحوار بين الآباء والأبناء.
* السيدة ألما عيد، مرشدة اجتماعية قالت: بلا شك أن انقطاع الحوار بين أفراد الأسرة يولد حياة خالية من النبض والمحبة ويقضي على التفاعل الأسري ويؤدي إلى حالة من العزلة، ويترتب عليها أن الأطفال لا يتعلمون كيفية الحوار والاتصال مع الآخرين والعالم من حولهم، وتكوين علاقات ناجحة، فكلما كان الاتصال بين الوالدين سليماً نخّرج للمجتمع جيلاً قادراً على تحمل المسؤولية.
بقي للقول: إنّ وجود التقنيات المختلفة اليوم التي تجعل الكثيرين قابعين خلف الشاشات وكذلك أسلوب الحياة الحديث المليء بالالتزامات، جعل من الأطفال عرضةً للصمت، لا يُدركون أساليب وفنون الحوار الذي يعد عملية أساسية لتوطيد العلاقة بين أفراد الأسرة، فحاجات الطفل لا تقتصر على الماديّات من طعام وكساء، بل تتعدى ذلك إلى الحاجة إلى تعلم الحياة، والحوار مع الطفل هو أساس مهم لتعليمه طريقة العيش ضمن مجتمعه، فلنزرع بذرة الحوار ولنحيطها بالرعاية والاهتمام الكافي كي تنمو وتكبر في جوٍّ يسوده التفاهم والمحبة والحوار الهادف الفعّال.
فدوى مقوّص