العدد: 9466
الثلاثاء: 12-11-2019
تشغل شبابنا قضايا الدراسة والعمل، وتشكل الهم الأكبر لهم جميعاَ بمحدودية الفرص المتاحة أمامهم وقد حملوا الإجازات الجامعية ولم يرضوا يوماً بأقلها بل معظمهم يشق طريقه في الدراسات العليا سعياً للدكتوراه، وأصبحت الشهادة الجامعية لكل منهم محو أمية وليس الدكتوراه حلماً بل لأجل حصولهم على المكان المناسب والمنافس لهم في الفرص والعمل وبشق الأنفس مع ولوجهم في دورات تدريبية ومهنية وتعليمية ولغات ليتقن السبع منها وما يفوق عددها في المهارات وتنمية المقدرات ولتكون سيرته الذاتية بانكشاف وتحت أشعة الشمس البنفسجية والحمراء، يمشي في مناكب الحياة ويحظى بالوظيفة التي يبغيها بالقياس وبالمكيال ولو قدمت له بصحن بلاستيك وليس ذهباً فهو في زمن الاستهلاكيات التي تستهلك منه الطموح ليترك وحيداً يتدبر أمره بمعرفته ومهارته وخبرته.
لم يكن شبابنا يوماً والمحملون بالمسؤولية على أكتافهم والحياة تنبش بدواخلهم ولن يكون كشباب اليونان فأكثر من واحد من بين كل أربعة شباب يونانيين في سن 20-34عاماً لا يعملون ولا يدرسون (وفق أحدث الدراسات والأرقام الصادرة عن المكتب الأوربي للإحصاء (يوروستات) لتحتل اليونان المرتبة الثانية من بين أعضاء الاتحاد الأوروبي وفقاً لصحيفة جريك ريبورتر وتسجل إيطاليا أسوأ أداء في توظيف الشباب والتعليم حيث أن 28% تقريباً من الشباب تتراوح أعمارهم 20-34 خارج سوق العمل ويقل معدل تهميش الشباب في الاتحاد الأوربي بأكثر من عشر نقاط عن الرقم اليوناني أي 16،5%
ريما جراد، بقسم الكيمياء: أكدت أنها تعمل في محل لصيانة الموبايلات، وتجد في وقتها متسعاً لهذا العمل وتجيده خاصة بعد أن تدربت وتعلمت من عدة دورات سجلت لتحسين أدائها ومعرفتها بالتكنولوجيا، تقضي فترة بعد الظهر في المحل بعد أن تكون قد حضرت محاضراتها وإن لم يكن عندها دوام في الجامعة تأتي للمحل منذ الصباح، وهي سعيدة بعملها مع أن والديها لم يشجعاها وليست بحاجة إليه فمصروفها تأخذه بلا انزعاج فهي وحيدة لهما ويتركان لها الحرية في أمرها، لكنها (كما تقول) تشتغل لتملأ وقتها وتحسن معرفتها وتحس بكيانها ووجودها واستقلاليتها فلطالما والدتها تخشى عليها وتخاف أن (تنخزها) شوكة ويعاملاها كقطتهما المدللة، لهذا (وبأعلى صوتها تناشدها وتقول) أن تترك لها المجال لتعبر عن نفسها وتحقق ذاتها وتشغل مساحتها بالعمل والجد، ولن يصيبها إلا ما كتب الله لها، كما أنها غير اتكالية لتنتظر في البيت نصيبها وما يتركه الوالدان.
جعفر، معهد طبي: أكد أنه يعمل بجني البطاطا الحلوة اليوم، وهو على هذه الحال منذ أعوام يقوم بجني المحاصيل الزراعية كلما طلب أحد المزارعين في قريته المساعدة بأجر، كما أنه يعمل في موسم الزيتون بالمعصرة أو بجني المحصول، فهو لا يقدر في كل وقت العمل إذ في البيت والديه ينتظران كما عليه الدوام في المعهد كل حين، والده رجله مقطوعة من السكري ووالدته مقعدة في الفراش، وأخوته متزوجين وبعيدين وليس غيره في البيت، واجب عليه أن يحصل على المال ويصرف عليهما بالإضافة لرعايتهما وتدبير أمرهما لحين عودته، وقد وجد العمل في الحقول صحيح أنه متعب وشاق لكن خيره وفير يسد رمق الحياة فأجرة يوم تتجاوز الثلاثة آلاف ليرة ولا تحتاج لمهارة وعلم غير القوة الجسمية والقدرة على تحمل ظروف الطقس ووهج الشمس، والحمد لله مستورة وماشي الحال.
جوى إسماعيل، كلية الآداب عربي ومتطوعة بجمعية كبارنا: أشارت أنها تشغل وقتها الذي يتسع بالعطل في العمل الطوعي ومساعدة الآخرين خاصة الكبار الذين أفنوا عمرهم في تربية الأولاد والسعي لصنعهم أمهات ورجال، ومنهم من خاب عنده الأمل والرجاء وكان عنهم جفاء، فكان لها فرصة اللقاء بهم ومساعدتهم ومنحهم البسمة وحب الحياة، وقد وجدت نفسها فيه وتحبه جداً بعد أن زرع والديها فيها حب الخير والعطاء، ولا تظن نفسها ستترك هذا العمل حتى بعد تخرجها من الكلية، ويكفيها كلمة (شكراً وابتسامة)
الأستاذ أحمد درويش، اقتصاد أشار لنا ببعض النصائح للحصول على وظيفة بأقرب وقت ممكن حيث يكون ذلك في البحث دون ملل ويأس ليحصل على الوظيفة، اتباع دورات تدريبية لتنمية مهاراته ولغات يتقنها لتكون فرصه أوفر بمختلف الوظائف، ويجب عليه أن يتعلم ويتقن كتابة سيرته الذاتية ويعمل على تحديثها ولإضافتها باستمرار بدورات تعلمها جديدة، كما عليه أن يتعلم الإجابات النموذجية الصحيحة للمقابلات الشفهية والكتابية لأجل أي وظيفة ومسابقة فيها، ويجب عليه أن يعرف الوظيفة التي يجيدها ويريدها ويستفيد من تجارب الآخرين، وأيضاً عليه تقبل وظيفة أتيح له المكان فيها ولو لبعض الوقت وبشكل مؤقت حتى تصله الوظيفة المناسبة فذلك يزيده الخبرة والمعرفة.
* ياسمين ريا، طالبة حقوق مفعمة بحب الحياة والعلم مليئة بالنشاط والحيوية قالت: عملت في سنٍ مبكرة بحثاً عما يسد نفقات العيش والدراسة وتنوعت أعمالي منها في محلات الألبسة وكانت نهاية المطاف أن أستقر عملي في مكتب محامٍ وهنا وجدت نفسي فهذا العمل ضمن اختصاصي فالفائدة مضاعفة إضافة إلى الأجر المناسب الخبرة والإلمام بمعارف المحاماة والمحاكم وأعتبر نفسي في فترة تدريب فعندما أنتهي من دراستي وأحصل على الشهادة أصبح شبه جاهزة وأختصر مسافة طويلة من مسيرة حياتي وجميع من تعاملت معهم كانوا كرماء معي ولم يبخلوا في تزويدي بالمعلومات الهامة وأتابع دراستي بشغف واهتمام والأمل بتحقيق حلم حياتي.
* زياد طالب في كلية العلوم: هناك آثار سلبية وإيجابية للجمع بين العمل والدراسة، ولكن بالعزيمة يمكن التغلب على السلبيات المتمثلة في زيادة الأعباء والضغوط وتعظيم الإيجابيات كتعزيز الثقة بالنفس واكتساب الخبرة، بسبب ظروف أهلي المادية وراتب واحد مع أربعة من أخواتي في المدارس قررت البحث عن عمل وسد مصاريف جامعتي عملت في عدة أماكن بدايةً كانت على عربة قهوة في أحد الأكشاك ومنها انتقلت إلى البيع في محل ألبسة والعمل في تربية النحل وإنتاج العسل كل هذه الأعمال تتناقض تماماً مع اختصاصي ولكن حصلت على فائدة كبرى من خلال تنقلي والتعارف على المجتمع والناس وكيفية التعامل مع الطباع المختلفة.
نور، طالبة هندسة: أعيش في قرية صغيرة ووضع أهلي المادي ضعيف ولا يمكنهم تقديم مصاريف لأجل متابعة دراستي فقررت أن أعمل، ولكن بحكم سكني في القرية والمجالات قليلة للعمل وليس أمامي خيار سوى العمل في الزراعة ففي أوقات فراغي والعطل أساعد أهلي وكذلك أعمل مع الجيران مقابل أجر يساعدني في مصاريف الجامعة ولم أخجل يوماً من عملي لأنني صممت على متابعة الدراسة وتحدي الظروف وزرعت في نفسي (العمل شرف لكل إنسان مهما كان) ففي النهاية سوف أتخرج من الجامعة وأتذكر هذه الأيام بحلوها ومرها والعقبة الوحيدة هي التعب الجسدي لأن أعمال الزراعة تحتاج إلى جهد وتعب وأحياناً أضطر إلى تأجيل بعض المواد ولكن لن أجعلها عقبة وسوف أتابع هذه المسيرة، والشيء الوحيد الذي يواسيني محبة أهلي والجيران وفخرهم بي وأملهم الكبير في حصولي على شهادة الهندسة.
شباب من ذهب لم يجلسوا مكتوفي الأيدي ولم يتركوا أوضاع وأحوال أهلهم الفقيرة تقف عثرة في طريق مستقبلهم بل أعطتهم جرعات تفاؤل ومثابرة والعمل للوصول إلى تحقيق أحلامهم.
هدى سلوم- معينة جرعة