امــــرأة.. من الجـــوري والخــــزامى

العدد: 9467

الأربعاء:13-11-2019


لم تكن سني الحرب وظلمتها أن تسلب بهاء ووهج وجهها الصبوح في الحقول, ولم يكن رحيل رجلها لجبهات القتال أن يقعدها بعيداً عن العمل والتفنن في اجتثاث سبل عيش كريم, لم تمل أو يقترب منها اليأس والقنوط لتندفع إلى أرضها وحقلها وتقلع أشواكها بيدين عاريتين, وتبذر وروداً من أمل وحلم .

السيدة ثناء جعفر، من قرية عين التينة، تعمل بصناعة المقطرات والزيوت والعطور وتعرضها في صالة عرض منتجات المرأة الريفية، أشارت إلى أنه غادر زوجها عائلته وأولاده والحقل والدار, ليكون مع رجال جيشنا الأبطال, ولم يكن بيدها حيلة أو وظيفة تؤمن كفاف يومهم وعيشهم, فالأولاد أربعة يقبعون خلف جدران الحياة, صبرت وتصابرت وغالبت الحاجة والسؤال, فجالت في أرجاء حديقتها لتبصر بعض أحلامها الصغيرة, ومنها بدأ المشوار, حيث قالت:
بدأت عملي بزرع وردة جورية وأخرى من أصل الخزامى, لأصنع من مائها ورونقها وعطرها المقطرات والزيوت والعطور, وتطور العمل ليصل بي الأمر إلى صنع الكريمات الطبية والتجميلية وهي الأكثر مبيعاً هذه الأيام ,هذا ما تطلب زرع المزيد من الورود لأن يصل عددها اليوم إلى عشر وردات (جوري وخزامى) بالإضافة إلى بعض النباتات الطبية والعطرية.
وعند سؤالنا لها كيف لها أن تصنع هذه الحاجيات وهي سيدة ليس لها خبرة بالطب والعلوم, ردت لتقول:
خضت دورات تدريبية في دائرة تنمية المرأة الريفية, وبعدها نلت قرضاً وبدأت أولى خطواتي بالزيوت وماء الورود, وبعد زيادة الطلب عليها واطلاعي على النشرات الطبية في النت والدوريات, كان أن طورت عملي وفكرت بصناعة المزيد من المقطرات والكريمات, وهذا ما تطلب مني بعض الأدوات والماكينات والمواد الأولية الغالية الثمن, وبدأت بالتعامل مع شركة طبية لأحصل على كل الحاجيات والأدوات وحتى العبوات, كانت عروضي قليلة في البداية ولا تتجاوز المبيعات بضع مئات, أما اليوم فتصل والحمد لله لأكثر من راتب موظفة, وأنا جالسة في حرمة بيتي وبين أولادي ألبي طلباتهم وأرعاهم, فزوجي لا يأتي إلى البيت إلا بعد أيام وأيام, وهو يساعدني بعملي في إجازاته ويثني علي, كما الأولاد في وقت راحتهم من الدرس يرافقوني إلى الجبال لقطف الأزهار والأعشاب, لقد ازداد الإنتاج عندي بكل المصنوعات, ووصل صيته إلى أسواق دمشق وحماة, وهو ما يتطلب مني الجهد الكبير وساعات يوم طويل.
واختتمت بقولها: أحب عملي, وهذه الصالة التي وجدت فيها عيش أولادي وكفاف رزقي هي التي تبعث في أوصالي السعادة والحياة, وعندما توصيني بعض النساء على كريم أو غيره من المواد التجميلية والطبية أرى الدنيا بألوان الجبال التي أكتسي بحلتها البهاء, واليوم أعمل على منتج جديد هو تقطير ماء البابونج, أود أن أشكر القائمين على هذه الصالة الذين منحونا فرصة كبيرة للكسب والرزق, فيها النجاة والنصر على جبهات العيش وأيضاً القتال.
صغيرتها هديل التي رافقتها إلى الصالة أشارت إلى أنها تحب مساعدة أمها, حيث تقوم بقطف زهر الزعرور وزج عشبة أكليل الجبل, وترغب بتعلم المهنة, لكن ليس على حساب دراستها.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار