غياب الإرشاد النفسي في المدارس أسـبابه القريبـة والبعيـدة

العدد: 9442

الثلاثاء-8-10-2019

 

 

كنا نتساءل دائماً ما هو الإرشاد النفسي في المدارس؟ وما طبيعة هذا الاختصاص؟ ما هو الدور الذي يؤديه المرشد النفسي؟ وكل هذه الأسئلة لم نكن نلقى لها جواباً وكلنا نعلم أن هناك مرشدين نفسيين في كل مدرسة، والسؤال هل هذا المرشد النفسي يؤدي دوره المطلوب وهل هناك استجابة من قبل الطلاب؟ وإلى أي مدى ثقافة المجتمع تلعب دوراً في فاعلية هذا الاختصاص أو عدم فاعليته؟

وللوقوف على طبيعة هذا الموضوع وحيثياته كان لنا الاستطلاع التالي مع ذوي الاختصاص من الأكاديميين والمعنيين في هذا المجال.
* الدكتور فؤاد صبيرة أخصائي علم النفس الصحة قال: يتضمن قسم الإرشاد النفسي مجموعة من المقررات تتناول مجالات ترتبط بالتربية وعلم النفس وتخصص الإرشاد النفسي من حيث توجهاته المدرسية, الطبية, الاجتماعية والصحية وغير ذلك وهناك تدريب عملي في السنتين الرابعة والخامسة، فهذا القسم عبارة عن خمسة سنوات دراسية نظراً لأهميته وليكتسب الطالب المهارات اللازمة والتي تؤهله ليكون مرشداً مدرسياً ناجحاً فمخرجات هذه الكلية إلى المدارس ومهمة خريجيها هي مساعدة الطالب في حل مشكلاته السلوكية والنفسية والاجتماعية وغيرها.
وأضاف د. صبيرة: المرشد النفسي مهيأ ليمارس عملة في المدارس ولكن توجد بعض الثغرات التي تعيقه من حيث أخذ الحرية في تطبيق بعض المقاييس والاختبارات إضافة للعدد الكبير الموجود في المدارس، وهناك مشكلة مهمة وهي علاقة المكونات التعليمية الأخرى بالمرشد في المدرسة ومن هنا نؤكد على أهمية إعطاء المرشد الحرية المطلقة في إتمام عمله على أكمل وجه ليستفيد من خلاله الطلبة والزملاء في المدرسة.
ومن بعض المشكلات التي يعاني منها الطالب في المدرسة وعلى المرشد معالجتها والاطلاع عليها التأخر الدراسي، عدم القدرة على التحليل والتركيب كالمهارات العقلية وقد تكون بعض المشكلات نفسية أو حسية فبعض الطلبة يكون لديهم ضعف نظر يقوم المرشد من خلال اختباراته اكتشاف هذا الأمر ويمكن أن يكتشف أموراً أخرى تعوق الطالب من اكتساب المعرفة وهناك أيضاً مشكلات نفسية كالخوف والقلق ومشكلات فيزيولوجية، ففي المدارس الطلاب بحاجة للإرشاد ويجب أن يكون دور المرشد أساسياً ومهماً جداً في المدرسة حيث من الضروري أن يجري المرشد في بداية كل عام دراسات عرضانية وطولانية متتابعة على كافة المستويات ليحفز الطالب على امتلاك جهاز المناعة النفسي الصلب وبناء شخصيته ليكون خالياً مما قد يؤثر عليه مستقبلا لأن كافة المشكلات التي تعالج في وقت مبكر تكون مصانة لمرحلة عمرية متقدمة.
آراء المرشدين النفسيين في المدارس
كما والتقينا عدداً من المرشدين النفسيين للتعرف على طابع العمل في المدارس وكانت البداية مع المرشدة النفسية ديما فقالت: بعض المديرين في المدارس ليس لديهم معرفة بدور المرشد النفسي وأهميته بالنسبة للطالب فيعاملونه على أساس أنه موظف عادي ليس من الضروري أن يمارس مهنته الحقيقية لأن ثقافة المجتمع للأسف تعتبر المرشد النفسي لا دور له وأن المرشد في المدرسة هو وظيفة مريحة فقد يستعملونه لإسكات الطلاب إذا تغيّب أستاذ المقرر مع العلم أنه يجب أن تخصص له حصة أسبوعية ليجتمع في الطلاب ويتحدث معهم فالطلاب بحاجة لمن يتحدثون إليه بأريحية وبحاجة لمن يشكون همومهم له لأخذ النصيحة خاصة في مرحلة المراهقة، ولكن حرية المرشد مقيدة لا يمكنه إتمام مهمته الإنسانية فهو بحاجة لمساعدة المدير والمدرسين في الكشف عن مشاكل الطلبة وحلها بالإضافة إلى ذلك فمن المهم وجود مكتب في كل مدرسة للمرشد لمتابعة الحالات ودراستها وتسجيلها لتكون هذه المعلومات سرية من أجل طمأنة الطلاب وجعلهم يتحدثون بأريحية وأضافت ديما أنه ليس من واجبات المرشد مراقبة الطلاب أثناء الامتحانات ولكن في مدارسنا يستخدم كمراقب لإسكات الطلاب أوقات غياب المدرس فهو لكل شيء في المدرسة إلا للإرشاد ولكن من الأمور الجيدة أنه في الوقت الحالي بدأ يظهر اهتمام الموجهين بالمرشدين فقد أقاموا دورات تدريبة للتعريف على حقوق المرشد وصلاحياته وختاماً: نتمنى تفعيل دور المرشد في جميع المدارس لأنه مهم جداً في الأوقات الراهنة لتنظيف عقول الأطفال من مخلفات الأزمة التي مرت على سورية.

وتحدثت المرشدة النفسية سهير عن دور الإرشاد في مساعدة الطلاب في سنوات دراستهم قائلة: سببت الأزمة التي مرت على سورية كثيراً من المشكلات النفسية والدراسية لدى الأطفال خاصة فهناك أطفال تأخروا دراسياً وأطفال فقدوا عائلاتهم أو شخص عزيز عليهم فدور المرشد النفسي في المدرسة هو سماع معاناة الطلاب وإرشادهم نفسياً وصحياً واجتماعياً للتغلب على الضعف الموجود داخلهم لذلك من الضروري جداً تفعيل دور المرشد النفسي في جميع المدارس وأن تخصص له غرفة وحصة أسبوعية لكل صف وبالإضافة لإخضاعه لدورات تأهيل وتدريب باستمرار فمعالجة حالة الطفل النفسية أهم من أي مقرر آخر في المدرسة فتحسين مستوى تحصيل الطالب لابد من التشخيص الدقيق لنقاط الضعف لديه ومعرفة الأسباب بذلك يمكن وضع العلاج المناسب له.
من ناحية أخرى فالمرشد النفسي مهم في بعض المدارس بحسب مدير المدرسة والكادر التدريسي لأن بعض المديرين لا يعطونه أية أهمية، وكأنه مدرس احتياط وقد يعتبرونه وظيفة مريحة لا عمل لها ولكن المرشد هو أساسي في التعامل مع الطلاب، فحين يتشاجر طالبان في المدرسة يعمد المدير والمدرسون على معاقبتهم وهذا أمر خاطئ لأنه في هذه الحالة من المهم عرضهم على المرشد النفسي لمعرفة الخلل وسبب المشكلة ومعالجتها بطريقة سليمة ولغياب دور المرشد أثر على الطلاب لأن منهم من يعتبر مهنة الإرشاد مضحكة، فالطالب أحياناً يستهزئ من المرشد النفسي وإن أجبره على الحديث معه يأخذ الموضوع باستهزاء ومنهم من يرفض تماماً الدخول إلى غرفة المرشد والتحدث معه ظناً منه أنه أمر معيب، بالإضافة إلى ثقافة الأهل لأننا في بعض الأحيان نصطدم مع أهالي بعض الطلاب الذين يحتجون كون المرشد تحدث مع ولدهم واكتشف مشكلة ما في شخصية فيقولون أن ولدهم أفضل من غيره ويعتبرونها إهانة لهم، لذلك يجب التوعية العامة لأهمية عمل المرشد النفسي وإعطائه الحرية لإتمام مهامه.
رأي الطلاب
استطلعنا آراء الطلاب في المدارس فقال الطالب علي: لا نتردد على المرشدة النفسية في مكتبها وغالباً ما تكون المرشدة بديلة عن معلمة الصف الغائبة وليس هنالك توجيه من المدرسة باللجوء إلى المرشدة النفسية في حال التعرض لأية مشكلة.
الطالبة أميرة قالت: هناك مرشدة نفسية في المدرسة ولكننا عندما نختلف ونقع في مشاكل نحاول حلها دون اللجوء إليها لأننا لم نعتد عليها.
الطالبة لين قالت: عندما اختلفت مع زميلتي واشتدت المشكلة زرنا المرشدة النفسية التي احتضنتنا وحلت لنا المشكلة بتفهم وعندما كنا نتحدث معها شعرنا براحة نفسية لأنها كانت كأم لنا.
الطالبة سارة قالت: لم أتعرض لأي مشكلة تحتاج إلى مرشد نفسي ولكن دائماً توجهني أمي لزيارة مكتب المرشدة النفسية في المدرسة بين الحين والآخر لأنه برأيها دور المرشدة مهم جداً في توعية الطلاب وتقديم النصح لنا.
رأي الأهالي
ريم برهوم أكدت أهمية الإرشاد النفسي في توجيه التلميذ خاصة بعد الأحداث التي مرت على سوريه والتي أثرت سلباً على نفسيات الطلاب لذلك من الضروري تفعيل دور المرشد في المدارس بحيث يؤدي المهمة المطلوبة منه على أكمل وجه.
زينة سليمان قالت: للإرشاد النفسي دور هام في حياة الطالب ولكن للأسف لا يقوم المرشد بدوره المرسوم له هذا من جهة ومن جهة ثانية هناك بعض المرشدين يعينون على هذا الأساس دون أن يكونوا من أصحاب الاختصاص به فحبذا لو أعطي هذا الاختصاص حقه لجني ثمراته في مدارسنا ومع أبنائنا الطلبة.
صبا حمودة: لا أؤمن بالإرشاد النفسي في المدارس لأن الإرشاد يبدأ في المنزل ودور المرشد هو استكمال لدور الأهل ولكن بالنسبة لي تبقى الأسرة هي الحلقة الأهم في بناء شخصية الطالب.

بتول حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار