العدد: 9292
14-2-2019
الشعراء متميزون بالذائقة الشعرية لا شك والموهبة، ومعرفتهم أكثر تخصصاً وغنىَ في مجال الشعر، وأقل شمولاً من معرفة الكتاب وتفاصيل تعابيرهم وعملهم النقدي، إذ أنّ رؤية الشاعر الناقد لأعمال الآخرين مؤسسة على رؤيته الإبداعية، فهو عندما يسعى نثراً إلى الغوص في جوهر قضية ما، أو سبر غور مسألة أساسية، كشكل الشعر ونقد بنيته، لا يكون في مقدوره أن يتخلص من أجواء تجربته الخاصة ومعالمها.
إنّ الشاعر يستنفذ ملكته النقدية في مراجعة ما يبدع قبل إظهاره نصّاً لغوياً معداً للتلقي، بينما لا ينجح في نقد ذلك أو نقد إبداع غيره بأدوات النقد العلمي الموضوعي.
إلّا أنّ النظر في تاريخ الإبداع الشعري ونقده يبرز وجود مبدعين فائقين بإبداع الشعر ونقده معاً، لا سيما حديثاً، إذ أنّ كل شاعر مبدع هو ناقد للشعر ما دام مثقفاً ثقافة موسوعية عامَّة، وثقافة شعرية خاصة، إضافة إلى التفاعل المباشر الواسع والعميق مع المجتمع الذي ينتمي إليه.
ويبرز التميّز في كتابات الشاعر النقدية في تقديم رؤيا، تصنع مساراً فنياً جديداً للشعر.
وقد تكون كتابة الشاعر النقدية انتصاراً لوظيفة الشعر والشعراء الاجتماعية، بأن تعيد تلك الكتابة إلى أذهان حقيقية أنّ الشعراء يعدون من حيث استجابتهم المستمرة للاحتكاك مع الحياة أصدق الناطقين باسم العالم الإنساني الشاسع الذي فيه يتحركون ويحلمون.
وفي كتابه «الشاعر ناقداً» يذكر الأستاذ الدكتور فاروق اسليم أنّه كم من أستاذ جامعي ناقد نراه ينظم الشعر، فلا يحرك حسّاً، ولا يوقظ خيالاً، ولا يوجه شعوراً نحو قبح أو جمال في الأرض أو في السماء.
بسام نوفل هيفا