أيكـــون بنطـــال الجـــينز لباســـهن الموحــــد

العدد: 9467

الأربعاء:13-11-2019

لكلّ مكان وزمان لديها صورها الحية بهندام ولباس تطل به ليوم جديد، لباسها في العمل والوظيفة التي سعت إليها بامتياز يختلف تماماً عنه في البيت والزيارات والسهرات، وتختلف فيه عن باقي بنات جنسها حسب الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولكنها في موقع العمل تحديداً تبدو أو تقترب لأن تكون واحدة حتى لو لم يكن اللباس موحداً ويوزع عليهم من الشركات والمؤسسات ولتكون في مهنتها عملية ومنتجة كان عليها أن تجاري لباس الرجال وتستعير منهم (البوط) و بنطال الجينز لتكون على قدر المسؤولية والمهام التي رمت أوراقها والملفات في محفظتها التي تضخمت بأوزان، بعد أن كانت بحجم الكف للنقود والماكياج وشعرها الغجري الذي استطار بها يوماً هو مقيد بأصداف وبكلات، حتى أنها إن أرخته في مجيئها لمكان عملها سرعان ما تشبكه بقلم قد خطت به وسطرت أيامها لسنوات .

ما هو لباسك للوظيفة وهل تغيرينه طوال اليوم ؟ سؤال تكاد الإجابة فيه أن تكون واحدة .
سلوى، موظفة في مديرية الثقافة : أكدت أنها يومياً تأتي ببنطال الجينز وبلوزة قطنية وحذاء رياضي إلى عملها فهو بسيط ولا يحتاج مهارة وتسريحة شعر وكل رفيقاتها ذات المنوال، هي أم لثلاثة أولاد، ومن الصباح الباكر تنهض لتحضرهم للذهاب إلى المدرسة ثم تأتي على ترتيب البيت وتحضير (نصف الطبخة) لتلحق بمهامها كلها بعد الدوام فهي لا تخرج منه قبل الثانية والنصف، ولتسرع في طريقها إليه ولا تتأخر تلبس هذا البنطال والبلوزة أو القميص والتغيير يكون في اللون والتفصيل وقلما يكون لها فرصة التغيير فلا مال يبقى في محفظتها من الراتب الضعيف، كما أن ليس عملها يتطلب منها الشياكة وصرعات الموضة كما للعارضات والبائعات في المحلات ولا اللباس الواحد كما في الشركات الخاصة وعاملات الاستقبال، وحتى أنها إن عادت إلى البيت وكان لها أن تزور والدتها أو صديقتها أو أن تخرج مع زوجها بمشوار فهي لا تبدله يلصق بجسدها وتخرج به بكل ارتياح وأمان .
غيداء مزارعة وتربي النحل: وبدل أن أسألها تسألني وتقول : ماذا يمكن أن ألبس في الأرض الزراعية حيث أزرع أو أنقي الأعشاب من الشتول أو أجني الثمار ؟ بالتأكيد سأرد عليك : بنطال الجينز السميك القماش الذي يقاوم الصدأ والعفونة وبلوزة قطنية وحذاء بساق طويلة لكنها جميعها قديمة بالية وقد ذهب رونقها ولونها وليست جديدة يذهب عليها المال فهي سرعان ما تتسخ بالوحل وغبار طلع الأزهار وغيرها بالمبيدات والسماد، لا مجال للموضة وصرعاتها في عملي ، والفستان لا ألبسه كل عشر سنوات، المناسبات قليلة وقلما يكون فيها المجال لغير البنطال والطويل، كما أني حين أعمل في العناية بالنحل وخلاياه لدي لباس خاص به يقيني شر لسعاته، هذا هو عملي الذي لقيته أمامي بعد أن أورثني والدي هذه القطعة من الأرض ولم أحظى بوظيفة في الدولة مع أني خريجة معهد زراعي ، كل يومي وعلى عدد ساعاته مشغولة ولا أجد وقتاً لتبديل ثيابي إلا حين النوم، أعيش وحيدة في بيتي فزوجي هجرني منذ سنوات وليس لدي أولاد ،وأحياناً قليلة أخرج في المساء إلى بيت أختي أو إحدى الصديقات حينها أرتدي بنطال الجينز فهو أخف في الحركة والسير الطويل.
هناء، ممرضة: تشير أنها ما إن تطأ قدمها باب المشفى وتدخل غرفة الممرضات حتى تنكب للباسها الأبيض والذي يوزع عليهم أحياناً بالمجان، وبالتأكيد جميع رفيقاتها مثلها فهذا اللباس يعرف بها وبوظيفتها ويميزها عن الطبيبة والعاملة الإدارية وغيرها من أهل المشفى والعمليات والتخدير، لكنها بالتأكيد تأتي من بيتها وقد ارتدت بنطال (الجينز) والقميص فهو جداً مريح (كما تقول)، كما أن كل الفتيات مثلها يرتدين الجينز وهو موضة لا تفنى وتليق بكل أعمال السيدات عازبات ومتزوجات، كما أن أسعارها معروفة ومناسبة للراتب، وإذا تغير ليكون قماشاً بقصات وألوان فإن سعره يزداد كما أنه غير مناسب لغير الزيارات والمشاوير، وأظن كما جميعنا أكيد الجينز ليس له مثيل عملي وأجله طويل.
رنا مع رفيقها تمام يوزعان باقات سيريتل ويلبس كل منهما هنداماً بنفس اللون من بنطال كحلي أو (جينز) وبلوزة حمراء .
أناس مجتهدون وباحثون سجلوا في التاريخ إرثهم في الزي واللباس وكانت فيه النساء ومنهن جدتي يرتدين الفستان مع البنطال الأحمر، وليس غريباً أن تكون في هذا اللباس الذي يحميها بصولاتها وجولاتها في معارك الحياة، فهي كانت عاملة ومنتجة ومداومة على أعمال الحقول والزرع والجني والمحصول، و إلى اليوم تواصل بنات جنسها العمل وإن اختلف بأوصافه وصفاته وأوصاله وتقنياته ومعداته ووسائله ومناكبه وأجار عليها الزمان بأعمال وأعمال تفوق قدرتها وطاقات تحملها فإن البنطال هو الأساس والأصل في لباسها والفصل ليس بينها وبين الرجال.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار