قطــع التبديــل المســـتعملة .. الســـوق « داقــــر » والدخـــلاء كثر أصحــاب السـيـّارات يستغيثون والصــدى يرتدّ في المنطقة الصناعيــة

العدد: 9291

13-2-2019

 

* «اشتريت سيارة مستعملة؟.
* الله يكون بعونك لأنّك ستقضي جلّ وقتك في المنطقة الصناعية».
هذه هي نبرة الحديث الجارية في الشارع السوري، يصمت الاثنان السائل والمجيب صمت العارف بعد سؤال جديد «ماذا يعني هذا؟، فالمنشار يقص «عالطالع والنازل»، لاسيّما لمن كان «غشيماً» بالميكانيك، وفيما عدا ذلك هناك الاهتلاكات الدائمة بفعل الزمن والاستهلاك، إذن أصحاب السيّارات زبائن مداومون في المنطقة الصناعيّة، ولكن الأغلبية لا يمكنها معرفة السعر المناسب والحقيقي لكل قطعة مما يجعلها فريسة سهلة لعمليات الغش والتدليس، لذلك يبحث أصحاب السيارات عن أماكن بيع قطع غيار السيارات الأصلية الجديدة منها والمستعملة، تحظى بثقتهم ثقة
تستورد «دوكما»
لكي نزيد الأمر وضوحاً زرنا المنطقة الصناعية والتقينا عدداً من أصحاب السيارات وبعض ورشات الصيانة.
حيث نوه/ جهاد عثمان/ بأنّ تداول هذه القطع لا يخضع لمعايير السلامة ولا المواصفات القياسية، فقد أصبحت منتشرة بكثافة في كافة الأسواق السورية، وبشكل عام هل خضعت هذه القطع التي نستوردها من الخارج/ دوكمة/ لبنود القوانين الجمركية؟ فهي تأتي بالوزن وتُباع في المحلات بالقطعة حيث يصل سعر أي قطعة لمئات الألوف، مما يجعلها غير منطقيّة والرقابة عليها غير دقيقة، فالكثير منها يشكل خطورة على السيارة وركابها، خاصة إذا كانت متعلّقة بالسلامة، ففي أسواقنا قطع غيار مغشوشة لكثرة انتشارها وجهل مصدرها، فالسوق بات مفتوحاً، ولا يوجد منافسة حقيقية بين التجّار الأمر الذي ينعكس على أسعار قطع الغيار قبل السيارات، ولفت إلى أن عمليات استيرادها يجب أن تخضع لرقابة عالية من قبل الجهات المعنية، فعند طرحها في السوق يجب أن يكون هناك تنسيق واضح بين حماية المستهلك والجهات الرقابية الأخرى لمنع الممارسات الاحتكارية وبيع القطع بعشوائية.
زبائن مداومون في المنطقة الصناعيّة
وحدّثنا/رامح عنيزة/ قائلاً: هناك حالات غش كثيرة في قطع التبديل المستعملة، فعندما كنت أصلح سيارتي طلب الميكانيكي استبدال بعض القطع فيها طالباً شراءها من محل /كذا/، ولكنّي قبل أن أذهب سألت أحد الباعة عن جودة ما أنوي تبديله فتبين أنها بحاجة إلى صيانة فقط وهي بحالة جيدة، فآلية تصليح وبيع القطع لا تخضع لأي ضوابط وخاصة أن غالبية محلات البيع يكون بينهم اتّفاق مع ورشات التصليح كتبديل قطع السيارات.
ومن أبرز أشكال الغش والتجاوزات التي يمارسها بعض أصحاب محلّات المستعمل هي بيع قطع مقلّدة بدل الأصلية لتحقيق أرباحٍ متزايدة، وفي الوقت نفسه لفت نظرنا إلى أنّه يصعب التأكّد من صلاحية المستعمل بصورة كاملة من جهة ولعدم وجود بديل لها في السوق من جهة ثانية، وشدّد على ضرورة أخذ الفاتورة من محلّات بيع غيار السيارات الجديد والمستعمل مهما كانت القطعة وذلك لإمكانية متابعتها وإلزام المحلات المخالفة بتصويب أوضاعها عند التقدّم بشكاوى.
تجّار يسمسرون لبعضهم
ولمعرفة المزيد من الآراء حدّثنا مضر أسد « سائق سرفيس»: يظنّ المواطن أن استهلاك «الميكرو» هو ما ندفعه ثمناً للوقود وتبديل الزيوت والدواليب، لكنّه لا يعي ما نتكبّده من مصاريف في المنطقة الصناعيّة لتصليح الآلية وشراء قطع التبديل، وبالمقابل لا يخفى على أحد الظروف المعيشية التي نعاني منها، فأسعار قطع التبديل حلّقت عالياً وارتفعت أضعافاً مضاعفة وهذه المعاناة تدفعنا للتساؤل أين المشكلة، من المسؤول، فهل يعقل أن نشتري أي قطعة تبديل مستعملة حسب مزاجية التجّار حيث التلاعب بالأسعار والغش؟، وما يزيد الطين بلّة أنّ كل تاجر يختص بنوع معين من القطع، فعندما نذهب إلى محل لشراء قطعة أو منتج يقول لا توجد لدي وتراها في محل / كذا/ ناهيك عن أنّ الأسعار تتنوع حسب القطع والماركات، حيث يمكن أن تحصل على عروض أسعار متعددة للقطعة الواحدة نفسها.

منشار الأسعار يقص «عالطالع والنازل» لمن كان غشيماً بالميكانيك

للرقابـــة إجراءاتهــــا وتســـتعلم عن الفاتــورة عند الشـــك بموثوقيتهــــا

المستوردون يتحكمون بالسوق
لمسنا خلال الجولة تسيّباً من قبل التجار والباعة فكلٌ يبيع على مزاجه بحجج واهية عن ارتفاع الدولار والنقل واليد العاملة تحت ذرائع غير مبررة.
صاحب أحد المحلّات يقول: الحركة ضعيفة في ظل الضائقة المالية التي يعيشها الجميع والتي تدفع أصحاب السيّارات إلى إهمال إصلاح سياراتهم حتى الرمق الأخيرة من عمر قطع التبديل بما ينذر بإيقافها، باستثناء ما هو ضروري، حيث يقومون بشراء القطع المستعملة كونها أصليّة وغير مقلّدة ويتم استيرادها من الخارج وفق شروط وضوابط نظامية، لكن التجّار يتحكّمون بالسوق فيبيعون بأسعار مرتفعة، وأعزو أحياناً الارتفاع الزائد إلى ارتفاع الدولار وأجور النقل والشحن واليد العاملة، فنحن نبيع وفق الأسعار الرائجة، وأنفي أن يكون هناك استغلال أو رفع أسعار عشوائياً من قبلنا نحن أصحاب المحلّات، وأضاف: هناك دخلاء كثر على هذه المهنة همّهم فقط الربح الكبير، وهم من يشوّه سمعة هذه المصلحة علماً أنّ أسعار قطع التبديل تشهد تذبذباً بين الحين والآخر. ونوه/أبو محمّد/ صاحب محل بأن قطع تبديل السيّارات المستعملة تُباع بشكل نظامي وقانوني في السوق لكن هناك مشكلة ترتبط بدخول أعداد كبيرة من التجّار الجدد على هذه المصلحة فهم يعتبرونها مجداً وتجارة ولا يبحثون إلّا عن الربح حتى لو قدّموا بضاعة مغشوشة أو مقلّدة، وحسب رأيه فإنّ ارتفاع الأسعار يعود لتذبذبات البيع والشراء، وسوق قطع التبديل التي تأثّرت بارتفاع الأسعار وقلّة العرض لم تتوقف حركة البيع والشراء فيها، فهناك طلب على القطع المستعملة أكثر من «الصينية» لجودتها ومنشئها الموثوق، وبشكل عام أقول: «لا غنى عن المستعمل كونه أفضل من المقلّد».
المواطن «مغمّض» العينين
بعد كل ما تقدم هذا الموضوع يشغل بال كثير من المواطنين نظراً لأهميته، فإنّه عندما تشتري السيارة لا بد من الأخذ بالاعتبار أنّك سوف تكون بحاجة إلى تغيير قطع غيار سواء كانت جديدة أو مستعملة لذلك يجب معرفة هل قطع التبديل متوفرة أم لا ومعرفة الأماكن والمحلات التي تبيعها بسعر مناسب؟.
وأكّد لنا/ أبو خالد/ صاحب ورشة لتصليح السيارات أنّ الإقبال على شراء المستعمل من قبل أصحاب السيارات أكثر من الجديد نظراً لكونه أصلياً وجيّداً وغير مقلّدٍ من جهة وديمومته أطول من القطع الجديدة المقلّدة، لافتاً إلى أنّ مشكلات قطع المستعمل محدودة، ويمكن أن تتشابه كثيراً مع ما يحدث عند شراء قطع الجديد، لكنّه دعا أصحاب السيارات إلى التأكد من جودة القطع وسلامتها قبل تركيبها، وبنفس الوقت تكثيف الرقابة على محلات قطع غيار السيارات وإكسسواراتها الجديد منها والمستعمل، للحد من حالات الغش والخداع التي يتضاعف احتمال الغش، فبعض المستوردين لا يلتزمون بجودة هذه القطع ويكتفون بقليل من الصيانة قبل البيع.
خمسون مخالفة عدم إعلان عن الأسعار سنويّاً
انطلاقاً من ذلك كلّه أصبح من الضروري البحث عن نقاط الخلل في الرقابة، كون هناك أسئلة كثيرة وكبيرة تُطرح في هذا المجال حول قلّة أو عدم تداول فواتير قطع التبديل وخاصة المستعمل منها، وقد دعا كثيرون إلى ضرورة تفعيل آليات الرقابة التموينية على كافة أنواع قطع التبديل كون هناك مخالفات وتجاوزات وارتفاع كبير بالأسعار، وحول ذلك حدّثنا رئيس دائرة حماية المستهلك المهندس بسّام كامل «سابقاً»، مدير التجارة الداخلية «حاليّاً» الذي قال: دوريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك مهمتها مراقبة جميع أسعار السلع بما فيها قطع غيار السيّارات سواء الجديد منها أو المستعمل، ومن مهام الدوريات التأكّد من جودة قطع الغيار.
وأكّد كامل أنّه يتم اتّخاذ الإجراءات القانونية على محال كثيرة تبيع قطع غيار السيارات المقلدة، ففي كل سنة يتم ضبط أكثر من خمسين مخالفة لعدم الإعلان عن الأسعار وخاصة في المنطقة الصناعية، وحول محلّات قطع التبديل يشير إلى لوائح وضوابط لمراقبة الأسواق والحفاظ على الأسعار بصورة عامة.
فاتورة مستوردة وإعلان عن الأسعار
ومن شروط بيع قطع الغيار أكّد كامل أنّه يجب على البائع أن يكون حائزاً على فاتورة من المستورد ويكون معلناً عن أسعاره، ويجب أن تتطابق الفاتورة مع البيان الجمركي للتأكد من سلامة المنتج.
ولفت إلى أنّ نظام «الفوترة» لم يطبق لدينا في سورية، لذلك يجب على المستورد أن يكون لديه بيان كلفي ومكتبي، حيث يقوم المحاسب القانوني بكتابة بيان علني وبموجب هذا البيان يقوم بإعطاء فواتير، ونحن بدورنا نأخذ الفاتورة من بائع المفرق ونرسل صورة إلى تموين ومنسق لمطابقتها على بيان الكلفة الموجودة. وأضاف كامل: إذا شعرنا بأن هناك سعراً وهمياً نرسل الفاتورة إلى المحافظة المرسلة منها حيث يتم مطابقة الفاتورة مع بيان الكلفة، أما إذا كان هناك شكاوى خطية ننظم ضبوطاً بحق المكان أو المحل المشتكى عليه.
من مفرزات الأزمة أم واقع دائم؟
×ما نعيشه اليوم من فوضى في هذه السوق هل سيتحوّل إلى واقع دائم أم لأنّ من أفرزته هي الظروف الحالية سيزول معها، أم أن أبطاله من تجّار السوق والمستوردين، سيعملون على إطالة أمد عشوائية البيع والشراء بظل غياب الرقابة وارتفاع أسعار ليس مبنياً على أسباب واضحة، فالمواطن يشتكي ويعاني وغيره يكتفي بالمبررات.
فهل هذا يقنع الجهات الرقابية ؟ و هل من حلول مبتكرة، نسأل أصحاب الشأن!

بثينة منى 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار